هآرتس: الإيرانيون بحثوا توجيه ضربة استباقية لإسرائيل

"المشهد الإسرائيلي" – خاص

قالت صحيفة هآرتس، اليوم الأربعاء – 22.10.2008، إن قياديين إيرانيين اقترحوا توجيه ضربة عسكرية استباقية ضد إسرائيل، بهدف منع إسرائيل من شن هجوم عسكري محتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية. وأضافت أن هذه المعلومة حول الاقتراح الإيراني جاءت خلال لقاء مغلق عقده مسؤول إيراني رفيع المستوى مع دبلوماسيين أجانب في لندن قبل أسبوعين. ونقلت هآرتس عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله إن المسؤول الإيراني الذي اجتمع مع الدبلوماسيين الأجانب "وأدلى بأقوال بالغة الحساسية" هو آية الله سيد صفوي، رئيس المعهد الإسلامي للدراسات الإستراتيجية في طهران ومستشار الزعيم الروحي الإيراني علي خامنئي، وأن هذا المعهد تابع لمكتب خامنئي وقيادة حرس الثورة الإيرانية، وهو هيئة استشارية في القضايا المتعلقة بالسياسة الخارجية.

وأوضح صفوي للدبلوماسيين الأجانب أن التهديدات التي أطلقها مسؤولون إسرائيليون رسميون، بينهم وزير المواصلات شاؤل موفاز ووزير الدفاع ايهود باراك، تعزز الموقف في طهران بخصوص الضربة الاستباقية ضد إسرائيل. رغم ذلك أضاف صفوي أن الاقتراح بتوجيه ضربة استباقية ضد إسرائيل "لم ينجح حتى الآن في الاندماج كأساس في السياسة الإيرانية".

ويشار إلى أن صفوي هو شقيق الجنرال يحيى رحيم صفوي، الذي كان قائد حرس الثورة الإيرانية حتى العام الماضي ويعمل اليوم مستشارا عسكريا لخامنئي ويتولى صلاحيات أمنية عديدة. وبحسب هآرتس فإن صفوي قال إن "التصريحات الأخيرة في إسرائيل والأقوال الخطيرة فيما يتعلق بهجوم ضد إيران تشكل ذخيرة بأيدي مجموعة في إيران تحاول دفع إمكانية إنزال ضربة استباقية على إسرائيل".

وأضاف صفوي أن إيران بلورت مؤخرا سياسة رد فعل جديدة في حال هاجمت إسرائيل والولايات المتحدة المنشآت النووية الإيرانية. وأوضح أنه فيما كانت السياسة القديمة تقضي بالرد من خلال هجمات ضد إسرائيل وأهداف أميركية في الشرق الأوسط والعالم كله، فإن السياسة الجديدة هي أن رد الفعل الإيراني سيتركز على إسرائيل ولم يتقرر بعد كيف سيكون رد الفعل ضد الولايات المتحدة وإنما هناك نقاش دائر حول ذلك في جهاز الأمن الإيراني. وقال صفوي أن الكثيرين في قيادة حرس الثورة يعتقدون أنه في إطار الرد على هجوم أميركي ينبغي مهاجمة إسرائيل لأنها ستكون شريكة في كل خطوة أميركية. وقال صفوي إن البرنامج النووي الإيراني غايته سلمية وحسب، وأن خامنئي أصدر مؤخرا فتوى ضد استخدام أسلحة الدمار الشامل رغم أن نصها لم ينشر بعد.

وتطرق صفوي إلى فتح حوار بين إيران وبين الولايات المتحدة والغرب، وقال في هذا الصدد إن القرار الإيراني سيتأثر بنتائج انتخابات الرئاسة الأميركية التي ستجري في بداية شهر تشرين الثاني المقبل، ومن نتائج انتخابات الرئاسة الإيرانية التي ستجري في حزيران المقبل، ومن الوضع الاقتصادي في إيران. ورأى صفوي أن فوز المرشح الديمقراطي للانتخابات الأميركية، باراك أوباما، سيؤدي إلى فتح قناة محادثات مع واشنطن. لكن في حال فاز المرشح الجمهوري جون ماكين فإنه ستتعزز قوة المعسكر المعارض للحوار. وأضاف أنه في حال نشوء أجواء جيدة بعد الانتخابات الأميركية، فإنه من الجائز أن توافق إيران على التراجع عن تصريح رئيسها، محمود أحمدي نجاد، بأن "الملف النووي مغلق" وطرح الموضوع مجددا على طاولة البحث.

