أميركا تمارس ضغوطا على إسرائيل والفلسطينيين للتوصل إلى "وثيقة تفاهمات"

"المشهد الإسرائيلي" - خاص

تمارس الإدارة الأميركية ضغوطا على إسرائيل والسلطة الفلسطينية للتوصل إلى "وثيقة تفاهمات" حول مفاوضات الحل الدائم بين الجانبين قبل افتتاح دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر أيلول المقبل. ونقلت هآرتس، اليوم الاثنين – 28.7.2008، عن مصادر سياسية إسرائيلية وفلسطينية قولها إن وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، مهتمة بأن تعرض "وثيقة التفاهمات" خلال افتتاح الدورة المقبلة للأمم المتحدة لتشير بذلك إلى حدوث تقدم في المفاوضات حول قضايا الحل الدائم.

وتطالب الإدارة الأميركية إسرائيل والفلسطينيين بالتوصل إلى تفاهمات حول قضية الحدود، التي يعتبر دبلوماسيون أميركيون أن الخلافات بين الجانبين حولها ليست كبيرة. لكن تجدر الإشارة في هذا السياق، إلى أنه من الصعب التوصل إلى اتفاق حول رسم الحدود بين الجانبين من دون الاتفاق على قضية القدس مثلا أو قضية المستوطنات التي يتعين على إسرائيل إخلائها. ونقلت هآرتس عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله إن الخلاف الأساسي في هذه القضية هو حول حجم المساحة التي ستضمها إسرائيل من الضفة الغربية وحجم الأراضي الإسرائيلية التي ستحصل عليها السلطة الفلسطينية مقابل ذلك. وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، ايهود أولمرت، قال خلال اجتماعات مغلقة أن الخلاف في مواقف الجانبين حول هذه القضية ينحصر في أراضي تشكل مساحتها ما بين 2% إلى 3% من مساحة الضفة الغربية.

ونقلت هآرتس عن مصادر فلسطينية قولها إن تقدما حاصلا في قضية اللاجئين وأن الخلافات حولها "تقلصت". وتضغط الولايات المتحدة باتجاه الاتفاق على معادلة تقضي بعودة للاجئين للدولة الفلسطينية وعودة عدد "رمزي" من اللاجئين إلى تخوم إسرائيل من خلال لم شمل عائلات. رغم ذلك أكدت المصادر الفلسطينية أن الخلافات في هذه القضية ما زالت كبيرة كما أنه لم يتم التباحث حول قضية القدس حتى الآن.

من جهة ثانية سيعقد رئيسا طاقمي المفاوضات الفلسطيني، أحمد قريع، والإسرائيلي وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، اجتماعا ثلاثيا مع رايس، يوم الأربعاء المقبل، في واشنطن، لإطلاع الوزيرة الأميركية على وضع المفاوضات. ويلتقي قريع وليفني مرة كل أسبوع على الأقل، فيما مستشاريهما يعملون على صياغة مسودات مختلفة لاتفاق كما أن لجانا مشتركة تبحث قضايا أمنية.

من جهة أخرى يزور الولايات المتحدة هذا الأسبوع ثلاثة من كبار المسؤولين الإسرائيليين. وإضافة إلى ليفني، بدأ وزير الدفاع، ايهود باراك، اليوم، زيارة رسمية للولايات المتحدة، كما سيتوجه وزير المواصلات، شاؤل موفاز للولايات المتحدة خلال الأسبوع الحالي. ويذكر أن موفاز هو أيضا رئيس الطاقم الإسرائيلي في الحوار الإستراتيجي الأميركي الإسرائيلي. وتشير تقديرات إلى موفاز سيبحث في موضوع البرنامج النووي الإيراني. كذلك تجدر الإشارة إلى أن ليفني وموفاز هما أيضا المرشحان الأوفر حظا بالفوز برئاسة حزب كديما وتشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة، خلفا لأولمرت، في انتخابات داخلية في كديما ستجري في أواسط شهر أيلول المقبل.

