ليفني ستبحث عن السلام أكثر من أي شيء آخر

هذا ما قاله عضو مركز كديما والقيادي في فرع حيفا، رجل الأعمال إسحق ريغف، للمشهد الإسرائيلي * وأضاف: آمل أن لا نكون مضطرين لاتخاذ قرار بسبب عدم انتخاب ليفني لرئاسة كديما لأنه سيكون قرارا صعبا للغاية


كتب بلال ضاهر:

تجري، غدا الأربعاء- 17/9، الانتخابات الداخلية في حزب كديما لانتخاب رئيس للحزب. وتشير التوقعات إلى أن الرئيس الجديد سيبدأ فور انتخابه بالعمل على تشكيل حكومة بديلة للحكومة الحالية، خصوصا وأن رئيسها، ايهود أولمرت، أعلن أنه سيستقيل من منصبه فور انتخاب رئيس للحزب. وهناك أربعة مرشحين يتنافسون على رئاسة كديما هم وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، ووزير المواصلات، شاؤول موفاز، ووزير الأمن الداخلي، آفي ديختر، ووزير الداخلية، مئير شيطريت. وتشير استطلاعات الرأي المنشورة في الآونة الأخيرة إلى أن ليفني هي المرشحة الأوفر حظا للفوز برئاسة كديما. كذلك تدل الاستطلاعات على أن شعبية ليفني بين الجمهور الإسرائيلي عموما أكبر من شعبية أي من منافسيها، ولذلك تتنبأ الاستطلاعات بأن كديما سيتمكن من الفوز بأكبر عدد من المقاعد في حال ترأسته ليفني.

من جهة أخرى، فإن الاستطلاعات تظهر موفاز على أنه الخصم الأقوى لليفني. لكن شعبيته في الشارع الإسرائيلي منخفضة ولن يحقق لكديما تمثيلا واسعا في الكنيست، مثلما يتوقع أن تحققه ليفني. لكن من الجهة الأخرى، وبعيدا عن استطلاعات الرأي، تشير تقارير صحافية عديدة إلى إمكانية أن تكون نتائج الانتخابات الداخلية في كديما معاكسة للاستطلاعات. أي أن يتمكن موفاز من الفوز على ليفني، بسبب وجود جهاز تنظيمي كبير يعمل إلى جانبه ويؤيده. ويلاحظ مؤخرا أن قسما كبيرا من صور موفاز التي تظهر في الصحف الإسرائيلية، يكون فيها إلى جانب أشخاص عرب. فهو يدرك أن التصويت في الوسط العربي يكون على أساس حمائلي. وهذا على الرغم من وجود طلب لدى المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية، مناحيم مزوز، بإجراء تحقيق ضده للاشتباه بارتكابه جرائم حرب ضد الفلسطينيين خلال الانتفاضة الثانية.

ويتوقع محللون إسرائيليون أن لا تنجح ليفني، في حال انتخابها رئيسة لكديما، في تشكيل حكومة بديلة، وأن ستتوجه لانتخابات مبكرة، بسبب رفضها الرضوخ لمطالب من أحزاب التحالف الحكومي، التي تتوقع أن ستتمكن من إحراز مكاسب شخصية مع تشكيل حكومة جديدة. أما موفاز، فقد أجرى اتصالات مع رؤساء الكتل الحزبية الشريكة في التحالف الحالي، وخصوصا مع حزب شاس، ويبدو أنه توصل لاتفاقات مع هذه الأحزاب، بما في ذلك حزب العمل، كون هذه الأحزاب ليست معنية الآن بالذهاب لانتخابات مبكرة، يرجح أن تفقد فيها من قوتها. ويبدو أن ليفني ستنسحب من كديما في حال خسرت رئاسة الحزب. وهذا ما يؤكده، على الأقل، عضو مركز كديما والقيادي في فرع الحزب في حيفا، رجل الأعمال إسحق ريغف، في حديث لـ"المشهد الإسرائيلي".

