ليفني دخلت عهد البراغماتية

"المشهد الإسرائيلي" - خاص

كلف الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيرس، رسميا، مساء أمس الاثنين – 22.9.2008، رئيسة حزب كديما ووزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، بتشكيل حكومة جديدة في إسرائيل في أعقاب استقالة رئيس الحكومة، ايهود أولمرت، أمس الأول. وقال بيرس لدى تكليفه ليفني "لقد قررت تكليف عضو الكنيست تسيبي ليفني بمهمة تشكيل الحكومة. وتحدثت قبل مدة وجيزة مع السيدة ليفني، وأكدت بدورها أنها تعي ثقل المسؤولية الملقاة عليها. وأتمنى لها النجاح من كل قلبي وآمل أن تنهي المهمة بأسرع وقت وان تثبت الديمقراطية الإسرائيلية فعاليتها مرة أخرى".

من جانبها قالت ليفني إنها تتحمل "مهمة تشكيل الحكومة بمسؤولية ووعي بالغين". وأضافت في خطاب تسلمها التكليف، والذي بدت فيه أنها تستجيب لمطالب حزب العمل، "أنني مؤمنة بأن إسرائيل بحاجة إلى الاستقرار وليدٍ موجهة. ولأن إسرائيل موجودة في حالة انعدام يقين منذ وقت طويل فإن علينا العمل بشكل سريع" لتشكيل حكومة جديدة. وتابعت أن "الأولوية الأولى الصحيحة بالنسبة لإسرائيل هي وجود حكومة مستقرة تستمر ولايتها حتى نهاية دورة الكنيست الحالية". ودعت ليفني "الأحزاب للانضمام إلى حكومة برئاستي" وذكرت خصوصا رئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو. وقالت "إنني أدعو نتنياهو للانضمام إلى حكومة برئاستي لنعالج معا مواضيع، هو يعرف أنها موضوعة أمامنا بشكل طارئ. وكلي أمل بأن أتمكن من أن أعرض أمام الرئيس حكومة مستقرة تحظى بثقة الكنيست والجمهور في إسرائيل". وأضافت ليفني أن "انتخابات (عامة مبكرة) الآن ستقود إلى عدم استقرار ولن تسمح لنا بمواجهة التحديات الماثلة أمام إسرائيل"، لكنها تابعت قائلة إنه "إذا أيقنت أن الثمن الذي سأضطر إلى دفعه من أجل أن أعرض حكومة سيكون غاليا فإني سأقود إلى انتخابات".

وسيكون أمام ليفني 28 يوما لتشكيل حكومة والرئيس الإسرائيلي بتمديد هذه الفترة لمدة 14 يوما أخرى. وفي حال لم تنجح ليفني في تشكيل حكومة جديدة خلال هذه المدة فإن الرئيس الإسرائيلي مخول بتكليف عضو كنيست آخر بتشكيل حكومة وفي حال عدم نجاحه في ذلك خلال 28 يوما سيتم حل الكنيست والتوجه لانتخابات عامة جديدة.

وبدأت ليفني عملية تشكيل حكومة جديدة برئاستها فور ظهور نتائج الانتخابات الداخلية في حزب كديما وفوزها فيها، يوم الخميس الماضي. ويعتبر حزبا العمل وشاس، الشريكان في التحالف الحكومي الحالي، مفتاح تشكيل الحكومة المقبلة برئاسة ليفني. والتقت ليفني يوم الخميس الماضي مع رئيس حزب شاس، الوزير ايلي يشاي، وأمس الأول، الأحد، مع رئيس العمل ووزير الدفاع، ايهود باراك، واستمعت منها إلى مطالب الحزبين للانضمام إلى حكومة برئاستها.

وطالب يشاي ليفني بزيادة مخصصات الاولاد وعدم إجراء مفاوضات مع الفلسطينيين حول القدس، فيما طالب باراك بأن يتم تشكيل حكومة مستقرة تبقى لمدة عامين حتى الموعد الرسمي للانتخابات العامة في تشرين الثاني من العام 2010 وبإقالة وزير العدل دانيئيل فريدمان، أو أن يكون لدى العمل حق الاعتراض على قراراته..

ويبدو أن باراك بات مقتنعا بأن ليفني ستنجح في تشكيل حكومة وان حزب العمل سيكون شريكا فيها. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن باراك قوله خلال كلمة ألقاها أمام مؤتمر النقابات النسائية "نَعْمَت" التابعة للهستدروت في تل أبيب، أمس، إنه "على الرغم من أن مكانة المرأة في المجال السياسي متأخرة، لكن بودي القول لمن لم ينتبه أن امرأتين ترأسان سلطتين (القضائية والتشريعية) من السلطات الثلاث ومن يعلم، ربما ستتولى امرأة رئاسة السلطة التنفيذية" في إشارة إلى ليفني.

وأشار محلل الشؤون الحزبية في صحيفة هآرتس، يوسي فيرطر، في مقال نشره اليوم الثلاثاء، إلى أنه "الآن وبعد أن تم تمرير الدفعة الأولى علنا، ستضطر ليفني وباراك إلى الجلوس للاتفاق على التفاصيل، وهناك يتواجد الله والشيطان. وسيطلب باراك شراكة كاملة، تكاد تكون (حكومة) برأسين، وتعديل الموازنة قبل نهاية المفاوضات الائتلافية، وإقالة أو لجم وزير العدل دانيئيل فريدمان، أو حتى حق الاعتراض على قراراته".

ورأى فيرطر أن "لفني ستضطر إلى اتخاذ قرار حول مدى التنازلات التي ستقدمها من أجل تشكيل حكومة". ولفت الكاتب إلى أن قولها إنه "إذا أيقنت أن الثمن الذي سأضطر إلى دفعه من أجل أن أعرض حكومة سيكون غاليا فإني سأقود إلى انتخابات" موجه إلى آذان منتخبيها وليس أكثر من ذلك. وأضاف فيرطر أن ليفني "لم تعد مصرة على عدم فتح اتفاقيات ائتلافية. وهي لم تعد تقول، وثمة شك فيما إذا قالت مرة، أن فريدمان يجب أن يبقى وزير العدل. ليفني دخلت عهد البراغماتية. وأيام البراءة أصبحت وراءها. ومنذ اليوم أصبحت تتاجر وتبيع، وتفاوض".

من جانبه رأى المحلل السياسي في صحيفة معاريف، شالوم يروشالمي، أن "ليفني مررت بخطابها (أمس) رسالتها الأساسية إلى ايهود باراك، الآخذ بالظهور على أنه العقبة الأساسية والمستغربة في الطريق أمام تشكيل تحالف". وأضاف أن "ليفني، التي تريد تشكيل حكومة فورا والبدء بالعمل، لم تفهم على ما يبدو ما الذي يفعله باراك (الذي بادر إلى الإطاحة بأولمرت وانتخاب رئيس جديد لكديما ليشكل حكومة جديدة)، باستثناء أنه يشجع شاس على رفع الثمن (مقابل انضمامه للحكومة)".

واعتبر يروشالمي أن "ليفني لن تستمر في إجراء هذه المفاوضات لأكثر من عشرة أيام. وإذا ارتفعت الأثمان واستمرت الألاعيب الزائدة فإنها ستأخذ المؤسسة السياسية نحو انتخابات، ولا مشكلة لديها في ذلك". وتابع يروشالمي أن "ليفني ستتخذ قرارها بالتوجه للانتخابات في اللحظة التي تدرك فيها أن المفاوضات لا تتقدم، من جهة، وتسبب لها أضرارا انتخابية من الجهة الأخرى".