وسيسعى باراك خلال زيارته الحالية للولايات المتحدة إلى إقناع الإدارة الأميركية بعدم إزالة الخيار العسكري ضد إيران عن جدول الأعمال الأميركي. وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم، أن إسرائيل تصف زيارة باراك للولايات المتحدة على أنها "تنطوي على أهمية إستراتيجية خاصة". وسيلتقي باراك مع عدد من المسؤولين الأميركيين أبرزهم نائب الرئيس، ديك تشيني، ووزير الدفاع، روبرت غيتس، ورئيس أركان الجيوش المشتركة، مايكل مولن.

وأكدت يديعوت أحرونوت على أن الإدارة الأميركية بعثت رسائل واضحة إلى إسرائيل مؤخرا، ومفادها أن الولايات المتحدة لا تؤيد حاليا شن هجوم عسكري ضد إيران. ونقلت الصحيفة عن مصادر إسرائيلية رفيعة قولها إنه من دون حصول إسرائيل على "ضوء أخضر" ومساعدة أميركية ستواجه إسرائيل صعوبة كبيرة في مهاجمة إيران. وكانت هيئة أركان الجيوش الأميركية المشتركة قدمت تقارير للرئيس الأميركي، جورج بوش، ووزير الدفاع، غيتس، مفادها أن هجوما عسكريا ضد إيران لا يضمن وقف البرنامج النووي الإيراني، الذي تقول إسرائيل إنه برنامج عسكري فيما تشدد إيران على أنه لأغراض سلمية.

وقالت يديعوت أحرونوت نقلا عن مصادر أمنية إسرائيلية إن هذه التقديرات الأميركية إضافة إلى تقرير المخابرات الأميركية الأخير، الذي قال إن إيران أوقفت مساعيها لإنتاج سلاح نووي منذ العام 2003، هي التي تمنع الولايات المتحدة من منح "ضوء أخضر" لإسرائيل لتنفيذ هجوم عسكري. وأوضحت المصادر الأمنية الإسرائيلية أن هجوما عسكريا إسرائيليا ضد إيران من دون التنسيق مع الولايات المتحدة يكاد يكون مستحيلا، خصوصا لأن إسرائيل ستحتاج إلى الحصول على معلومات استخباراتية حول أهداف الهجوم، خلال تنفيذه، كما ستحتاج إلى مسارات جوية الأمر الذي يحتم تعاونا من جانب الأميركيين.

من جهة أخرى أشارت تقارير صحفية إسرائيلية إلى أن التغيير الحاصل في سياسة إدارة بوش في نهاية ولايتها يعود أيضا إلى أن هذه الفترة ينبغي أن تتميز بتحقيق إنجاز دبلوماسي مع إيران وليس بتورط عسكري. وقال مصدر سياسي إسرائيلي ليديعوت أحرونوت إن الأميركيين انتقلوا للمسار السياسي والدبلوماسي مع إيران من دون تنسيق حقيقي مع إسرائيل.

من جهة أخرى أفادت هآرتس بأن باراك سيبحث خلال زيارته في شراء أو استئجار عدد من مدافع "بالانكس" القادرة على اعتراض قذائف هاون وصواريخ قصيرة المدى لنصبها في جنوب إسرائيل واعتراض الصواريخ والقذائف الفلسطينية التي تم إطلاقها من قطاع غزة قبل التهدئة هناك. وسيبحث باراك الحصول على هذه المدافع رغم معارضة خبراء في جهاز الأمن الإسرائيلي، وذلك لكون هذه المدافع الأميركية ليست ناجعة بالقدر الكافي، ويرون أن على إسرائيل التركيز على استكمال تطوير المنظومة الدفاعية "قبة حديدية" لاعتراض الصواريخ والقذائف والتي سيكون بالإمكان استخدامها بحلول العام 2011.