أميركا وإسرائيل تضغطان على إيران

"المشهد الإسرائيلي" – خاص

كشفت صحيفة معاريف، اليوم الأحد – 22.6.2008، عن أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، ايهود أولمرت، التقى يوم الجمعة الماضي مع ضابط سلاح الجو السابق العميد في الاحتياط أفيئام سيلَع الذي وضع مخطط الهجوم الإسرائيلي ضد المفاعل النووي العراقي في 7 حزيران 1981. ويكتسب النشر حول لقاء أولمرت – سيلع، اليوم، أهمية على ضوء التحليلات التي تضمنتها الصحف الإسرائيلية في أعقاب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، يوم الجمعة الماضي، كشفت فيه عن تدريب كبير أجراه سلاح الجو الإسرائيلي لتوجيه ضربة للمنشآت النووية الإيرانية. وبحسب التقرير الأميركي فإن سلاح الجو الإسرائيلي أجرى التدريب في جزيرة كريت اليونانية التي تبعد عن إسرائيل مسافة مماثلة لبعد إيران عن إسرائيل.

وأفادت معاريف بأن جدول لقاءات أولمرت لم يشمل اللقاء مع سيلع وأنه جرت محاولة الامتناع عن النشر عنها، لكن مكتب أولمرت اقر أمس عقد اللقاء. وتشير التقديرات إلى أن أولمرت أراد الاستماع إلى تقديرات سيلع حول احتمالات تنفيذ هجوم جوي إسرائيلي ضد إيران. ولفتت معاريف إلى أن سيلع كان سيتولى سلاح الجو الإسرائيلي لولا تورطه في قضية الجاسوس الإسرائيلي في الولايات المتحدة، جوناثان بولارد، إذ كان أول من أجرى اتصالا مع بولارد وجنده للتجسس لصالح إسرائيل.

من جهة أخرى، رأى المحلل العسكري في معاريف، عمير ربابورت، أن النشر عن تدريب سلاح الجو الإسرائيلي في نيويورك تايمز وتقارير أخرى حول الموضوع ذاته في الأسابيع الأخيرة يدل على أن إسرائيل "بقيت وحدها في مواجهة القنبلة الإيرانية". ومن هذه الناحية فإن النشر الأخير في الصحيفة الأميركية هو استمرار لتصريح وزير المواصلات الإسرائيلي، شاؤل موفاز، قبل أسبوعين بأن على إسرائيل مهاجمة إيران. واعتبر ربابورت أن تصريح المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية، باراك أوباما، مؤخرا، بأن "لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها أمام إيران"، يترك انطباعا بأن إسرائيل وحدها التي ستهاجم إيران.

وحذر ربابورت من أن تحويل البرنامج النووي الإيراني لمشكلة إسرائيلية هو تطور خطير، لأن مصلحة إسرائيل هي أن تقود الولايات المتحدة الصراع ضد إيران وأن تجند تحالفا دوليا لهذا الغرض. وأشار الكاتب إلى أن هذا كان الدافع وراء منع رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، أرييل شارون، جميع المسؤولين الإسرائيليين من التحدث في الموضوع الإيراني. ورأى ربابورت ومحللون إسرائيليون آخرون أن الهدف من الكشف عن التدريب الكبير الذي أجراه سلاح الجو الإسرائيلي، وهناك تقديرات بأن المعلومات تسربت من إسرائيل وليس من الولايات المتحدة، هو تصعيد الضغوط على إيران لتوقف برنامجها النووي. وأكد ربابورت على أنه لم تكن هناك حاجة لتقرير نيويورك تايمز لمعرفة أن الجيش الإسرائيلي يستعد لاحتمال مهاجمة إيران. لكنه حذر ايضا أن هجوما ضد إيران لن يكون شبيها للهجوم الإسرائيلي ضد منشأة دير الزور السورية في أيلول الماضي لأن إيران سترد بهجمات صاروخية من أراضيها ومن لبنان وقطاع غزة بواسطة صواريخ حزب الله وحماس.


