انتخاب ليفني: بين تشكيل حكومة واتفاق سلام

"المشهد الإسرائيلي" - خاص

هناك سؤالان أساسيان يطرحهما العرب، وخصوصا الفلسطينيون، على إثر انتخاب وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، لرئاسة حزب كديما: الأول، هل ستنجح في تشكيل حكومة بديلة لحكومة ايهود أولمرت من دون انتخابات عامة؟؛ والثاني، في حال نجحت بتشكيل حكومة، هل تعتزم التوصل إلى اتفاق سلام في المنطقة؟.

وفي السياق الثاني، عملية السلام، ترك أولمرت من ولايته المنتهية قريبا، في غضون أسابيع أو شهور، إرثا مؤلفا من مسارين: "اتفاق مبادئ" أو "اتفاق رف" مع الفلسطينيين، اعتبر أولمرت أنه لا يمكن تطبيقه في هذه المرحلة، وعلى الأغلب أن ليفني تحمل أفكارا مشابهة لأفكار اولمرت، واتفاق سلام مع سورية، يبدو، حتى الآن، أن ليفني ستهمله. أما في السياق الأول، احتمال تشكيل حكومة، فانعدام الوضوح هو سيد الموقف، غداة الانتخابات الداخلية في حزب كديما ومع ظهور نتائجها النهائية التي دلت على أن ليفني فازت على منافسها، وزير المواصلات شاؤول موفاز، بفارق ضئيل جدا[اقرأ عن ذلك في مكان آخر]، إضافة إلى أن موقف رئيس حزب العمل ووزير الدفاع، ايهود باراك، ليس واضحا وهو لم يتصل بليفني لتهنئتها بينما رئيس حزب شاس، الوزير ايلي يشاي، الذي وضع أمامها عراقيل ونثر تهديدات، قبل يوم الانتخابات، اتصل بها وهنأها.

إن المهمة الأولى الماثلة أمام ليفني الآن هي محاولة تشكيل حكومة في بحر من الصعاب والعراقيل. وستكون في خلفية العمل على تنفيذ هذه المهمة، كما أجمع المحللون في الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم، الخميس 18.9.2008، حقيقة أن قرابة 17 ألفا فقط، لا يشكلون نصفا بالمائة من سكان إسرائيل، انتخبوا رئيسة حكومة. وحتى أن محللة الشؤون الحزبية في صحيفة يديعوت أحرونوت، سيما كدمون، أشارت إلى أنه "سيصل عدد أكبر من الأشخاص لحضور حفل بول مكارتني (نجم في فريق البيتلز) في تل أبيب من عدد أولئك الذين كلفوا أنفسهم الحضور إلى صناديق الاقتراع لانتخاب من يمكن أن تصبح رئيسة الحكومة القادمة".

وأضافت كدمون أنه "علينا ألا نخطئ، فالفوز لا يضمن لليفني رئاسة الحكومة، وستواجه فترة مقبلة ليست سهلة. وسيتعين عليها الاختيار بين إمكانيتين: استغلال الفوز والركوب على موجات النجاح والتوجه لانتخابات عامة أو استغلال الفرصة وتشكيل حكومة بديلة".

ورأت كدمون أن مشكلة ليفني في تشكيل حكومة بديلة ليست حزب شاس الذي يطالب بزيادة مخصصات الأولاد، لان هذا الحزب قد يتراجع عن مطلبه عندما يرى ليفني تشكل حكومة وهو لا يريد البقاء خارجها خصوصا أنه لا يريد التوجه لانتخابات مبكرة. واعتبرت أن مشكلة ليفني هي حزب العمل. إذ ليس واضحا بعد ما الذي يريده زعيم العمل، باراك، الذي طالب قبل الانتخابات بتشكيل حكومة طوارئ قومية أو التوجه إلى الانتخابات، رغم أنه لا يريد انتخابات مبكرة وكان المبادر لإجراء الانتخابات الداخلية في كديما.

من جهة أخرى، رأى محلل الشؤون الحزبية في صحيفة هآرتس، يوسي فيرتر، أن ليفني تدرك مدى أهمية تولي رئاسة الحكومة حتى الموعد الرسمي لانتهاء ولاية الكنيست الحالية في نهاية العام 2010 من أجل أن تنافس فيها رئيسي حكومتين سابقين، هما باراك ورئيس الليكود، بنيامين نتنياهو. وأضاف أن ليفني وقعت في شرك، "هل ستوجهها 'السياسة النظيفة' و'المختلفة' اللتين تتفاخر بهما وإجراء مفاوضات ائتلافية خالية من الرضوخ لمطالب الأحزاب، أم أن كرسي رئيس الحكومة، الذي يستدعيها ويغريها، سيتسبب بأن تسير في طريق عدد من سابقيها" في رئاسة الحكومة الذين رضخوا لابتزاز الأحزاب.

وعلى صعيد العملية السياسية في المنطقة رأى المحلل السياسي في هآرتس، ألوف بن، أن ليفني ستركز في هذه الناحية على المفاوضات مع الفلسطينيين فقط. وكتب بن على لسان ليفني "أني هنا بسبب الهدف الأهم، وهو دولة يهودية وديمقراطية. لذلك فإني أؤيد إقامة دولة فلسطينية، شرط أن تكون الحل القومي لجميع الفلسطينيين مثلما إسرائيل هي الحل القومي لجميع اليهود". أي أن ليفني سترفض التوصل إلى أي حل حول قضية اللاجئين وحق العودة. وأضاف بن أن ليفني تقول هذه الأقوال ذاتها في الاجتماعات المغلقة.

لكن الصحافي غدعون ليفي رأى في مقال نشره في هآرتس أن ليفني لن تتمكن من تحقيق شيء في المفاوضات مع الفلسطينيين. وكتب أن "القلب يريد أملا، لكن العقل يعرف أن هذا الأمل سيتبدد". وأضاف أن "ثمة شكا كبيرا حيال ما إذا كانت ابنة هذه العائلة المقاتلة تسيبي ايتان ليفني، التي رضعت حليب أرض إسرائيل الكبرى في صباها، قادرة على تحقيق ما نحن بحاجة له لغاية الآن، وهو قفزة كبيرة جدا فوق الهاوية". وتابع "لماذا علينا أن نصدق أن رئيسة الحكومة ليفني ستكون أجرأ من وزيرة الخارجية والعدل واستيعاب الهجرة ليفني؟ لماذا نفكر أن ما لم تجرؤ على فعله حتى الآن، ستفعله الآن؟ فقط لأنها مُسحت بأن تكون رئيسة حكومة؟". لكن ليفي لا يفقد الأمل وكتب أنه "من الجهة الأخرى، فإن أحدا لم يتوقع أيضا خطوات كبيرة من جانب فريدريك دي كليرك الجنوب أفريقي (الذي أنهى نظام التفرقة العنصرية) أو من ميخائيل غورباتشوف السوفييتي وانظروا إلى أين أخذا شعبيهما". وخلص ليفي إلى أن "الزمن ضيق للغاية ولذلك، باسم الرب، فاجئينا يا ليفني".