هل تعهد أولمرت بإطلاق أسرى فلسطينيين قريبا هو جزء من صفقة التبادل مع حزب الله

"المشهد الإسرائيلي" - خاص

تساءلت الصحف الإسرائيلية، اليوم الخميس – 7.8. 2008، حول أسباب تعهد رئيس الحكومة الإسرائيلية، ايهود أولمرت، للرئيس الفلسطيني، محمود عباس، خلال لقائهما أمس، بإطلاق سراح أكثر من مئة أسير فلسطيني بحلول نهاية شهر آب الحالي. وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن أولمرت رفض الاستجابة لطلب الرئيس الفلسطيني بإطلاق سراح النائب مروان البرغوثي وأمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أحمد سعدات، ورئيس المجلس التشريعي، عبد العزيز دويك، وغيرهم من القيادات السياسية الفلسطينية.

ورغم أن إسرائيل وصفت نيتها إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين في نهاية الشهر الحالي على أنها "بادرة نية حسنة" تجاه الرئيس الفلسطيني، إلا أن المحلل العسكري في صحيفة هآرتس، عاموس هارئيل، ألمح في مقال تحليل، نشره اليوم، إلى وجود علاقة بين إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين وصفقة تبادل الأسرى مع حزب الله. ويذكر أن إسرائيل أبقت مسألة إطلاق سراح أسرى فلسطينيين ضمن صفقة التبادل مع حزب الله ضبابية، إضافة إلى أن بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية كانت قد أشارت، في أعقاب الاتفاق على الصفقة، أنه سيتم إطلاق سراح أسرى على شكل "بادرة نية حسنة" للسلطة الفلسطينية.

وأشار هارئيل إلى "تزامن مثير" بين استكمال إسرائيل، أمس، صفقة التبادل مع حزب الله من خلال إطلاق سراح خمسة فتية فلسطينيين، كانوا قد أدينوا بإلقاء حجارة على جنود إسرائيليين، وبين الإعلان عن النية بإطلاق سراح أكثر من مئة أسير، بعد ذلك بساعات قليلة جدا. وتساءل هارئيل "هل ثمة علاقة بين الأمرين؟ رسميا، إسرائيل تنفي. لكن الحقيقة هي أنه خلال تسعة شهور، منذ مؤتمر أنابوليس، لم يتم تسجيل بوادر نية حسنة مشابهة. وفيما كانت جثتا إلداد ريغف وايهود غولدفاسير (الجنديين الإسرائيليين اللذين أسرهما حزب الله وسلمهما لإسرائيل في إطار الصفقة) لا تزالان محتجزتان في لبنان، لم يتم إطلاق سراح أسرى فلسطينيين. والآن، فجأة ومن دون أية علاقة، سيخرج أكثر من مئة إلى الحرية". يشار إلى أن إسرائيل أطلقت خلال هذه الفترة سراح أسرى فلسطينيين عشية أعياد إسلامية بادعاء أنها "مبادرة نية حسنة" تجاه السلطة الفلسطينية.

وأضاف هارئيل أن "مسألة الأسرى الفلسطينيين كانت إحدى العقبات الأساسية في المفاوضات مع حزب الله. وكان مهما بالنسبة لنصر الله الحفاظ على العلاقة بينه وبين تحرير فلسطينيين، التي أسسها في صفقة تننبويم (التي تم تنفيذها في العام 2004). وسعت إسرائيل إلى خفض عدد الفلسطينيين المحررين إلى الحد الأدنى، انطلاقا من مصلحة معاكسة. وقبيل مصادقة الحكومة على الصفقة قال المكلف بالمفاوضات، عوفر ديكل، إن عدد الفلسطينيين الذين سيحررون سيكون على ما يبدو ما بين ثمانية أو تسعة. بعد ذلك ارتفعت التقديرات إلى ثلاثين أو أربعين. وأوضح مكتب أولمرت هذا الأسبوع أن العدد انخفض إلى خمسة، بسبب عدم الرضا من التقرير الذي سلمه حزب الله حول (مصير الطيار المفقود) رون أراد. خمسة محررين فحسب يبدون كعقاب مناسب لنصر الله. إلا إذا كان، بالطبع، الحديث يدور في الواقع عن أكثر من مئة".

ورأى هارئيل أن الأمر نفسه سيتكرر في حال التوصل لصفقة تبادل أسرى بين إسرائيل وحماس، والتي ستستعيد إسرائيل من خلالها جنديها الأسير في قطاع غزة، غلعاد شاليت. وأوضح الكاتب أن "مصادر إسرائيلية تتحدث عن إطلاق سراح 450 أسيرا ويركزون الآن على مسألة هويتهم، وفي حال توصلت إسرائيل إلى صفقة، ستكون مطالبة بأن يكون بينهم قتلة. لكن كافة التقارير الواردة من الجانب الفلسطيني تتحدث عن ألف محرر، ليس أقل من ذلك. كيف يجسرون الفجوات؟ في هذه الحالة أيضا، يدور الحديث على ما يبدو عن إطلاق مئات الأسرى، في موعد لاحق، ويتم عرضه على أنه بادرة نية حسنة للسلطة الفلسطينية، ويظهر كأنه لا علاقة له بالصفقة. فإذا نجح هذا ، بخداع الجمهور الإسرائيلي، في الصفقة مع حزب الله، لماذا لا ينجح مع حماس؟".


من جانبه، بدا المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت، ألكس فيشمان، كمن يحتج على تعهد أولمرت بإطلاق سراح أسرى فلسطينيين في نهاية الشهر الحالي. وتساءل "لماذا يطلق رئيس الحكومة، الذي سينهي مهامه بعد شهر تقريبا، فجأة سراح أسرى أمنيين؟ ما الذي حدث؟ مقابل ماذا؟ هل هناك عيد فلسطيني في الأفق؟". وأضاف "ربما لأننا نحتجز أعدادا كبيرة من الأسرى. فلدينا تسعة آلاف منهم، ونحن نحررهم وفقا للظروف السياسية. يوجد عدد كبير جدا، فإذا نحرر البعض. أفواه أقل نطعمها". من جهة ثانية أشار فيشمان إلى أن إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين يهدف إلى إظهار وجود تحركات وخطوات "بناء ثقة" بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية عشية حضور وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، إلى المنطقة.