الكرة الآن في ملعب الجمهور الإسرائيلي

هذا ما يقوله الخبير القضائي، البروفيسور زئيف سيغال، لـ"المشهد الإسرائيلي" في أعقاب تقرير فينوغراد ويؤكد أن استطلاعات الرأي تظهر أنه لا توجد أغلبية ساحقة تطالب رئيس الحكومة إيهود أولمرت بالاستقالة وهذا يعد مؤشرًا إلى أن الجمهور يفكر بالبدائل في حال جرت انتخابات عامة الآن

كتب بلال ضاهر:

أصدرت لجنة فينوغراد، في بحر الأسبوع الماضي، تقريرها النهائي حول إخفاقات القيادة الإسرائيلية خلال حرب لبنان الثانية في صيف 2006، وحملت فيه القيادتين السياسية والعسكرية المسؤولية عن الإخفاقات. غير أن التقرير لم يحدث "زلزالا سياسيا" مثلما سربت اللجنة قبل صدور التقرير.

وأجرى "المشهد الإسرائيلي" مقابلة مع البروفيسور زئيف سيغال، من كلية العلوم الاجتماعية في جامعة تل أبيب ومحلل الشؤون القضائية في صحيفة "هآرتس"، لاستيضاح الجوانب القانونية في هذه القضية.

(*) ما هو المفعول القانوني والقضائي لتقرير لجنة فينوغراد النهائي؟

- سيغال: "لا يوجد لكل لجنة عامة، بما في ذلك لجنة تحقيق رسمية، مثل لجنة أغرانات التي تم تعيينها في أعقاب حرب يوم الغفران (حرب تشرين 1973)، وأيضا للجنة فحص حكومية مثل لجنة فينوغراد، أي مفعول قضائي فعلي. فهذه اللجان لا يمكنها نقل ضابط من منصبه ولا يمكنها نقل وزير من منصبه، وإنما بإمكانها تحديد استنتاجات واستخلاصات معينة...".

(*) هذا يعني أن لجنة فينوغراد لا يمكنها التوصية بتنحية مسؤول، مثلما أوصت لجنة أغرانات بتنحية رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي في حينه، دافيد إليعازار؟

- سيغال: "بإمكانها أن توصي، لكن لا يوجد التزام بتنفيذ ذلك. بإمكانها أن توصي فقط وأن تحدّد استنتاجات وحقائق، وبمقدورها استخلاص عبر وتقديم توصيات مختلفة. لكن المسؤولين ذوي العلاقة غير ملزمين بقبول هذه التوصيات. ولنفرض أن اللجنة قالت إن على وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان العامة أن ينحيا الضابط فلان من منصبه، فإن هذا يبقى في إطار توصية. أو لنفرض أن اللجنة أقرت بأن على الشعب العمل لاستبدال رئيس الحكومة فإن هذه تكون وتوصية وحسب ولا يوجد لقرار كهذا أي مفعول قضائي. وكما هو معروف فإن لجنة فينوغراد لم تضع توصيات أو استنتاجات شخصية في تقريرها".

(*) كخبير قانوني كيف فهمت التقرير؟ هل هو إيجابي بالنسبة لرئيس الحكومة إيهود أولمرت أم أنه سلبي بالنسبة له وربما سيتبعه حراك سياسي؟

- سيغال: "لقد كان التقرير إيجابيا بالنسبة لأولمرت في نقطة واحدة وهامة جدا. فقد كان هناك من حاول إظهار أن أولمرت بادر لتنفيذ العملية العسكرية البرية في الستين ساعة الأخيرة لحرب لبنان الثانية لاعتبارات سياسية شخصية. وقالت اللجنة في هذا الخصوص إن هذه العملية كانت ضرورية، والقرار بهذا الخصوص كان معقولا، وإن اللجنة لم تجد أي دليل على أن هذا القرار كان ينطوي على اعتبارات سياسية شخصية. وهذا أمر مهم للغاية بالنسبة لرئيس الحكومة. لكن فيما عدا ذلك فإن التقرير قاس وصعب بالنسبة للقيادة السياسية التي كانت تتخذ القرارات بصورة غير منتظمة، ولم يكن هناك تفكير وتخطيط مسبق. وفيما يتعلق بالقيادة العسكرية فقد كانت الانتقادات شديدة للغاية خصوصا فيما يتعلق باستعداد الجيش وجهوزيته. خلاصة القول إن التقرير خطر، لكني أعتقد أنه لا توجد أي دولة أخرى، لا في الدول العربية ولا في أوروبا أو في أميركا، كانت ستشكل لجنة كهذه وتمنحها صلاحيات كالتي تم منحها للجنة فينوغراد لتنشر في النهاية تقريرا قاسيا كهذا. وأعتقد أن هذا ما يميز الديمقراطية الإسرائيلية".

(*) لقد حققت لجان تحقيق في السابق في قضايا مشابهة. لجنة أغرانات التي حققت في إخفاقات حرب سنة 1973 أدت إلى استقالة رئيسة الحكومة في حينه غولدا مائير، على الرغم من أن لجنة التحقيق لم تحملها مسؤولية الإخفاقات. ولجنة كاهان التي تشكلت في أعقاب مجزرة صبرا وشاتيلا في حرب لبنان الأولى في سنة 1982 أوصت بإقصاء وزير الدفاع في حينه أريئيل شارون عن وزارة الدفاع وتم ذلك. والآن على الرغم من أن لجنة فينوغراد حملت أولمرت مسؤولية "الفشل" في حرب لبنان الثانية فإنه يرفض الاستقالة. كيف تفسر موقف أولمرت؟

- سيغال: "دعنا نوضح أمرا واحدا، وهو أن اللجنة الوحيدة التي وضعت توصيات بخصوص قيادة سياسية وفيما يتعلق بوزير يقوم بمهام منصبه كانت لجنة كاهان في سنة 1983، وقالت إنه من المناسب أن يستخلص وزير الدفاع أريئيل شارون عبرا شخصية. وإذا لم يستخلص عبرا كهذه فإن على رئيس الحكومة (مناحيم بيغن) أن يدرس إمكان نقله من منصبه. وما حدث في حينه أن الحكومة قررت نقل شارون من وزارة الدفاع وعينته وزيرا بلا حقيبة. من جهة ثانية فإن لجنة فينوغراد في تقريريها الجزئي والنهائي قالت، وخصوصا في التقرير الجزئي، أمورا قاسية جدا حيال رئيس الحكومة ولم تُضمن أيا من التقريرين توصيات. كذلك فإنها أوضحت مطولا في التقريرين أن وضع توصيات هو ليس من مهامها وإنما على الجمهور أن يقرر. وهذا فعلا قرار يتوجب على الجمهور في البلاد أن يحسمه. إما أن يقول الجمهور أن هناك مسؤولية شخصية وعلى أولمرت الانصراف أو أن الجمهور سيوافق على بقاء رئيس الحكومة ومواصلة مهامه".

(*) استطلاعات الرأي التي تم نشرها في الصحف الإسرائيلية في نهاية الأسبوع الماضي أظهرت تزايدا محدودا في شعبية أولمرت. ما رأيك؟.

- سيغال: "نعم. لكن استطلاعات الرأي هي مثل العطر، يمكن شمها لكن لا يجوز ابتلاعها. رغم ذلك فإن ما يظهر من استطلاعات الرأي أنه لا توجد أغلبية ساحقة تطالب أولمرت بالاستقالة. لكن هذا مؤشر أيضا على أن الجمهور يفكر بالبدائل في حال جرت انتخابات عامة الآن".