من جانبه، أشار المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت، ألكس فيشمان، إلى أن توقيت نشر تقرير نيويورك تايمز لم يكن محض صدفة. وإنما هو جاء في وقت يدرس فيه النظام الإيراني مقترحات قدمها الاتحاد الأوروبي وتقضي بأن توقف إيران برنامجها النووي مقابل حصولها على امتيازات كبيرة. ومن الجهة الثانية رأى فيشمان أن الأميركيين يتكتمون على خيارهم العسكري ضد إيران ويفضلون أن يكون الإسرائيليون هم "المجانين" في المرحلة الحالية. ويلمح الأميركيون بذلك إلى أوروبا أن لا تتوقف عن ممارسة ضغوط على إيران. وفي مقابل ذلك فإن تدريب سلاح الجو جاء في موازاة تولي قائد سلاح الجو الإسرائيلي الجديد، اللواء عيدو نحوشتان، مهام منصبه، ما يعني أن "إيران ستبقى الشغل الشاغل المركزي لنحوشتان".

ولفت فيشمان إلى أن إسرائيل عملت على تنسيق التدريب مع عدد كبير من الدول في المنطقة ودول عظمى. بدءا من استخدام أجواء دول وحتى التنسيق مع قيادات حاملات الطائرات الأميركية والروسية. وقارن الكاتب بين الاستعدادات الإسرائيلية لمهاجمة إيران وبين مهاجمة المفاعل النووي العراقي ومنشأة دير الزور. وأشار في هذا السياق إلى أنه في المرتين السابقتين لم تطلق إسرائيل تصريحات ولم تهدد، وإنما هاجمت وحسب، بينما هذه المرة "نحن نهدد، وبإمكان الإيرانيين أن يكونوا مطمئنين. إذ أنه عندما ينبحون، يبدو أنهم لا يعتزمون أن يعضوا".

لكن المراسل والمحلل العسكري لصحيفة هآرتس، عاموس هارئيل، توصل لنتيجة مختلفة. ورأى أن الوقت أخذ ينفذ "ولو كان المسؤولون في القدس يفكرون بجدية في أنه ينبغي عليهم الاعتياد على توازن رعب نووي جديد، لسمعنا مديحا حيال عقلانية النظام الإيراني". وأشار هارئيل إلى أن المسؤولين السياسيين والعسكريين في إسرائيل يدركون أن سلاح الجو الإسرائيلي ليس قادرا على تدمير كافة المنشآت النووية الإيرانية. لكن رغم ذلك فإنهم يعتبرون أن تدمير قسم من هذه المنشآت وعرقلة تطور البرنامج النووي الإيراني هو انجاز بحد ذاته.

ورأى محلل الشؤون الاستراتيجية والاستخباراتية في هآرتس، يوسي ميلمان، أن "احتمالات نجاح هجوم ضد إيران مرتبط بالمعلومات الاستخباراتية التي ستتوفر لدى إسرائيل. ومعلومات دقيقة تعني معرفة سمك الاسمنت في المباني التي ستتم مهاجمتها وعمق هذه المنشآت في باطن الأرض. ومعلومات كهذه ستملي على إسرائيل نوعية الأسلحة والقنابل (الذكية) التي ستستخدمها. وبحسب تقارير صحفية أجنبية فإن إسرائيل قد تستخدم الغواصات التي بحوزة سلاح البحرية أيضا، والتي يبرز تفوقها بقدرتها على الوصول إلى مناطق قريبة من إيران من دون اكتشافها. لكن مساوئها تكمن في عدد الصواريخ القليل نسبيا التي بإمكانها حملها".

ولفت ميلمان إلى دراسة أميركية تم إعدادها في العام 2006، وتناولت هجوما إسرائيليا محتملا ضد إيران. وبحسب هذه الدراسة فإنه لدى سلاح الجو الإسرائيلي ثلاثة مسارات لهجوم كهذا. المسار الأقصر والمركزي يمر في أجواء الأردن والعراق. والمسار الثاني يمر عبر الحدود التركية السورية، فيما المسار الثالث يمر فوق البحر المتوسط والسعودية أو بقربها.