الشاباك يعارض استمرار التهدئة في قطاع غزة

"المشهد الإسرائيلي" – خاص

رغم أنه مرّ شهران تقريبا على بدء تنفيذ اتفاق التهدئة ووقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، إلا أن خلافا يسود جهاز الأمن الإسرائيلي حولها. وكشفت صحيفة معاريف، اليوم الجمعة – 8.8.2008، عن أنه في الوقت الذي يؤيد فيه الجيش الإسرائيلي استمرار التهدئة لعدة شهور أخرى، فإن جهاز الأمن العام (الشاباك) يعارض استمرارها ويطالب بوقفها بأسرع وقت ممكن. وطرح المسؤولون في الجيش والشاباك موقفهما خلال سلسلة من الاجتماعات التي عقدها جهاز الأمن والحكومة مؤخرا وتم خلالها التداول في انعكاسات وتبعات التهدئة.

ورأى قادة الجيش في هذه الاجتماعات أن التهدئة تستجيب للتوقعات وتمنح هدوءا لسكان منطقة النقب الغربي بعد توقف سقوط صواريخ القسام وقذائف الهاون التي كان يتم إطلاقها من قطاع غزة. وأشار قادة الجيش إلى أن الجيش يستغل فترة التهدئة لإجراء تدريبات وإنعاش قواته لاحتمال شن عملية عسكرية في عمق القطاع في حال انهيار التهدئة. وقالت معاريف إن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غابي أشكنازي، ونائبه دان هارئيل، عبرا في بداية التهدئة عن تأييدهما المتحفظ لها لكنهما أصبحا الآن يؤيدان بوضوح استمرار التهدئة بضعة شهور أخرى. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في الجيش الإسرائيلي تعبيرهم عن رضاهم من أن حماس "بذلت جهودا جدية وصادقة" لمنع إطلاق تنظيمات فلسطينية صواريخ قسام من القطاع ومن حقيقة أن إطلاق هذه الصواريخ توقف بالكامل.

من جهة أخرى، يعتبر قادة الشاباك أن التهدئة هي مصلحة عليا بالنسبة لحماس فقط. وذكرت معاريف أنه على الرغم من الهدوء خلال الشهرين الأخيرين، إلا أن رئيس الشاباك، يوفال ديسكين، متمسك بموقفه المعارض للتهدئة، وهو الموقف الذي عبر عنه منذ بداية الاتصالات للتوصل إلى تهدئة. ويعتبر ديسكين أنه لا مفر من مواجهة شديدة في غزة يتم خلالها إدخال قوات إسرائيلية لاجتياح القطاع وأن عملية عسكرية كهذه سيتم تنفيذها عاجلا أم آجلا. وانطلاقا من هذا الموقف، يعتبر ديسكين أنه من الأفضل عدم تمكين حماس من استغلال التهدئة لزيادة قوتها.

ويدعي الشاباك أيضا، أن عمليات تهريب الأسلحة من سيناء إلى القطاع مستمرة خلال فترة التهدئة، مثلما كان الوضع قبل التهدئة. ويرى ديسكين أن حماس تستغل التهدئة من أجل تدريب قواتها وبناء متاريس ومواقع إطلاق صواريخ تحت الأرض استعدادا لاحتمال انتهاء التهدئة. وبحسب معاريف فإنه "معروف لدى الشاباك أنه يتم في الأسابيع الأخيرة إجراء تدريبات مكثفة للوحدات العسكرية التابعة لحماس في جميع أنحاء القطاع".

وأفادت معاريف بأن الجيش والشاباك مختلفان أيضا فيما يتعلق بموضوع الجندي الإسرائيلي الأسير في القطاع، غلعاد شاليت. وأضافت أن الشاباك يتحسب من أن إزالة الضغط عن القطاع، أي رفع الحصار الاقتصادي من خلال فتح معابر وتمرير بضائع، سيقلص احتمالات استسلام حماس وموافقتها على اتفاق تبادل أسرى تستعيد إسرائيل شاليت من خلاله. والمقصود هنا أن حماس، بحسب الشاباك، لن توافق على تليين مطالبها حيال الأسرى الفلسطينيين الذين تطالب بإطلاق سراحهم مقابل شاليت، حتى لو تم تخفيف الحصار الاقتصادي على القطاع.

من جهته، يرى قادة الجيش الإسرائيلي أن التهدئة هي التي أوجدت أجواء من شأنها أن تؤدي إلى مفاوضات حقيقية حول اتفاق تبادل أسرى. وقالت معاريف إن وزير الدفاع الإسرائيلي، ايهود باراك، يميل إلى تأييد موقف الجيش أكثر مما يؤيد موقف الشاباك، وذلك وفقا لمواقف عبر عنها خلال المداولات الأخيرة.

وفي غضون ذلك توجه مدير الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس غلعاد، ومبعوث رئيس الحكومة الإسرائيلية لشؤون الجنود الأسرى والمفقودين، عوفر ديكل، أمس، إلى مصر في محاولة لاستئناف المفاوضات مع حماس، بوساطة مصر، حول اتفاق تبادل أسرى. وتأتي هذه الزيارة بعد فترة طويلة توقفت خلالها الاتصالات التي كانت تجريها مصر مع الجانبين. وبحسب معاريف فإن التوقعات في إسرائيل كانت أن التهدئة ووقف إطلاق النار في القطاع ستسرع المحادثات حول تبادل الأسرى إلا أن هذا لم يحدث. وتشير التقديرات في إسرائيل إلى أنه "بعد رفع الحصار (الاقتصادي) عن القطاع أصبحت حماس أقل استعدادا لإجراء مفاوضات". ويذكر أن إسرائيل ترفض فتح معبر رفح من دون حدوث تقدم في هذه المفاوضات.