تقديرات: أولمرت لن يرشح نفسه لرئاسة كديما

"المشهد الإسرائيلي" – خاص

قال مقربون من رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، إنه لن يرشح نفسه للمنافسة على رئاسة حزب كديما في انتخابات تمهيدية داخلية، تم الاتفاق على أن تجري في أواسط شهر أيلول المقبل. ونقلت صحيفة هآرتس، اليوم الخميس – 10.7.2008، عن أولمرت قوله لمقربيه "إنني أدرك عداء الناخب الإسرائيلي لي. وأرى الاستطلاعات" التي تشير إلى تدني شعبيته إلى حضيض غير مسبوق. ووصفت هآرتس الاتفاق على موعد إجراء الانتخابات التمهيدية في كديما أنه "المرحلة الأولى لإطاحة أولمرت من رئاسة الحزب".

وأوضح مقربون من أولمرت أن الأخير أدرك مؤخرا أنه لن ينجح في تغيير الرأي العام السلبي تجاهه لدى الجمهور. كذلك أدرك أن مكانته داخل الحزب الحاكم في الحضيض، وأنه لن يتمكن من منع الإطاحة به. ويذكر أن المرشحين لرئاسة حزب كديما هم وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، ووزير المواصلات، شاؤول موفاز، ووزير الأمن الداخلي، آفي ديختر، ووزير الداخلية، مائير شيطريت.

ونقلت هآرتس عن وزير من كديما قوله إن "أولمرت أدرك أنه حتى لو قرر المنافسة، فإنه لن يحظى بتأييد لأن أعضاء الحزب يرون وضعه الصعب للغاية في الاستطلاعات، ولا أحد مستعد أن ينهار من أجله. وهو استخدم حتى الآن الحزب كدرع واق له لكن ثمة حدود". ومن جهة أخرى، قال معاونو أولمرت إنه لم يقرر بعد ما إذا سيتنافس في الانتخابات التمهيدية وأنه سيتخذ قراره بهذا الصدد خلال شهر آب المقبل وقبل أسابيع قليلة من إجراء الانتخابات داخل كديما.

وبحسب هآرتس فإن أولمرت معني بتحقيق اختراق سياسي في المفاوضات مع الفلسطينيين أو السوريين، في الوقت المتبقي له في الحكم. وقال أولمرت في اجتماعات مغلقة إنه "ما زالت أمامي مهمات عليّ إنهاؤها، وآمل أن أتوصل لاتفاق مع الفلسطينيين وتحقيق بداية اتفاق، على الأقل، مع السوريين".

من جهة أخرى، توصل أولمرت وليفني، من خلال اتصالات بوساطة رئيس اللجنة لشؤون الحزب في كديما، تساحي هنغبي، إلى اتفاق حول موعد إجراء الانتخابات التمهيدية لانتخاب رئيس للحزب. وستجري هذه الانتخابات بين 14 و18 أيلول المقبل، وفي حال دعت الحاجة لإجراء جولة انتخابات ثانية فإنها لن تتعدى 25 أيلول. ويذكر أن حزبي كديما والعمل اتفقا على استبدال أولمرت من خلال انتخابات داخلية في كديما حتى موعد لا يتعدى 25 أيلول، مقابل عدم سعي العمل لإسقاط الحكومة. وسيقرر مجلس حزب كديما خلال اجتماع يعقده مساء اليوم الموعد المحدد لإجراء الانتخابات التمهيدية.

واضطر أولمرت وليفني إلى تقديم تنازلات خلال الاتصالات غير المباشرة بينهما حول موعد الانتخابات التمهيدية. فقد تنازلت ليفني عن أن يتضمن الاتفاق بندا يقضي بأن يشكل من يفوز برئاسة الحزب حكومة جديدة، وفي المقابل تنازل أولمرت عن مطلبه بإجراء انتخابات أخرى على رئاسة كديما قبل الانتخابات العامة المقبلة. رغم ذلك، أعلن المرشحون لرئاسة كديما أن الفائز سيعمل على تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات التمهيدية مباشرة. وصرحت ليفني وديختر، خلال الأسبوع الأخير، أنه ينبغي على أولمرت الانصراف من الحلبة السياسية بعد هذه الانتخابات. ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم، عن قيادي في كديما قوله "إننا نجري انتخابات من أجل استبدال رئيس الحزب ورئيس الحكومة. وواضح أن كل مرشح سيفوز في الانتخابات سيعمل على تشكيل حكومة جديدة حتى لو لم يكن هذا مكتوبا بوضوح في الاتفاق" بين أولمرت وليفني. وتهدف هذه العملية إلى منع إجراء انتخابات عامة جديدة، قد تؤدي إلى صعود حزب الليكود إلى الحكم بزعامة بنيامين نتنياهو.

