كديما والعمل اتفقا على عدم حل الكنيست

"المشهد الإسرائيلي" - خاص

بعد أسابيع من العراك السياسي الساخن وتبادل الاتهامات والتهديدات، اتفق قادة حزبي كديما والعمل على معادلة تمنع حل الكنيست. وقد اتفق القيادي في كديما ورئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، تساحي هنغبي، وسكرتير العمل، ايتان كابل، على معارضة العمل لمشروع قانون حل الكنيست في حال تم طرحه للتصويت، اليوم الاربعاء – 25.6.2008. وتجدر الإشارة إلى أن كلا زعيمي الحزبين، رئيس الحكومة ايهود أولمرت، ووزير الدفاع ايهود باراك، لم يسعيا أبدا لحل الكنيست، لأن لا مصلحة لهما بتاتا بتقديم موعد الانتخابات العامة في هذه المرحلة، وإنما حاولا في الأسابيع الأخيرة، منذ تفجر قضية التحقيق ضد أولمرت بتهمة الحصول على رشى مالية، تسجيل مكاسب سياسية شخصية. وكان واضحا منذ البداية أن حل الكنيست يشكل انتحارا سياسيا للحزبين، في مقابل إحياء حزب الليكود وإيصال زعيمه، بنيامين نتنياهو، إلى كرسي رئاسة الحكومة.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم، إن هنغبي وكابل والوزير شالوم سيمحون، من حزب العمل، اجتمعوا أمس لساعات طويلة في منزل باراك، في تل أبيب، واتفقوا في نهايته على أن يلتزم حزب العمل بمعارضة مشروع قانون حل الكنيست، في حال تم طرحه اليوم،أو في أي موعد آخر خلال الأسابيع المقبلة، مقابل التزام كديما بإجراء انتخابات تمهيدية داخلية واختيار رئيس للحزب وذلك حتى موعد أقصاه 25 أيلول المقبل. كذلك التزم كديما بعقد اجتماع للجنة لشؤون الحزب، اليوم، لتبدأ بدفع عملية الانتخابات التمهيدية إلى الأمام وأن تقرر كتلة كديما البرلمانية بعد أسبوعين موعدا محددا لإجراء الانتخابات التميهيدة شرط أن تجري قبل يوم 25 أيلول. وفي حال كانت هناك حاجة لإجراء جولة انتخابات تمهيدية ثانية فإنها يجب أن تجري قبل هذا التاريخ أيضا.

وجاء في الاتفاق الذي وقع عليه هنغبي وكابل أن الوضع "يتطلب تحمل مسؤولية رسمية من أجل إسرائيل. وترى الكتلتان أنهما ملزمتان بالحفاظ على استقرار الحكم وتقوية الشراكة الائتلافية بينهما".

وقال قياديون في العمل أن "الاتفاق يعني أن أولمرت أنهى مهامه". ومن جهة أخرى أكد قياديون في كديما على أن أولمرت اطلع خلال مساء وليلة أمس على تطور المفاوضات بين هنغبي وكابل، كما أن هنغبي، بناء على طلب كابل، قرأ الاتفاق النهائي لأولمرت وحصل على موافقته عليه. وقال هنغبي لموقع يديعوت أحرونوت الالكتروني إن "كلا الجانبين أدركا أن التصادم بينهما لا يخدمهما ولا يخدم الدولة. وهناك تفاهم يسمح للجانبين بالحفاظ على كرامتهما، وقد طلب العمل تحديد موعد لإجراء الانتخابات التمهيدية يوافق عليه رئيس الحكومة، وواضح أنه لا توجد هنا مماطلة لكسب الوقت".

