تأجيل الانتخابات التمهيدية في كديما يساعد أولمرت

هذا ما يقوله المراسل والمحلل السياسي في صحيفة معاريف، بن كسبيت، لـ"المشهد الإسرائيلي"، ويضيف:

إذا لم يتخذ باراك خطوة حقيقية مرة أخرى فسيتحول إلى شخص يطلق التهديدات وحسب * أولمرت أثبت أنه قائد موضوعي ويصعب عليّ أن أصدق أنه سيشن عملية عسكرية في قطاع غزة من أجل بقائه السياسي

كتب بلال ضاهر:

نجح رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، الأسبوع الماضي، ورغم تواجده في زيارة رسمية في الولايات المتحدة، في لجم حراك، بمبادرة وزيرة الخارجية والقائمة بأعماله، تسيبي ليفني، ووزير الدفاع ورئيس حزب العمل، إيهود باراك، هدفه دفعه إلى الاستقالة من منصبه وانتخاب خليفة له على رأس حزب كديما ليشكل حكومة جديدة، ومنع تقديم موعد الانتخابات العامة. وبهذا كسب أولمرت المزيد من الوقت للبقاء في منصبه، ربما لعدة شهور، أو على الأقل حتى جلسة المحكمة المركزية في القدس للاستماع إلى استجواب مضاد ضد المليونير الأميركي اليهودي موريس تالانسكي، المتهم بدفع رشى مالية لأولمرت، والمعينة ليوم 17 تموز المقبل.

وفي هذا السياق قال المراسل والمحلل السياسي في صحيفة معاريف، بن كسبيت، في حديث لـ"المشهد الإسرائيلي": "صحيح أنه تم لجم الانتخابات التمهيدية في حزب كديما. وقد لجمت على الأقل حتى الاستجواب المضاد لتالانسكي، الذي سيكون على ما يبدو في تموز المقبل. هذا يعني أنه خلافا لرغبة تسيبي ليفني، التي تريد انتخابات تمهيدية الآن، هناك المرشحون الثلاثة الآخرون (الوزراء شاؤول موفاز ومائير شيطريت وآفي ديختر) الذين يفضلون إجراء الانتخابات التمهيدية بعد عدة شهور، بسبب وضعهم في الاستطلاعات، الأمر الذي يؤخر كل عملية انتخاب خليفة لأولمرت. إن هذا الوضع يساعد أولمرت، الذي يحتاج إلى وقت ويأمل أن يحدث شيء، في هذه الأثناء، يساعده على النجاة من القضية".

(*) "المشهد الإسرائيلي": وهل ستوافق الحلبة السياسية الإسرائيلية، حزبا العمل وشاس وأحزاب المعارضة، على الانتظار حتى تموز؟

- كسبيت: "هذا هو السؤال الأهم في هذا الموضوع، لأن ايهود باراك أعلن موقفه بضرورة تنحي أولمرت عن منصبه. والآن إذا لم يفعل شيئا مرة أخرى، فإنه سيتحول إلى شخص يطلق التهديدات وحسب. وبرأيي أن ما سيحدث هو طرح مشروع قانون حل الكنيست وتقديم موعد الانتخابات. وأعتقد أن مشروع القانون هذا سيمر بالقراءة التمهيدية، لأن حزب العمل سيؤيده. لكن بعد التصويت بالقراءة التمهيدية بالإمكان دفن مشروع القانون لشهور طويلة في اللجنة البرلمانية وانتظار ما سيحدث في قضية التحقيق ضد أولمرت ونتائج الانتخابات التمهيدية في كديما. وهناك موضوع قطاع غزة والتهدئة أو شن عملية عسكرية، وهناك أيضا المفاوضات مع الفلسطينيين والسوريين. أي أن هناك أمورا كثيرة يمكن أن تحدث. وفي هذه الأثناء بدأت الحلبة السياسية تتجه نحو انتخابات عامة، علما أن هذا توجه بالإمكان وقفه. لكن التاريخ السياسي الإسرائيلي يدل على أنه عندما تبدأ الأمور بالتدحرج نحو انتخابات كانت دائما تنتهي بانتخابات".