(*) "المشهد الإسرائيلي": ما هو الوضع داخل حزب كديما؟ وإلى أي مدى تعكس استطلاعات الرأي التي تنشرها وسائل الإعلام في إسرائيل الواقع في الحزب؟

- ريغف: "ينبغي أن أشير بداية إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إجراء استطلاعات رأي داخلية في حزب كديما، لأن هذه هي المرة الأولى التي تجري في الحزب انتخابات داخلية. فهو حزب جديد أقيم قبل ثلاث سنوات فقط. ولذلك فإن جميع معدي الاستطلاعات يخشون أن لا تكون نتائج استطلاعاتهم صحيحة. لكننا نقف اليوم أمام أمرين، الأول هو أن تسيبي ليفني تتفوق في استطلاعات الرأي، فيما الأمر الثاني هو أن شاؤول موفاز يتفوق ميدانيا. وأنا أقول إن كل الحديث، الجاري الآن، عن وجود أجهزة حزبية قوية في هذا المعسكر أو ذاك ليست دقيقة. فالناس اليوم حرة أكثر من الماضي، ولا أحد يخاف من قول موقفه ومن يؤيد، ويذهبون للتصويت في صندوق الاقتراع ويصوتون بحسب توجهاتهم. وفي تقديري أن أعضاء حزب كديما يعون أن التي في إمكانها إنقاذ الحزب، وربما أيضا إنقاذ الشعب، هي تسيبي ليفني. رغم ذلك فإني أعتقد أن هناك أربعة مرشحين جيدين. وأنا سعيد لأن الجمهور يفضل ليفني على غيرها من المرشحين. وأنا أقول هذا الأمر لأعضاء كديما، أن لا تسيروا في الاتجاه المعاكس لرغبة الشعب. فإذا كان الشعب يريد تسيبي ليفني فإن علينا، كأعضاء في كديما، أن ندعمها. من جهة أخرى يعرض موفاز، والمقربون منه، تجربته العسكرية كونه رئيس أركان ووزير دفاع سابق. أنا أقدر هذا وقد فعل الكثير من أجل إسرائيل، لكن علينا أن نتذكر أن الناس يبحثون اليوم ليس عمن سيصنع الحرب المقبلة، والتي قد تكون ناجحة جدا، وإنما من سيصنع السلام الناجح. ولهذا فإن الناس سيفضلون من سيصنع السلام على من سيصنع الحرب الناجحة".

(*) لكن ما يحسم الانتخابات ميدانيا هو المعسكر الذي يحضر أكبر عدد من المصوتين إلى صندوق الاقتراع. فما هو الوضع من هذه الناحية، هل توجد لدى ليفني قوة وجهاز منظم لإحضار أعداد كبيرة من المصوتين؟

- ريغف: "نعم لديها القوة. لديها أعداد كبيرة من المتطوعين والمؤيدين. ورغم الادعاء بأنها لا تملك جهازا حزبيا منظما لدعمها في يوم الانتخابات، فإن الناس العاديين غير المنظمين ضمن معسكر داخل الحزب والذين يسمعون ما يجري في البلاد هم الذين سيحسمون الانتخابات، لأن لديهم محفزا للمشاركة في هذه الانتخابات. وأعتقد أن الأمر الحاسم هنا هو أن تكون نسبة التصويت مرتفعة. وإذا تحقق هذا وكانت نسبة التصويت أكثر من 60% فإن تسيبي ليفني ستفوز حتما. وصحيح أن لدى موفاز جهاز منظم أكثر وأكبر، خصوصا وأنه انشغل في أمور الانتخابات الداخلية منذ سنوات، حتى في فترة الليكود، فيما تسيبي ليفني بدأت تنشغل بهذا الأمر في الأشهر الأخيرة فقط".

(*) أفهم أنك من مؤيدي ليفني؟

- ريغف: "نعم بكل تأكيد".

(*) في حال عدم فوز ليفني برئاسة كديما، هل يتوقع حدوث انشقاق في كديما؟

- ريغف: "دعني أقول أمرا كهذا. إن المدرسة التي تربت فيها ليفني، وتربيت فيها أنا أيضا، هي مدرسة مناحيم بيغن. وكانت أولويات مناحيم بيغن هي: الشعب، الدولة، العائلة وربما بعد ذلك الحزب. وعندما صنع بيغن السلام التاريخي مع مصر، وكان عليه حينئذ أن يربط جسمين غريبين عن بعضهما البعض، هما حزب حيروت وحزب الليبراليين، فقد نجح في ذلك، وأقام بعدها كتلة واحدة هي الليكود. وكان هذا بمثابة جمع النار والماء في مكان واحد. وربط بينهما سياسيا وحقق إنجازات. وتسيبي ليفني لا ترى في الحزب غاية وإنما أداة. كذلك فإنه سيكون أمرا غريبا جدا أن من يجلب للحزب أكبر عدد ممكن من المقاعد في الكنيست، أي ليفني، يبقى في المكان الثاني أو غيره ولا يقود شعب إسرائيل، أي أن لا تفوز برئاسة الحزب. هذا سيكون أمرا غريبا للغاية. وآمل أن لا نضطر للوقوف أمام خيار اتخاذ قرار ناجم عن وضع كهذا لأن هذا سيكون قرارا صعبا للغاية. والجمهور في كديما عليه أن يكون مصغيا لإرادة الشعب، وإذا كان الشعب يريد تسيبي فإن عليه أن يحصل عليها".

