الجيش الإسرائيلي يدرس إغلاق منزل دويات وليس هدمه

"المشهد الإسرائيلي" - خاص

تدرس قيادة الجبهة الداخلية التابعة للجيش الإسرائيلي احتمال إغلاق منزل منفذ عملية الدهس في القدس، حسام دويات، في قرية صور باهر، بالإسمنت وليس هدم البيت. وذكرت صحيفة معاريف اليوم، الاثنين – 7.7.2008، أن سبب ذلك يعود إلى أن عائلتين أخريين تسكنان المبنى نفسه وفيهما مواطنون مرضى. وأضافت الصحيفة أن احتمال إغلاق منزل عائلة دويات بالإسمنت تم طرحه أمس، الأحد، خلال مداولات أجراها ضباط في الجبهة الداخلية حول أمر أصدره وزير الدفاع الإسرائيلي، ايهود باراك، يقضي بالاستعداد لاحتمال هدم منزل عائلة دويات ومنزل عائلة منفذ عملية إطلاق النار في المعهد الديني اليهودي "مركاز هراف"، علاء أبو دهيم، في جبل المكبر. وليس معلوما بعد موعد تنفيذ أمر الهدم وإغلاق منزل دويات، فيما يستعد الجيش الإسرائيلي في هذه الأثناء للرد على التماسات ضد الهدم يتوقع تقديمها للمحكمة العليا الإسرائيلية.

وبحسب معاريف فإن الجيش الإسرائيلي امتنع عن هدم منازل منفذي عمليات فلسطينيين ضد أهداف إسرائيلية منذ العام 2002. وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن هدم منازل عائلات منفذي عمليات سيؤدي إلى انتقادات دولية شديدة ضد إسرائيل. كذلك أكد تقرير تم إعداده في الجيش الإسرائيلي في العام 2005 على أن هدم بيوت منفذي عمليات لا تردع آخرين من تنفيذ عمليات مشابهة. ونقلت معاريف عن مصدر عسكري إسرائيلي قوله "إننا ما زلنا بانتظار موقف الشاباك ولن نتقدم في تنفيذ قرار وزير الدفاع قبل ذلك. وبعد الحصول على موقف الشاباك سننشر القرار وننتظر الالتماسات، في حال تم تقديمها". وقالت مصادر في الشاباك للصحيفة إن موقف هذا الجهاز "لم يتغير وينبغي هدم المنزلين".

في غضون ذلك واصلت الصحف الإسرائيلية، اليوم، نشر تحليلات معارضة لهدم المنزلين. ووصف الصحفي يارون لندن، في مقال في يديعوت أحرونوت، أمر باراك بهدم المنزلين بأنه "يستبيح العدل بصورة وقحة وعلنية، وليس فقط أنه لا طائلة منه، وإنما سيؤدي لزرع بذور الإرهاب". وأكد لندن على أنه "لا ينبغي معاقبة الأب على جريمة الابن ولا معاقبة الابن على جريمة الأب... وإلا فإنه سيكون بإمكاننا بعد الانحراف عن هذا المبادأ معاقبة أبناء عائلات مجرمين جنائيين بهدم بيوتهم. نهدم بيوتهم، ونصادر أملاكهم، وحتى أنه ربما أيضا نسجنهم سوية مع قريبهم المجرم... وثانيا، يحظر ضم أراض من دون فرض قوانين وأنظمة وتصرفات من ينفذ الضم على المنطقة التي تم ضمها وسكانها. وإذا لم نفجر منزل باروخ غولدشتاين، السفاح في الخليل، ومنزل عيدن نتان زادة، السفاح في شفاعمرو، وعامي بوبر، الذي قتل سبعة عمال عرب، وحتى ليس منازل عشرات العرب الإسرائيليين الذين أدينوا بممارسة أعمال إرهابية، أين العدل بفعل ذلك لعائلات في القدس؟ ألا ندعي أن إسرائيل الكبرى هي 'يهودية وديمقراطية' وأن حكم تل أبيب مثل حكم صور باهر؟".

وتناول الصحفي عكيفا إلدار الموضوع في هآرتس، مشيرا إلى أن دويات وأبو دهيم عملا بصورة منفردة ولم يكونا تابعين لتنظيم معين. ووصفهما ب"أعشاب سائبة". وأضاف أن مثلهما يوجد إسرائيليون أيضا، بينهم غولدشتاين، الذي أقامت عائلته له قبرا فخما ولم يقترح أحد هدم منزل عائلته ليرتدع آخرين. وكتب إلدار أنه "إذا افترضنا أن الحديث هنا عن شاذ، فإن هدم منزل عائلته سيردع الشاذ القادم بالقدر ذاته الذي تردع فيه عقوبة الإعدام أشخاصا يقررون تفجير أنفسهم في حافلة على أمل أن يحصلوا على 70 حورية في الجنة".

ورأى إلدار أن دويات وأبو دهيم "يعكسان شكل تفكير لدى الكثيرين من سكان عاصمة إسرائيل... والغليان الذي ينمو من أسفل لا بحتاج يدا موجهة، وليس خاضعا لأوامر أحد، ومن الصعب جدا لجمه. هكذا كان في الانتفاضة الأولى وبقدر معين في الانتفاضة الثانية أيضا. المنظمات لم يوجدوا هذه الموجة وإنما هي صعدت عليها". وأضاف أنه "صدفة، أو ليس محض صدفة، فإن كلا القاتلين جاءا من أحياء عند خط التماس، التي غيّر الجدار الفاصل، الذي تم رسم مساره بتعسف وقصر نظر، حياة سكانها من النقيض إلى النقيض فجأة. وقد عزل 'غلاف القدس'، الذي يبلغ طوله 170 كيلومترا، أطول من المسافة بين القدس وحيفا، غالبية عرب القدس – أولئك الذين يسكنون غرب الجدار – عن أشقائهم في الضفة. وأولئك الذين بقوا خارج الجدار، وعددهم 60 ألف نسمة، تم إبعادهم عن أماكن عملهم ومدارسهم ومستشفياتهم في القدس". وخلص إلدار إلى أن "هدم منزلين في القدس سيهدم حاجزا اصطناعيا آخر بين فلسطينيين (في القدس الشرقية) وفلسطينيين (في الضفة الغربية). وربما هذا سيساعدنا على أن نفهم أن اتفاق في الضفة من دون حل في القدس هو وهم خطير".

كذلك شدد الباحث في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، يهودا بن مائير، في مقال في هآرتس، على أن هدم منزل دويات "ليس فقط أنه عمل غير عادل ويتعارض مع القيم اليهودية، وإنما هو بالأساس عمل غير حكيم. فهدم البيت لن يردع أحدا وإنما سيزيد الكراهية، دون حاجة، لدى سكان القدس الشرقية". وأضاف "أن الحديث عن مدمن على المخدرات، مغتصب، جانح، عمل لوحده ، ووفقا لكافة المؤشرات لم يتلق مساعدة حقيقية أو معنوية من محيطه القريب أو من عائلته. فما هو المبرر إذا لهدم منزل عائلته؟".