(*) هل تعتقد أن باراك تورط عندما سارع إلى دعوة أولمرت للتنحي عن منصبه؟

- كسبيت: "من الناحية العامة هو لم يتورط، بل حتى أنه كسب بضع نقاط، لأنه يعتبر الأول بين جميع السياسيين الذي أعلن أن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر، وعلى أولمرت التنحي. لكنه تورط سياسيا، لأن حزب كديما يلعب معه الآن لعبة 'بوكر' وهي لعبة تعتمد على من يتنازل أولا ومن يقدم تنازلات في النهاية. فباراك لا يريد انتخابات. وقد ينشأ وضع يضطر فيه لفرض انتخابات رغم أنه لا يريدها، لأنه إذا كان هناك أمر ليس في وسع باراك إظهاره فهو أن يبدو جبانا أو متخوفا أو مترددا. وفي المرة السابقة، عندما كان رئيسا للحكومة، أعلن أمام المعارضة أنه إذا كنتم تريدون التوجه لانتخابات، سنذهب لانتخابات، وخسرها. لذلك فهو موجود الآن، على ما يبدو، في مسار لم يخطط للوصول إليه. لقد خطط أن يطيح حزب كديما بأولمرت. لكن دستور كديما شبيه جدا بدستور حزب البعث في سورية، أي لا يمكن تعديله. وهذا يعني أن كل شيء منوط بنية حسنة من جانب أولمرت. والآن ليست لدى أولمرت نية حسنة للتنازل".

(*) هل ضلل المستشار الإستراتيجي رؤوفين أدلر كلا من باراك وليفني؟

- كسبيت: "أنا لست واثقا بتاتا من أن أدلر سيعمل في الانتخابات المقبلة مع باراك أو مع ليفني. وأنا أراهن على أنه سيعمل في الانتخابات مع رئيس حزب الليكود، بنيامين نتنياهو. وفيما يتعلق بالاجتماع الليلي الذي عقده باراك وتم التسريب منه لوسائل إعلام بأن باراك على وشك توجيه إنذار لأولمرت بأن يتنحى أو التوجه لانتخابات مبكرة، فإني لا أعرف ما هو الدور الذي لعبه أدلر في تلك الليلة وأعتقد أن أدلر أقرب إلى ليفني من باراك، وتسريب النبأ في تلك الليلة خدم ليفني فقط. وباراك دخل في أعقاب ذلك إلى فخ، ومن الجائز أن دماغ أدلر عمل في خدمة ليفني وضد باراك. لأنه ليست لدى أدلر علاقات مع باراك كمستشار استراتيجي، رغم أنهما جاران ويسكنان في بناية واحدة. فلدى أدلر أفكار واضحة جدا. وهو لا يؤمن أنه بإمكان باراك الفوز في انتخابات، وفي المقابل هو مؤمن بأن ليفني قادرة على الفوز في الانتخابات في أوضاع معينة".

(*) وهل تضررت ليفني من دعوتها لأولمرت بالتنحي فيما تسير الأمور الآن باتجاه التريث وعدم إجراء انتخابات تمهيدية داخل كديما؟

- كسبيت: "لا أعتقد أنها تضررت. وضعها في استطلاعات الرأي العام ممتاز، وعندما دعت ليفني أولمرت للتنحي كانت تعلن عن موقف أخلاقي واضح وأعتقد أنها خرجت من ذلك بمثابة 'الأمل الأبيض الكبير' للحزب. والمشكلة هي أنه عندما يكون المرء هو الشخص المفضل الأبرز فإن الباقين يتحدون ضده".

(*) هل ثمة احتمال بأن يخلف وزير المواصلات، شاؤول موفاز، أولمرت، أم أن المقابلة التي أجرتها معه صحيفة يديعوت أحرونوت قضت عليه وأظهرته كمن يوظف القضايا الأمنية لخدمة أهدافه السياسية الشخصية؟

- كسبيت: "أعتقد أنه ما زال هناك احتمال كهذا، لأننا لا نعرف بعد متى ستجري الانتخابات التمهيدية داخل كديما. فإذا جرت هذه الانتخابات بعد ثلاثة شهور أو أكثر فإنه حتى ذلك الحين لن يذكر أحد عنوانا كهذا أو ذاك. لقد ارتكب موفاز أخطاء وتلقى ضربة بسببها. ولا أتحدث فقط عن المقابلة في يديعوت أحرونوت وتهديد إيران، وإنما أيضا عن تصريحاته الغبية خلال جولته في الجولان، الأسبوع الماضي، والقول إنه بالإمكان صنع سلام مع سورية مع الحفاظ على هضبة الجولان بأيدي إسرائيل. وقد تحول بسبب ذلك إلى مهرج بنظر كبار الصحافيين في إسرائيل. من جهة ثانية فإن الأمور متحركة وقابلة للتغير. إن الأمر منوط بموعد إجراء الانتخابات التمهيدية وأيضا بمن سيدعمه أولمرت. وأولمرت سيدعم من يمكن أن يفوز على تسيبي ليفني. وهناك أيضا مصلحة باراك، وهو يفضل أن يفوز موفاز برئاسة كديما. لأنه في حال فوز موفاز فإنه سيكون قادرا على تشكيل حكومة. فقد كسب موفاز تأييد حزب شاس من خلال اتصالات مكثفة أجراها مع هذا الحزب مؤخرا. لكن في حال فازت ليفني فإننا سنتوجه على ما يبدو لانتخابات قريبة وهذا ما لا يريده باراك. هذا يعني أن لموفاز حلفاء من داخل كديما وخارجه ولديه رصيد عسكري، كرئيس هيئة أركان عامة ووزير دفاع سابق. ولا تنسى أن الأمور في المنطقة متحركة، أمنيا وعسكريا، بسرعة".