لكن الصحف الإسرائيلية لفتت إلى أنه من الجائز أن تتم عرقلة هذه الخطوات. فاجتماع مجلس كديما، اليوم، سيبحث في موضوعين هامين، هما تعديل دستور كديما بشكل يتيح إجراء انتخابات تمهيدية وتعيين موعد محدد لإجرائها. ومن أجل تعديل الدستور ينبغي الحصول على تأييد 50% على الأقل من أعضاء المجلس. وعبر قياديون في كديما عن تخوفهم من إمكانية تغيّب مؤيدي أولمرت بشكل منظم عن اجتماع المجلس وبذلك سيتمكن أولمرت من عرقلة إجراء الانتخابات التمهيدية.

وفي هذه الأثناء يتصاعد الصراع بين أولمرت وأجهزة فرض القانون، الشرطة والنيابة العامة، عبر وسائل الإعلام، وعشية جلسة التحقيق الثالثة مع أولمرت التي ستجري غدا، الجمعة، ومع اقتراب موعد إجراء الاستجواب المضاد مع المليونير الأميركي اليهودي، موريس تالانسكي، المشتبه بمنح رشى مالية نقدية لأولمرت في قضية "المغلفات المالية". ونقلت هآرتس، اليوم، عن ضباط كبار في الشرطة قولهم "سوف نزيل القفازات أثناء التحقيق مع رئيس الحكومة غدا". وبرر الضباط قولهم هذا بأن "رئيس الحكومة تجاوز خطا أحمر وخطرا للغاية. إنه يفكك شرعية جهاز فرض القانون في إسرائيل، المؤتمن هو عليه. ويحاول إرعاب المحققين".

وجاء هذا الهجوم غير المسبوق من جانب ضباط شرطة على أولمرت على إثر انتقادات وجهها المستشار الإعلامي لأولمرت، أمير دان، أمس، وقال فيها إن الشرطة سربت تفاصيل من التحقيق من أجل التأثير على الشاهد المركزي في قضية "المغلفات المالية"، تالانسكي، قبل جلسة الاستجواب المضاد، التي ستعقد في 17 تموز الحالي.

وحققت الشرطة أمس مع الناشطة السابقة في حزب الليكود، شارون تسور، في القنصلية الإسرائيلية في نيويورك. وبحسب ما تسرب لوسائل الإعلام الإسرائيلية فإن تسور كانت حاضرة في لقاءات بين أولمرت وتالانسكي وسلم خلالها الأخير مغلفات مالية لأولمرت. وكانت صحيفة معاريف ذكرت، أمس، أن أولمرت اعترف أمام الشرطة بأنه حصل على مغلفات مالية من تالانسكي لكنه ادعى أنها احتوت على بضع مئات من الدولارات لسد مصاريف إقامة وسفريات لدى تواجده في الولايات المتحدة. ويذكر أن تالانسكي قال في إفادته أمام المحكمة المركزية في القدس، في أيار الماضي، إنه أعطى أولمرت مئات آلاف الدولارات.

ونقلت يديعوت أحرونوت عن مسؤولين في النيابة العامة تعبيرهم عن رضاهم من التحقيق الذي أجرته الشرطة الإسرائيلية في الولايات المتحدة في القضية وقولهم إنه "لدينا أدلة تؤسس لمخالفة رشوة" ضد أولمرت. من جهة أخرى يطالب محامو أولمرت المحكمة المركزية بأن يستمر الاستجواب المضاد الذي سيجرونه مع تالانسكي على مدار خمسة أيام.

ويبدو أن وضع أولمرت أخذ يسوء أكثر مما هو عليه الآن. فقد قررت الشرطة أن تواصل التحقيق مع أولمرت في قضايا فساد سلطوي أخرى يشتبه بضلوعه فيها. ويتوقع أن تحقق الشرطة في الأسابيع المقبلة مع أولمرت في قضية بيته في شارع كريمييه في القدس، الذي يشتبه أولمرت بأنه اشتراه بأقل من ثمنه الحقيقي وباعه لمقاول بأعلى من ثمنه الحقيقي أيضا مقابل منح المقاول امتيازات من بلدية القدس التي كان أولمرت يرأسها. كذلك تعتزم الشرطة التحقيق مع أولمرت في قضية التعيينات السياسية لدى إشغاله منصب وزير الصناعة والتجارة والتشغيل.