حزب شاس يسعى لفرض انتخابات مبكرة في إسرائيل

"المشهد الإسرائيلي" - خاص

يسعى حزب شاس إلى تقديم موعد إجراء الانتخابات العامة في إسرائيل إلى بداية العام 2009 المقبل. وذكرت صحيفة معاريف، اليوم الأحد – 14.9.2008، أن رئيس شاس ونائب رئيس الحكومة، ايلي يشاي، رفع سقف مطالب حزبه من أي مرشح لتشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة مشددا على أن شاس لن ينضم إلى أية حكومة تجري مفاوضات مع الفلسطينيين وتكون قضية القدس مطروحة على جدول أعمال هذه المفاوضات. ويعني هذا المطلب أنه في حال فوز وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، أو وزير المواصلات، شاؤول موفاز، برئاسة حزب كديما، لن يتمكنا من تشكيل حكومة يكون شاس أحد مركباتها، وبذلك لن يتمكنا أيضا من تشكيل حكومة تتمتع بتأييد أغلبية في الكنيست.

وبحسب معاريف، فإن ما يطلبه يشاي، عمليا، هو إزالة قضية القدس عن طاولة المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، ولا يكتفي بالشرط الذي طرحه سابقا واستجاب له رئيس الحكومة، ايهود أولمرت، بإرجاء المفاوضات حول القدس إلى المرحلة الأخيرة من المفاوضات. وقال يشاي إن "القدس ليست جزءا من الخطاب بأي حال من الأحوال، ليس الآن ولا لاحقا ولا في أية مرة". ولفتت معاريف إلى أن أقوال يشاي مدعومة من جانب الزعيم الروحي للحزب، الحاخام عوفاديا يوسيف. وأضاف يشاي أن "شاس لن يجلس في حكومة لا تعلن أن القدس ليست موجودة على جدول العمل السياسي ولن تكون مشمولة في أية محادثات".

وأشارت معاريف إلى أن ليفني وموفاز سيواجهان صعوبة في الاستجابة إلى هذا الشرط الذي يضعه شاس. وبذلك يكون يشاي قد أطلق الطلقة الأولى لتقديم موعد الانتخابات العامة إلى بداية العام المقبل على ما يبدو. وقالت معاريف إن غضب يشاي ثار في أعقاب تصريحات القنصل الأميركي في القدس، جاكوب والاس، الذي قال لصحيفة "الأيام" إن قضية القدس مطروحة على طاولة المفاوضات وإن الجانبين اتفقا على "تقسيم" القدس. ونقلت معاريف عن يشاي قوله في اجتماعات مغلقة إنه "سئمت الاستماع مرة إلى هذا الصوت ومرة أخرى إلى ذاك الصوت. مرة أن القدس على الطاولة لكن لا يتم الحديث حولها الآن، ومرة أخرى أنها فعلا مطروحة على الطاولة ويجري الحديث حولها. وكل ما نعرفه حول الموضوع هو من الصحافة. لا يمكن لهذا الوضع أن يستمر. وشاس لن يكون شريكا في حكومة تُعرف القدس على أنها جزء من الخطاب السياسي. ونحن نطالب بأن يتم فورا إزالة القدس عن طاولة المفاوضات. وفي أي وضع آخر، سنكون خارج الحكومة. وحتى لو كانت المفاوضات حول مواضيع اقتصادية أو محلية أو أي موضوع آخر، وحتى لو كانت هناك قيادة جديرة في الجانب الفلسطيني. في جميع الأحوال، القدس خارج المباحثات بالنسبة لنا. ليست على جدول العمل. ويحظر طرحها في أية مباحثات وفي أية ورقة أو اتفاق أولي أو محادثات غير رسمية أو رسمية. ومن يريد شاس في التحالف الحكومي، عليه أن يسجل أن هذا هو شرطنا الجديد".

