حزب العمل يمتنع عن المطالبة بوقف الاستيطان في الضفة

"المشهد الإسرائيلي" - خاص

تشير آخر المعطيات المتوفرة لدى حركة "سلام الآن" إلى أنه خلال فترة حكومة ايهود أولمرت تم بناء ما لا يقل عن أربعة آلاف وحدة سكنية جديدة في مستوطنات الضفة الغربية، إضافة على نشر مناقصات لبناء 1433 وحدة سكنية أخرى. كذلك تدل المعطيات على أن حكومة أولمرت أقامت 1300 مبنى (يشمل بعضها أكثر من وحدة سكنية واحدة) في المستوطنات الواقعة شرق الجدار العازل، أي في المناطق التي ادعى أولمرت دائما بأن إسرائيل تعتزم الانسحاب منها. ومنذ تولي أولمرت رئاسة الحكومة تم نشر مناقصات لبناء 2437 وحدة سكنية في الأحياء الاستيطانية في القدس، مقابل نشر مناقصات مشابهة لبناء 2092 وحدة سكنية خلال السنتين ونصف اللتين سبقتا عهد حكومة أولمرت. أي أن أولمرت تفوق على رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، أرييل شارون، في مجال الاستيطان.

وأورد هذه المعطيات الصحفي عكيفا إلدار في زاويته الأسبوعية "رقابة الحدود" في صحيفة هآرتس، اليوم الثلاثاء – 7.10.2008. ولفت إلدار إلى أنه "خلال كل موسم ازدهار المستوطنات هذا، ليس فقط أن حزب العمل (الذي يدعي أنه حزب سلام) كان مشاركا في الحكومة، وإنما قادته، وزيرا الدفاع عمير بيرتس وايهود باراك، كانا يملكان الصلاحية العليا بكل ما يتعلق بتصاريح البناء في (مستوطنات) الضفة الغربية". وتساءل إلدار "لماذا لا يطلب وزراء مثل يولي تمير، وهي من مؤسسي سلام الآن، وعامي أيالون، مبتكر مشروع 'الاستفتاء القومي' (للانسحاب من الأراضي الفلسطينية)، تجميد الاستيطان؟ ويصعب التفكير بخرق أخطر للسياسة التي انتخبت الحكومة على أساسها، إضافة إلى التعهدات الدولية". وذكّر الكاتب بأن أولمرت خاض انتخابات العام 2006 ببرنامج سياسي اعتمد على "خطة الانطواء" القاضية بانسحاب إسرائيل من الضفة، لكن إلى حدود جديدة يشكلها الجدار العازل.

ونقل إلدار عن عضو الكنيست أوفير بينيس، من حزب العمل، قوله إن حزب العمل لم يطالب أولمرت، عندما انضم لحكومته، بشمل تجميد الاستيطان في الخطوط العريضة للحكومة، وحتى أن الموضوع لم يطرح بتاتا خلال المفاوضات الائتلافية. وبعد أن دقق بينيس في الأمر وجد أن حزب العمل لم يذكر موضوع الاستيطان خلال المفاوضات الحالية التي يجريها مع رئيسة حزب كديما ووزيرة الخارجية، تسيبي ليفني. وأكد بينيس أن الضبابية المنتهجة في موضوع الاستيطان غايتها تمهيد الطريق أمام رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني المتطرف، أفيغدور ليبرمان، للانضمام إلى حكومة برئاسة ليفني. ويذكر أن بينيس كان قد استقال من حكومة أولمرت بعد انضمام ليبرمان إليها، قبل سنتين تقريبا.

وتساءل بينيس "كيف يمكن التعامل بجدية مع خطابات فصيحة (للقادة الإسرائيليين) حول السلام ومع تصريحات صحافية حول تنازلات واسعة (أي أقوال أولمرت لصحيفة يديعوت أحرونوت، الأسبوع الماضي)، فيما الواقع الميداني معاكس تماما؟". ودعا بينيس زعيم حزبه، باراك، إلى استغلال الفرصة السانحة الآن، على أثر استقالة أولمرت، ومطالبة ليفني بأن تشمل الخطوط السياسية لحكومتها تجميد الاستيطان. ورأى بينيس أنه "إذا كنا نتجاهل رغبة الجمهور، الذي يفضل بمعظمه انتخابات (عامة مبكرة)، فإن علينا البدء بالتعامل مع أنفسنا بجدية ونطرح شيئا ما حقيقيا، يستحق النضال من أجله".

وتطرق إلدار إلى موضوع البؤر الاستيطانية العشوائية، التي أقرت الحكومة الإسرائيلية، برئاسة شارون، إخلاء بعضها والتي أقيمت منذ العام 2001، وذلك في أعقاب تقرير البؤر الاستيطانية الذي أعدته المسؤولة السابقة في النيابة العامة، المحامية طاليا ساسون. ويذكر أنه شارون استدعى تقرير ساسون في أعقاب ضغط مارستها إدارة الرئيس جورج بوش، وأنه على رأس هذه البؤر التي تعهدت إسرائيل بإزالتها كانت بؤرة ميغرون. وكان مساعد وزير الدفاع الإسرائيلي لشؤون الاستيطان، ايتان بروشي، قد أشار خلال مشاركته في اجتماع للجنة مراقبة الدولة التابعة للكنيست، قبل سبعة شهور، إلى أنه يوجد في الضفة 100 بؤرة استيطانية عشوائية يسكنها سبعة آلاف مستوطن. وأضاف بروشي في حينه أنه في غضون أسابيع قريبة سيتم التوصل إلى اتفاق مع مجلس المستوطنات لإخلاء 26 بؤرة، على رأسها ميغرون. لكن بعد مضي سبعة شهور يتضح أن إسرائيل لم تخل سوى ثلاث أو أربع بؤر، وجميعها بؤر صغيرة جدا، وعادة تكون خالية من المستوطنين.

وفيما تمتنع إسرائيل عن إخلاء بؤر، اكتشف الناشط ضد الاستيطان درور إتيكس، من حركة "ييش دين" وهي منظمة متطوعين لحقوق الإنسان، قبل بضعة أسابيع، إنه تم وضع حاجز كهربائي عند مدخل بؤرة ميغرون. ورغم استفسارات واستجوابات عضو الكنيست زهافا غلئون من حزب ميرتس حول الموضوع لدى المستشار القضائي للحكومة، مناحيم مزوز، إلا أنها لم تتلق أي رد حتى الآن. ونقل إلدار عن مسؤول ضالع في هذه القضية توضيحه أن حزب كديما وليفني لا يريدان إغضاب حزب شاس، المرشح للانضمام لحكومة ليفني، ويفضلان تجاوز عبوات ناسفة سياسية مثل البؤر الاستيطانية والمفاوضات حول القدس. ومن جهة أخرى، فإن إسرائيل، حاليا، لا تتخوف من ضغط أميركي متجدد حول موضوع البؤر الاستيطانية، لأن الرئيس الأميركي الجديد الذي سيدخل البيت الأبيض في مطلع العام المقبل سيجد على طاولته ملفات طارئة أكثر من البؤر الإسرائيلية في الضفة. وفي هذه الأثناء تتوسع المستوطنات وتتحول البؤر العشوائية "غير القانونية" إلى مستوطنات "قانونية".