تقرير: إسرائيل تستعد لاحتمال نشوب حرب أخرى مع حزب الله

قال تقرير إسرائيلي نشر اليوم الجمعة- 7/3/2008- إنه على الرغم من التصعيد الحاصل حاليا في قطاع غزة إلا أن ما يقلق إسرائيل فعلا في الوقت الحالي هو تسلح حزب الله المتصاعد والاستعداد لاحتمال نشوب حرب ثانية معه.

وكتب المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت أليكس فيشمان أن "الحقيقة غير المألوفة البتة هي أن محاربة حماس، رغم كل صواريخ القسام، ليست على رأس سلم الأولويات الأمنية لدولة إسرائيل، فهذه الأولويات واضحة ومحددة منذ سنوات وعلى رأسها، بأفضلية عليا، الرد على التهديد الإيراني وبعد ذلك سورية من ثم حزب الله وفي مكان ما في نهاية الطابور، حماس".

وأضاف أن سلم الأولويات الأمنية هذا يعني أن جلّ الانتباه والموارد والتدريبات العسكرية والتطوير والمشتريات العسكرية يتم رصده لـ"الخطر بأولوية عليا"، واجتياح قطاع غزة وإعادة احتلالها لفترة ما، بحسب التهديدات الإسرائيلية، يحتم صرف الموارد الإسرائيلية والقدرات الاستخباراتية والقوى البشرية على حساب تهديدات أخرى والقيادة الإسرائيلية "ليست مستعدة للإقدام على هذه المخاطرة".

وقال إن هذه التقييمات تفسر سبب الأقوال التي أدلى بها رئيس دائرة الابحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية يوسي بايداتس لدى ظهوره أمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست يوم الاثنين الماضي وتركيزه على قوة حزب الله واستمرار تسلحه رغم أن القضية الأمنية الحارقة في ذلك اليوم كانت التصعيد الحاصل في قطاع غزة.

ورغم اشتعال الجبهة الإسرائيلية مع قطاع غزة فقد نشرت صحيفة هآرتس هذا الاسبوع ايضا أن بايداتس قال خلال لقاء مع سفراء الاتحاد الأوروبي إن إيران تهرب أسلحة لحزب الله عبر الأراضي التركية وأن صواريخ جديدة وصلت حزب الله يصل مداها إلى 300 كيلومتر وقادرة على ضرب جنوب إسرائيل حتى لو تم إطلاقها من بيروت.

وتابع فيشمان أنه على الرغم من التصعيد في غزة إلا أن وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك اختار بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع بعد عملية "شتاء حار" القيام بجولة في بلدات شمال إسرائيل وتفقد الملاجئ الجديدة التي تم ترميمها والتي يبلغ عددها 1700 ملجأ.

وقال إن اغتيال القيادي في حزب الله عماد مغنية "كان على ما يبدو ضربة أقوى مما توقعوا في الغرب، فالإيرانوين فقدوا البوصلة برغبتهم في الانتقام، والنظام السوري تم إذلاله وبات يبدو ضعيفا، بشكل بدا فيه أن الحساب الذي فتحته الجبهة الشمالية مع إسرائيل منذ قصف المنشأة النووية في 6 سبتمبر الماضي يوشك على الانفجار".

وأضاف فيشمان أن "التقديرات في إسرائيل تتحدث عن عملية عسكرية كبيرة في البلاد أو في الخارج أو عند الحدود ضد إسرائيل أو ضد إسرائيليين، وربما عدة عمليات كهذه...والجمهور (في إسرائيل) لا يعلم بهذا لأن السياسيين لا يريدونه أن يقلق، لكن في الأيام الأخيرة يسود توتر شديد في الجبهة الشمالية، والجميع بانتظار أربعين مغنية، وثمة تخوف من أن يستمر المهرجان الموعود أكثر بكثير من هذا التاريخ".

وتابع أن بايداتس أوضح لأعضاء لجنة الخارجية والأمن هذا الأسبوع أن "لحزب الله ألف سبب وسبب لتفجير المنطقة، بدءا من تحليق الطيران الإسرائيلي في لبنان وتحرك قوات تابعة لقيادة الجبهة الشمالية (للجيش الإسرائيلي) في جيوب على طول الحدود (مع لبنان) وقضية مزارع شبعا لم يتم حلها بعد".

وكشف أن باراك انضم إلى رئيس الوزراء ايهود أولمرت ورئيس الأركان غابي أشكنازي ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية عاموس يدلين لاجتماع في مقر الفرقة العسكرية 91 أو "فرقة الجليل".

ولفت فيشمان إلى أن "رئيس الوزراء لا يتوجه للفرقة 91 لمجرد الزيارة وخصوصا في يوم وصول وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس، وإنما كان هناك ما يتوجب أن يسمعه وأن يقوله".

وأشار إلى تصريحات أولمرت خلال اجتماع كتلة حزب كديما في الكنيست ردا على أقوال رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو بخصوص شن عملية واسعة في القطاع.

وقال أولمرت عندئذ "على ما يبدو أن رئيس المعارضة لا يريد إبقاء أية جبهة من دون قتال وهو يريدنا على جميع الجبهات الممكنة" وبحسب فيشمان فإن هذه الأقوال كانت لسعة مقصودة مع تلميح كبير، إذ أن نتنياهو مطلع على الوضع عند الجبهة الشمالية.

وقال فيشمان إنه عندما يبحث جهاز الأمن الإسرائيلي في عملية عسكرية ضد حماس في القطاع فإنه يبحث أيضا في كيفية تأثير ذلك على الجبهة الشمالية وعلى التهديد الإيراني ومكانة إيران في المنطقة.

من جهة أخرى كتب فيشمان أن "إسرائيل تنازلت عن معالجة جذرية شاملة لمشكلة صواريخ القسام"، لكن الجيش يحذر من الجهة الثانية من أن عدم وقف إطلاق هذه الصواريخ سيؤدي إلى تطويرها وعندها ستدخل مدن إسرائيلية أخرى ضمن مدى الصواريخ الفلسطينية وأهمها مدينة أزدود (أشدود).

وأضاف أن حل هذه المعضلة بالنسبة لإسرائيل هو التهديد باجتياح إسرائلي للقطاع بعد عملية "شتاء حار" الدموية لأن "هذا يخرج حماس من توازنها" كما أن الحديث حول أن أحد أهداف "شتاء حار" هو إسقاط حكم حماس في القطاع دفع حماس لإجراء اتصالات مع مصر حول وقف إطلاق النار.

وقال فيشمان أنه عندما أدرك قادة حماس مساء السبت الماضي أن عملية "شتاء حار" محدودة النطاق "خفضوا المجهود القتالي بصورة ملموسة" والاستعداد لـ"مهرجانات الانتصار" على القوات الإسرائيلية.

ولم يستبعد فيشمان أن تبادر حماس لتنفيذ عمليات ضد القوات الإسرائيلية وحتى داخل إسرائيل وقال إن الجيش الإسرائيلي سيواصل بتنفيذ توغلات في القطاع ضدها، وذلك لكي تكسب الحكومة الإسرائيلية بعض الوقت، لأنها منغلقة على فكرة عدم تنفيذ عمليات واسعة في القطاع.

وفي الوقت ذاته حذر فيشمان من أن هذا المنظور العسكري في التعامل مع حماس في غزة لن ينجح، مثلما لم ينجح في لبنان منظور حسم الحرب من خلال ضربات جوية.