وأضاف هنغبي أن "الاتفاق سيمكن رئيس الحكومة من عبور فترة الاستجواب المضاد في قضية المغلفات المالية (قضية تالانسكي)، ورؤية ما إذا كان سيطرأ تغيّرا ما على معركته القضائية. وفي هذه المرحلة فإن خائب الأمل الوحيد من هذا الاتفاق هو الليكود وبنيامين نتنياهو". وأوضح أن "هذه الأزمة تفتقر للمنطق في جوهرها لأن الحزبيين ليسا مهتمين بانتخابات في الوقت الذي يتطلب اتخاذ قرارات سياسية وأمنية فيه".

من جهة ثانية نقلت صحيفة هآرتس عن قياديين في كديما قولهم إنه "من الواضح أنه لا توجد أزمة أيديولوجية حقيقية بين باراك وأولمرت وإنما صراعات حول الأنا الذاتية لكل منهما". وأضافوا أن "أولمرت مستاء من أن باراك عمل بصورة أحادية الجانب ضده وأنشأ أزمة ثقة كبيرة جدا بما في ذلك في القضايا الأمنية والسياسية. وهذا كان السبب من وراء تهديد أولمرت بإقالة وزراء العمل لأنه لا يمكن الاستمرار في إدارة دفة الحكم بهذا الشكل. كذلك فإن باراك أدرك أنه بالغ وأن الخطوات السياسية التي اتبعها لم تكن حكيمة لأنه لا يستفيد من التوجه لانتخابات الآن".

وقال مقربون من أولمرت إن مبعوثين توجهوا إلى رئيس الحكومة وأبلغوه أنهم تحدثوا مع باراك الذي قال بدوره إنه يبحث عن طريقة للخروج من الأزمة، بصورة يبدو فيها العمل كمن حقق انجازا وبذلك يتمكن الحزب من التصويت ضد حل الكنيست.

وفي موازاة المفاوضات مع حزب العمل بذل أولمرت جهودا لإقناع حزب شاس بعدم تأييد حل الكنيست. ويطالب شاس مقابل معارضته حل الكنيست بزيادة مخصصات الأولاد. لكن أولمرت أوضح خلال اتصالاته مع شاس بأن هذه المخصصات لن تزداد وإنما سيقترح سبيلا آخر لضخ ميزانيات للشرائح الضعيفة. ويواصل حزب شاس التهديد بأنه إذا لم يتم زيادة مخصصات الأولاد فإن نوابه سيؤيدون حل الكنيست. لكن هذا التهديد فارغ من مضمون لأنه بعد اتفاق العمل – كديما ومعارضة العمل لحل الكنيست فإنه لن يتم طرح مشروع القانون هذا على الكنيست بسبب عدم وجود أغلبية مؤيدة له، إضافة إلى أنه في حال تم طرح مشروع قانون حل الكنيست وفشل فإن الكنيست لن تتمكن من التصويت عليه إلا بعد مرور نصف عام.

وحاول الصحفي ناحوم برنياع في تعليق نشره في يديعوت أحرونوت، اليوم، تلخيص الحال التي وصل إليها كل من أولمرت وباراك. وكتب أن "أولمرت يعلم أن ولايته منتهية. أعداؤه انتصروا عليه. وحتى لو نجح في البقاء حتى آذار المقبل، إلا أنه فقد القدرة على القيادة. وهو يتمسك بأمل حدوث أعجوبة. ربما يغرب عنه تالانسكي في الاستجواب المضاد؛ ربما يقع حدث يعيد اختراع أولمرت من جديد. ولأنه رجل ذكي، فإني أعتقد أنه أكثر مما هو يأمل بحدوث أعجوبة، هو يؤمن بالصمود. وطالما هو جالس على كرسي رئيس الحكومة فإنه ملزم بخلق انطباع أنه سيجلس هناك إلى الأبد، وإلا فإنهم سيأكلونه حيا. الأنا. هذه هي معظم القصة. والأنا هي القصة أيضا لدى باراك. إنه يستغرب كيف أنه عندما يأمر أولمرت بالاستقالة، لا يسارع أولمرت لتنفيذ رغبته. إنه لا يحكم في حزبه، لكن ينبغي عليه أن يثبت أنه يسيطر على الأمور في كديما".