الجيش الإسرائيلي يطالب بشن هجمات بعد إطلاق كل صاروخ من القطاع

"المشهد الإسرائيلي" - خاص

أعدت شعبة التخطيط في هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي وثيقة أوصت من خلالها بشن هجمات عسكرية محدودة في قطاع غزة بعد إطلاق كل صاروخ من هناك. وذكرت صحيفة هآرتس، اليوم الأحد – 6.7.2008، أنه تم توزيع الوثيقة على القيادة الأمنية والسياسية الإسرائيلية، الأسبوع الماضي. ودعا معدوها إلى إعادة النظر في السياسة الإسرائيلية الحالية تجاه قطاع غزة. وكان اتفاق التهدئة ووقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة قد دخل حيز التنفيذ قبل أسبوعين ونصف. وترى إسرائيل بإطلاق صواريخ وقذائف هاون معدودة، سبعة صواريخ قسام وخمس قذائف هاون، من القطاع باتجاه جنوب إسرائيل خلال هذه الفترة أنه يشكل خرقا لاتفاق التهدئة.

وقالت هآرتس إن إطلاق هذه الصواريخ وقذائف الهاون تنفذه فصائل فلسطينية صغيرة لا تنصاع لتعليمات حماس. وقرر وزير الدفاع الإسرائيلي، ايهود باراك، الأسبوع الماضي، إغلاق المعابر بين إسرائيل والقطاع ردا على إطلاق الصواريخ. ويعتبر عدد من ضباط الجيش الإسرائيلي أن إغلاق المعابر ليس كافيا. ويرون أن حماس مهتمة جدا باستمرار التهدئة لأنها "تخدم مصالحها". ورغم ذلك قال هؤلاء الضباط إن "إسرائيل لا يمكنها أن تسمح لنفسها ألا ترد على خروقات واضحة مثل إطلاق صواريخ باتجاه أراضيها، خلافا للاتفاق". وأوصوا في وثيقة أعدوها للقيادة السياسية والأمنية بأن "ترد إسرائيل بصورة عينية على كل خرق، بهدف إعادة تثبيت شروط الاتفاق ومنع استمرار إطلاق الصواريخ والقذائف".

وفي السياق ذاته كتب المراسل العسكري لهآرتس، عاموس هارئيل، والمراسل للشؤون الفلسطينية، أفي سخاروف، في تحليل مشترك نشراه اليوم، أن "التهدئة أخذت تظهر تدريجيا أنها صفقة معقدة وحتى أنه مشكوك فيها بالنسبة لإسرائيل. وكانت إسرائيل قد تراجعت خلال المفاوضات على التهدئة عن مطلبها الأصلي، المتمثل بالهدوء مقابل الهدوء، ووافقت على مطلب حماس بفتح معابر البضائع للقطاع كجزء من الاتفاق، وإبقاء معبر رفح مغلقا". ورأى الكاتبان أن إسرائيل بموافقتها على فتح المعابر لمرور البضائع تكون قد تنازلت عن أهم وسيلة ضغط بيدها في المفاوضات حول اتفاق تبادل أسرى مع حماس وإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير في القطاع، غلعاد شليط، وهي الحصار الاقتصادي.

وأضاف الكاتبان أن المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين يعتبرون أن إعادة إغلاق المعابر، ردا على إطلاق صواريخ وقذائف هاون، سيشكل وسيلة ضغط اقتصادي على سكان القطاع الذين سيضغطون بدورهم على حماس، ويطالبون بالعودة إلى حياة طبيعية أكثر وأن حماس سترضخ لهذا الضغط الشعبي وستمارس سيادتها على الفصائل الفلسطينية الصغيرة لتوقف إطلاق الصواريخ. وبحسب المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين فإنه بالإمكان من خلال إغلاق المعابر وقف التصعيد وستتم إعادة فتح المعابر بعد أن يسود الهدوء مجددا.

لكن حماس رفضت قبول "قواعد اللعبة" الجديدة التي تحاول إسرائيل فرضها، من خلال إغلاق المعابر. وأعلنت الحركة أنها ستوقف المفاوضات حول "صفقة شاليت" في حال إغلاق المعابر. ووصف هارئيل وسخاروف هذا التطور أن "شاليت تحول بمفهوم معين إلى رهينة في مسألة المعابر، وقد يتحول الحصار الآن إلى ذريعة أخرى لحماس لتأخير الاتصالات حول تحريره". كما وصفا هذا الوضع بأنه "فخ جديد". وفي حال عدم التوصل لحل فإن الوضع "سيطرح تساؤلات حيال صدق نوايا مصر، التي وعدت بدفع موضوع شاليت قدما بعد دخول التهدئة حيز التنفيذ".

من جهة أخرى أشار الكاتبان إلى أن الحكومة الإسرائيلية منشغلة في هذه الأثناء في مشاكلها السياسية الداخلية واحتمالات تقديم موعد الانتخابات العامة. وانتقدا الحكومة التي "يبدو أنها اختارت مجددا التغاضي عن مؤشرات مقلقة" وشبها الوضع عند الحدود مع القطاع بالوضع الذي ساد الحدود الشمالية لإسرائيل بين السنوات 2000 و2006 عندما تغاضت حكومات إسرائيل عن إطلاق عدد محدود من الصواريخ من لبنان باتجاه شمال إسرائيل وتنفيذ حزب الله هجمات ضد مواقع إسرائيلية وانفجار الوضع بعد ذلك باندلاع حرب لبنان الثانية.

وفي غضون ذلك قرر باراك تشكيل طاقم يضع توصيات حول مبادئ وقيود لصفقة تبادل أسرى في المستقبل. وأفادت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم، بأن باراك توجه بهذا الخصوص مؤخرا إلى رئيس المحكمة العليا الأسبق، القاضي المتقاعد مائير شمغار، وإلى البروفيسور أسا كاشير، الذي وضع "الكود الأخلاقي" للجيش الإسرائيلي، وإلى مدير عام وزارة الدفاع السابق، اللواء في الاحتياط عاموس يارون. ووافق الثلاثة على تشكيل الطاقم. وأوضحت مصادر في جهاز الأمن الإسرائيلي أن توصيات هذا الطاقم لن تكون سارية المفعول على صفقتي تبادل الأسرى مع حزب الله، التي أقرتها حكومة إسرائيل الأسبوع الماضي، ومع حماس.