(*) يوجد تخوف في إسرائيل، وقد عبر عن ذلك عضو الكنيست يوسي بيلين، وفي خارجها أيضا، من أن يقدم أولمرت على القيام بمغامرة عسكرية في قطاع غزة أو مكان آخر بهدف الحفاظ على كرسيه. هل هذا احتمال وارد؟

- كسبيت: "بالإمكان التحدث عن احتمال كهذا. وهذا الخيار موجود. لكن عليّ أن أقول بصراحة إن أداء أولمرت حتى الآن، ورغم كل المشاكل التي واجهها، كان مسؤولا بدرجة عالية للغاية. كان بإمكانه القيام بأعمال كثيرة، مثل اجتياح قطاع غزة وإطلاق سراح 500 قاتل وتحرير غلعاد شاليت وكان بإمكانه نشر تفاصيل الغارة ضد سورية في أيلول الماضي. وقد نجح في جميع هذه الامتحانات. وفي نهاية المطاف، من دون التطرق إلى قضايا الفساد، ومن ناحية المسؤولية العامة الرسمية، أعتقد أن رئيس الحكومة هذا هو رجل موضوعي، ويصعب علي أن أصدق أنه سيشن عملية عسكرية ضد قطاع غزة، وهذه عملية قد ندفع ثمنها بعشرات القتلى، من أجل بقائه السياسي".

(*) في هذه الأثناء يبدو أن حزب الليكود لا يفعل شيئا باستثناء الإعلان عن طرح مشروع قانون حل الكنيست. ونتنياهو تحدث قليلا جدا وقال قبل عدة أسابيع إن على أولمرت الاستقالة وصمت بعدها. كيف تفسر أداء المعارضة؟

- كسبيت: "نتنياهو تحدث بصورة مقتضبة، لأنه كلما تكلم أكثر ستنخفض شعبيته في الاستطلاعات. وهذا ما يُعلمه إياه مستشاروه منذ سنوات. وفي العادة هو ينصاع لهذه المشورات والنصائح لأسابيع معدودة وقليلة، لكن بعد ذلك يعود لإطلاق تصريحات بوتيرة أكبر. من جهة أخرى ليس لدى الليكود الكثير ما يفعله. في هذه الأثناء يلتقي نتنياهو مع عدد كبير من الأشخاص من حزب كديما، بمن فيهم قياديون وحتى وزراء، بهدف إقناعهم بالعودة إلى الليكود. وسيلفان شالوم يبذل جهودا كبيرة لكسب تأييد حزبي شاس والعمل لمشروع قانون حل الكنيست. هناك الكثير من الاتصالات تجري من وراء الكواليس".

(*) بالنسبة لزيارة أولمرت إلى الولايات المتحدة في الأسبوع الماضي، ما الذي حققه في هذه الزيارة؟

- كسبيت: "عادة أنا أسافر معه في زيارات كهذه، لكن هذه المرة لم أفعل ذلك لأسباب خاصة. لكنه حقق أمورا كثيرة في هذه الزيارة. أولا فيما يتعلق بالمقتنيات العسكرية وأيضا فيما يتعلق بالتفاهمات الصامتة التي توصل إليها مع الرئيس الأميركي (جورج بوش) في كل ما يتعلق بإيران. لكن هذا لا يعني أن الولايات المتحدة ستهاجم إيران بعد ثلاثة شهور. لكن يبدو لي أن الزيارة كانت جيدة، كما تم تعريفها على أنها إحدى الزيارات الهامة التي يمكن تخيلها، لأسباب عسكرية هادئة. وكل ما تبقى لنا هو إما تصديق ذلك أو لا".