وتحدث يشاي مع أولمرت وآخرين حول موضوع القدس. وهو يعتبر أنه "حان الوقت لوقف هذه اللعبة. ولم تتم دعوتي أبدا إلى اجتماع لرؤساء الكتل وتقرر فيه انتهاج سياسة منظمة بخصوص القدس. كل شيء يحدث في الغرف المغلقة، وهذا ما ينبغي وقفه. وأنا أريد أن أتيقن من أن القدس خارج المباحثات، وإلا فنحن في الخارج".

وقالت معاريف إن يشاي يلمح إلى تناقض الروايات بين أولمرت، الذي يجري محادثات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، وليفني، التي تجري محادثات مع رئيس طاقم المفاوضات الفلسطيني، أحمد قريع (أبو العلاء).

وأضافت الصحيفة أن وضع شاس في استطلاعات الرأي ليس مشجعا، كما أن يشاي ليس مهتما بترك مسألة "الدفاع عن القدس" لحزب الليكود، ومريح بالنسبة ليشاي أن يحل الحكومة على خلفية القدس والمضي نحو انتخابات على أجندة القدس. وبحسب الصحيفة فإن يشاي يقرب بذلك الانتخابات العامة إلى شهر شباط أو نيسان من العام المقبل.

لكن من جهة أخرى، وهذا لم تذكره معاريف، فإن حزب شاس، الذي تظهر استطلاعات الرأي انخفاض قوته بشكل طردي، يسعى إلى تحقيق مكاسب لجمهور ناخبيه، الذين غالبيتهم الساحقة هي من اليهود الشرقيين المتشددين دينيا (حريديم)، وعائلات كثيرة الأولاد وشريحة اجتماعية فقيرة. ولذلك فإن المطلب الأساسي لشاس كان دائما زيادة مخصصات الأولاد التي تدفعها خزينة الدولة مقابل كل ولد دون سن الثامنة عشرة. وقد تقلص حجم هذه المخصصات منذ أن تولى بنيامين نتنياهو (رئيس حزب الليكود الحالي) وزارة المالية في العام 2003 وراح يضع خططا اقتصادية يمينية. وكان يشاي قد رفض الانضمام في حينه لحكومة أريئيل شارون، بسبب رفض نتنياهو عدم تقليص مخصصات الأولاد. ومن هنا فإن شاس ليس معنيا بعودة الليكود، وخصوصا نتنياهو، إلى الحكم، على الأقل بسبب سياسته الاقتصادية.

ومن الجهة الأخرى، فإن استطلاعات الرأي المنشورة في العامين الأخيرين تقريبا، تتنبأ باستمرار عودة الليكود إلى الحكم في انتخابات جديدة. ولذلك فإنه بالإمكان الاستنتاج أن يشاي يسعى، من وراء تهديده بمنع حزب كديما من تشكيل حكومة جديدة، إلى ممارسة ضغط كبير على كديما للاستجابة لمطلب شاس الأساس وهو زيادة مخصصات الأولاد. لكن على الأرجح أن ليفني، في حال فوزها برئاسة كديما، لن ترضخ لتهديد شاس. فقد قالت في مقابلة أجرتها معها صحيفة يديعوت أحرونوت، يوم الجمعة الماضي، "إنني أفضل الاستقرار وتشكيل حكومة استمرارية (للحكومة الحالية)، لكن ليس بكل ثمن". وعندما تم سؤالها فيما إذا كانت تلمح بذلك إلى مسألة مخصصات الأولاد، قالت ليفني "إنني ألمح إلى كل شيء، ولكل من يعتقد أنه سنحت له الآن فرصة للحصول على شيء إضافي" لم يحصل عليه خلال فترة حكومة أولمرت. ويبدو أن يشاي يقرأ الاستطلاعات الأخيرة التي تظهر تفوق ليفني على منافسيها على رئاسة كديما، وأنها على ما يبدو ستكلف بتشكيل الحكومة المقبلة، ولذلك بادر يشاي الآن، قبل ثلاثة أيام من الانتخابات الداخلية في كديما، وقبل أسبوع من استقالة أولمرت المتوقعة، إلى ابتزازها مستغلاً موضوع القدس..