صحافي إسرائيلي: العدالة تجلت عندما قتل سكان شفاعمرو نتان زادة

"المشهد الإسرائيلي" - خاص

تناول الصحافي الإسرائيلي يونتان يافين، في مقال نشره في صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم الثلاثاء – 17.6.2008، قرار النيابة العامة الإسرائيلية تقديم لوائح اتهام ضد عشرة مواطنين من مدينة شفاعمرو، تنسب فيها لهم تهمة التسبب بمقتل الإرهابي عيدان نتان زادة، الذي نفذ مجزرة شفاعمرو وقتل أربعة مواطنين من المدينة بدم بارد. ووصف الكاتب عزم النيابة تقديم لوائح اتهام كهذه ب"العنصرية".

وكانت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في إسرائيل قد أصدرت أمس، الاثنين، بيانا رفضت فيه قرار النيابة العامة واعتبرت هذا القرار "بمثابة صلافة ووقاحة عنصرية رسمية مُمَؤْسَسَة تجاه الجماهير العربية الفلسطينية في البلاد. وبدلاً من البحث عن خلفية الجريمة الإرهابية التي نفذها زادة، والدفيئة الفاشية التي نشأ فيها كظاهرة، والمساعدات التي تلقاها لتنفيذ جريمته مع سبق الاصرار والترصد، وبتخطيط مُسبَق، تجعل الجريمة بعيدة عن أن تكون عملاً فردياً، فإن النيابة ارتأت إدانة الضحية التي دافعت عن نفسها عندما حاول زادة مواصلة جريمته وقتل المزيد من مواطنيي شفاعمرو، بكونهم عرباً ليس إلا".

وأضافت اللجنة في بيانها أن "قرار النيابة يعني عملياً مواصلة الجريمة بأدوات مختلفة ورسمية، ويعني أننا امام عقلية خطيرة، لا تمارس العنصرية منهجياً ضد الجماهير العربية فحسب، بل تستبيح، بهذا المعنى، دم هذه الجماهير وبالتالي وجودها في وطنها، وهنا يكمن الخطر الأكبر.
وبالمقابل تقوم النيابة ذاتها ، كذراع تنفيذي للمؤسسة الاسرائيلية وانعكاس للذهنية التي تحركها، بإغلاق ملفات قَتلة أبنائنا خلال العدوان البوليسي السياسي الاعلامي على الجماهير العربية في أُكتوبر 2000، دون وازع لأي اعتبار، إمعاناً في المساس بوجود الجماهير العربية وبحياتها، بل وكتأشيرة رسمية للجريمة القادمة".

وشدد البيان على أنه "في ضوء ذلك، ولأننا نعي أن القضية في جوهرها وسيرورتها هي قضية سياسية، وهي قضية الجماهير العربية وقياداتها عموماً، فإننا ندعو الى ضرورة التصدي لقرار النيابة العامة، ومواجهته بحكمة ومسؤولية وشجاعة، في الإطار السياسي السليم والأبعاد القطرية الوحدوية والجماعية، وعبر المسارات الشعبية والقانونية، ليس فقط لإلغاء قرار النيابة، إنما دفاعاً عن حياتنا ومستقبلنا أيضاً، واحتراماً لشهدائنا الأبرار".

من جانبه كتب الصحفي يونتان يافين أن هناك "عنصرية خفية وخفية أقل مدفونة فينا، جميعا، حتى لدى المتنورين بيننا، ضد العرب. وبقدر ما نحاول، فإننا لن ننجح في الامتناع عن النظر إلى العربي على أنه 'آخر'، أو فهمه بمبالغة شبه متنورة، خصوصا، لأنه عربي. ويصبح هذا الأمر أصح أكثر في هذا الوقت، الذي يسهل فيه للغاية كره العرب والغضب عليهم... لكن حتى داخل هذه العدائية، فإن الكثيرين من المواطنين اليهود يبررون في قلوبهم اللينش الذي نفذه سكان شفاعمرو بالجندي المختل العقل نتان زادة. ففي حالات معاكسة كثيرة، حاز مواطنون إسرائيليون نفذوا لينش بحق مخرب، وفي
أحيان كثير بحق عربي بريء ومجرد مر بالمكان، على وسام شعبي وأحيانا على شهادة تقدير من وزير أو مفتش عام للشرطة أو مدير عام وزارة".

وأضاف يافين أنه "لهذا السبب فإن قرار النيابة العامة بمحاكمة عشرة من بين المشبوهين بتنفيذ اللينش مثير للسخط. تهب من هذا القرار رياح سياسية غير شرعية إضافة إلى الصعوبة الموضوعية في إثبات من تواجد هناك وماذا فعل... ومما لا شك فيه أن نتان زادة نفسه قرر التنازل عن حياته في اللحظة التي صعد فيها إلى الحافلة الملعونة (التي أطلق فيها النار وقتل أربعة مواطنين). والعدالة الوحيدة التي لم يتم تنفيذها كانت قبل الاعتداء، بالعثور عليه وتشخيصه واعتقال هذا المختل عقليا، الذي حصل على سلاح وذخيرة مجانا من الدولة".

وأكد يافين على أن "ثمة عدالة أكبر. تلك العدالة، الأصيلة، التي أقيمت من أجلها مؤسسات محترمة، مثل النيابة العامة والمحكمة وحتى الكنيست، ومن أجلها كُتبت كتب القانون، ومن أجلها نسجن مجرمينا ولا نلقي بهم في حلبة الأسود. إنه لأمر محرج الاعتراف بذلك، لأن في ذلك استسلام معين للبربرية المتجذرة والنابضة في كل إنسان، لكن هذه العدالة تجلت عندما قتل سكان شفاعمرو نتان زادة. والآن ألغوا لوائح الاتهام ودعوهم في حالهم. باسم عدالة أكبر".