ورأى صفوي أن سبب عدم التقدم في المحادثات بين إيران والغرب حول البرنامج النووي هو الشعور السائد لدى القيادة الإيرانية بأن العقوبات قد استنفذت نفسها وأنه لا يوجد خيار لتشديد العقوبات أكثر. ولذلك فإن إيران ستطلب مقابل "ملموس وصلب" من أجل وقف تخصيب اليورانيوم.

من جهة أخرى لم يستبعد المحلل العسكري في هآرتس، عاموس هارئيل، في مقال تحليلي، احتمال أن تكون أقوال صفوي موجهة لإسرائيل على الرغم من أنها قيلت في اجتماع مغلق مع دبلوماسيين أجانب. ولفت هارئيل إلى أنه "إلى جانب الصراع الدبلوماسي المكشوف والاستعدادات العسكرية السرية في إسرائيل ضد البرنامج النووي الإيراني، تدور بين الدولتين حرب تهديدات وتصريحات، وتبدو تصريحات صفوي أنها مرحلة أخرى في محاولات إيران إنشاء توازن رعب وردع مع إسرائيل".

ولفت الكاتب إلى تصريحات مسؤولين رسميين إسرائيليين تضمنت تهديدات ضد إيران بينهم موفاز، الذي قال، خلال حملته الانتخابية على رئاسة حزب كديما، إنه "إذا استمرت إيران في برنامجها لتطوير سلاح نووي فإننا سوف نهاجمها". فيما قال باراك لإذاعة الجيش الإسرائيلي، الأحد الماضي، إن جميع الخيارات بما فيها الخيار العسكري ما زالت موضوعة على الطاولة. كذلك قال عضو الكنيست يتسحاق بن يسرائيل، وهو لواء في الاحتياط وأحد مخططي الهجوم ضد المفاعل النووي العراقي في العام 1981 ومقرب من رئيسة كديمة المكلفة بتشكيل حكومة، تسيبي ليفني، إن "إسرائيل لن تسمح لإيران بأن تحيى مع سلاح نووي. لكن ما زال أمامنا وقت، فالحديث لا يدور عن قصف بعد ثلاثة شهور". وتساءل هارئيل على ماذا يركز الخبراء الإيرانيون عندما يحللون هذه التصريحات الإسرائيلية، على التهديد ب"لن نسمح" أم على التحفظ "ليس الآن".

وقال المحلل الإسرائيلي إن تقديرا حذرا يشير إلى أن "الضرر الذي بإمكان إيران إلحاقه بإسرائيل اليوم محدود جدا، وستضطر إلى الاعتماد بالأساس على ذراعيها الأماميين، حزب الله وحماس، أو الانتظار حتى تتوصل إلى قنبلة نووية بعد سنتين أو ثلاث". وأضاف أن معظم الطائرات المقاتلة الإيرانية هي طائرات أميركية قديمة ورثتها الجمهورية الإسلامية من فترة حكم الشاه. ونقل هارئيل عن الخبير الاستراتيجي الأميركي، البروفيسور أنتوني كوردسمان، قوله في محاضرة ألقاها في إسرائيل في تموز الماضي، إن "عددا قليلا فقط من بين ال300 طائرة مقاتلة التي بحوزة الإيرانيين قادر على الطيران، وهذه الطائرات تنقصها أجهزة طيران متقدمة". ولهذا فإنه ثمة شك كبير في قدرة الطيران الإيراني على اختراق منظومة الدفاعات الجوية الإسرائيلية.

وحول احتمال أن تهاجم إيران إسرائيلي بواسطة صواريخ أرض-أرض طويلة المدى قال كوردسمان إن برنامج الصواريخ أرض-أرض الإيراني ليس متقدما مثلما يخيل للكثيرين، وأن لدى إيران أقل من مائة صاروخ كهذا قادر على الوصول إلى إسرائيل، كما أنه تم إجراء عدد قليل من التجارب على هذه الصواريخ وليس معروفا مدى دقتها. وخلص هارئيل إلى التساؤل حول الفائدة التي ستجنيها إيران من هجوم ضد إسرائيل في الفترة القريبة "إذ أن هذه ستكون الطريقة الأضمن التي ستجعل إسرائيل تهاجم إيران".