(*) وفي حال فازت ليفني برئاسة كديما، هل الذهاب لانتخابات مبكرة هو أمر أكيد لأنها لا تريد الرضوخ لمطالب حزب شاس أو غيره، كما قالت في مقابلات صحافية في نهاية الأسبوع الماضي؟

- ريغف: "أولا، هذه إمكانية واردة. لكني أقدر أن حزب شاس سيتراجع. وإذا كانت لديه مطالب فإنها ستكون مطالب منطقية أكثر ومعقولة أكثر. أما إذا أصر شاس على مطالبه المتطرفة فإنه سيتم الذهاب إلى انتخابات مبكرة وسيتم هذا الأمر بسرعة كبيرة. لكني أقدر أنه لا أحد يريد انتخابات عامة الآن، ولا شاس أيضا. كذلك فإنه واضح لشاس أنه بسبب عدم زيادة مخصصات الأولاد وعدم وجود ميزانيات أخرى يطالبون بها فإنه ليس مفيدا لهم الذهاب لانتخابات مبكرة".

(*) كيف تنظرون أنتم في كديما إلى تهديدات شاس؟ فقد نشرت معاريف، يوم الأحد الماضي، أن رئيس شاس إيلي يشاي هدد بأن حزبه لن يشارك في حكومة تفاوض على "تقسيم القدس".

- ريغف: "أولا، لم أسمع أبدا أن تسيبي ستقسم القدس وأنا واثق من أنها لن تفعل ذلك. من الجهة الأخرى واضح أنه ينبغي التوصل إلى حل في القدس لكن شرط أن تبقى القدس كلها مدينة واحدة موحدة. علينا أن نتوصل إلى اتفاق يجعل الجميع، اليهود والعرب، يعيشون برفاه وحياة جيدة. وأنا لا أرى بهذه التهديدات أنها تتعدى كونها عنوانا في صحيفة وحسب، وليس أكثر من ذلك. فلا أحد منا يريد تقسيم القدس. لا العرب ولا اليهود يريدون ذلك. الجميع يريدون أن تكون في هذه المدينة حركة تجارية مزدهرة ومليئة بالسياح والعيش بسلام. إن إقامة أسوار فيها ستضر بالمدينة وستجعل الوضع أسوأ من اليوم. وربما يكون تهديد شاس هو شعار انتخابي لأن هذا الحزب يعتقد أنه ستجري انتخابات قريبا".

(*) أولمرت قال خلال اجتماع الحكومة، يوم الأحد الماضي، إن "أرض إسرائيل الكبرى ولت". هل الأغلبية في كديما تشارك أولمرت موقفه هذا؟

- ريغف: "هناك أغلبية في الدولة وليس في كديما فقط تتبنى هذا الموقف. كديما هو حزب يجمع في داخله اليسار العقلاني والمعتدل واليمين العقلاني والمعتدل، وهذان المعسكران معا أنتجا الوسط السياسي. أنا مثلا أنتمي لليمين المعتدل. وأرض إسرائيل الكاملة هي أمر رائع ومثالي، لكن هذا لن ينجح. نحن جميعا نعتقد أن التسوية هي الطريق الأفضل والمحترمة، مع الحفاظ على أمن إسرائيل".

(*) من برأيك سيقود إسرائيل نحو اتفاق سلام مع الفلسطينيين، ليفني أم موفاز؟ أم أن كليهما سيان بسبب الأوضاع السياسية الداخلية في إسرائيل؟

- ريغف: "أعتقد أن ليفني بإمكانها أن تقود عملية سلام، لأنها امرأة، ولأنها لن تبحث عن الحرب الناجحة والرائعة التي ستجعل العدو يركع، وإنما ستبحث عن السلام، الذي ربما يكون أقل نجاحا، لكنها ستبحث عنه أكثر من أي شيء آخر".