الرئيس الأميركي يؤكد وجود غطاء لتهديداته ضد إيران

بوش في الكنيست: امتلاك إيران لسلاح نووي "خيانة للأجيال المقبلة" * يوافق على ضم إسرائيل إلى نظام الإنذار المبكر من الصواريخ الباليستية لدى إطلاقها من أي موقع في أنحاء العالم * زيارة بوش تميزت بإغداق المديح على إسرائيل والتعبير عن دعم عدوانيتها بشكل مطلق وتجنب الحديث عن المفاوضات والسلام

"المشهد الإسرائيلي" - خاص

أفادت تقارير صحافية إسرائيلية، اليوم الجمعة- 16.5.2008، أن الحكومة الإسرائيلية راضية جدا من نتائج زيارة الرئيس الأميركي، جورج بوش، لإسرائيل. وكان بوش وصل إسرائيل أول من أمس، الأربعاء، للمشاركة في احتفالات الذكرى السنوية الستين لقيامها، وسيغادرها اليوم متوجها إلى السعودية. وتتوجت زيارة بوش بخطاب ألقاه أمس الخميس في الكنيست، شدد فيه على منع إيران من حيازة سلاح نووي. وشدد بوش أمام الكنيست على أنه "إذا سمحنا لهذه الدولة بأن تمتلك السلاح الأكثر فتكا في العالم فإن هذا سيكون خيانة للأجيال المقبلة".

ونقلت صحيفة هآرتس، اليوم، عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى قوله إنه "تم التوضيح خلال محادثات مع الرئيس الأميركي جورج بوش أنه يوجد غطاء لتصريحاته في الموضوع النووي الإيراني". وأضافت مصادر سياسية إسرائيلية أنه كان معروفا مسبقا لها أن تطرق بوش إلى الموضوع النووي الإيراني سيكون شديدا جدا.

وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، ووزير الدفاع، إيهود باراك، قد استعرضا خلال لقائهما مع بوش معلومات جديدة حول الموضوع، بهدف إقناعه بوجوب إعادة أجهزة الاستخبارات الأميركية النظر في تقييماتها حيال الموضوع. يذكر أن التقرير الأخير الذي أعدته أجهزة الاستخبارات الأميركية أشار إلى أن إيران توقفت عن سعيها لإنتاج سلاح نووي منذ العام 2003. وأثار التقرير لدى صدوره استياء إسرائيليا كبيرا واعتبر أنه يضع حدا لاحتمال تنفيذ هجوم ضد المنشآت النووية الإيرانية. وقال مصدر سياسي إسرائيلي آخر لهآرتس إنه في أعقاب الزيارة تنظر الولايات المتحدة بالإيجاب لطلب إسرائيل رفع مستوى العلاقات الإستراتيجية- الأمنية بين الدولتين.

ويبدو أن تحسين هذه العلاقات قد حصل فعلا. فقد ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم، أنه خلال لقاء بوش مع أولمرت وباراك، وافق الرئيس الأميركي على الطلب الإسرائيلي بضم الأخيرة إلى نظام الإنذار المبكر من الصواريخ الباليستية لدى إطلاقها من أي موقع في أنحاء العالم. وستحصل إسرائيل على إثر ذلك على جهاز رادار ضخم ومتطور جدا لرصد إطلاق الصواريخ. وواضح أن إسرائيل سعت للحصول على هذه "الهدية" الأميركية لرصد الصواريخ الإيرانية الطويلة المدى خصوصا. وبحسب الصحيفة فإن انضمام إسرائيل لهذا النظام، سيمكنها من الاستعداد لمواجهة هجوم ضدها من خلال منظومة "حيتس" الصاروخية المضادة للصواريخ، كما سيمكنها من تحذير مواطنيها في وقت مبكر نسبيا. ويرتبط نظام الإنذار المبكر بأقمار التجسس الاصطناعية الأميركية التي تراقب، أيضا، إيران على مدار الأربع والعشرين ساعة. وأكد بوش أيضا أنه يميل للموافقة على طلب إسرائيل باقتناء أسلحة تكنولوجية متطورة وحديثة جدا.

وتميزت زيارة بوش الحالية بإغداق المديح على إسرائيل من دون أي تحفظ، والتعبير عن دعمها المطلق في كل سياساتها. وكرر بوش مرات عديدة وقوف الولايات المتحدة إلى جانبها. وقال في خطابه أمام الكنيست أمس إن "شعب إسرائيل يعدّ سبعة ملايين نسمة فقط، لكن عندما تواجهون إرهابا يوجد معكم 300 مليون أميركي". وباستثناء بضع كلمات حول العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين فإن بوش لم يتطرق في تصريحاته إلى المفاوضات المتعثرة. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن بوش تعمد تجنب الحديث عن العراقيل التي تضعها إسرائيل أمام المفاوضات وخصوصا الاستيطان.

وفي المقابل، شجع بوش إسرائيل على سياستها العدوانية ضد الفلسطينيين وغيرهم، معتبرا أن "مواجهة الإرهاب هو التحدي الأكبر في عصرنا، وهو صِدام قيم وليس صداما عسكريا فقط". وقال بوش إن "للدول الحق في الدفاع عن أنفسها، لا يتوجب إرغام أمة على اتفاق سلام مع قتلة يتطلعون لتدميرها وقتل الأبرياء لتحقيق أهداف مرفوض دائما... وحماس وحزب الله والقاعدة سيهزمون وسيدركون أن الإرهاب ليس أداة. وعندها سيكتمل حلم (واضع فكرة "دولة اليهود" ثيودور) هرتسل والمؤسسين"..

ورأت هآرتس في افتتاحيتها، اليوم، أن أقوال بوش هذه هي "صافرة تهدئة لإسرائيل وتحذير (للرئيس الإيراني) محمود أحمدي نجاد وعلي خامنئي (مرشد الجمهورية الإسلامية)". لكن الصحيفة أشارت إلى أن هذه أقوال هي أيضا بلاغ للمرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية، باراك أوباما، "بأن بوش سيستغل صلاحياته حتى آخر يوم في ولايته لبلورة سياسة قتالية ضد إيران". وأضافت هآرتس أنه "إذا انتخب أوباما رئيسا، ولم ينتخب المرشح الجمهوري، جون ماكين، الذي تتطابق مواقفه مع مواقف بوش، فإن بوش قد يقدم على استخدام وسائل عسكرية (ضد إيران) حتى في الشهرين ونصف الواقعة بين الانتخابات وقَسم الرئيس الجديد".

وانتقد وزير العدل الإسرائيلي السابق وعضو الكنيست يوسي بيلين، من حزب ميرتس، بوش وقال إنه لا يفهم أن الصداقة مع إسرائيل تعني دفع السلام إلى الأمام. وأوضح بيلين بعد خطاب بوش في الكنيست أن "الرئيس بوش لا يفهم أن صداقة حقيقية مع إسرائيل يتم التعبير عنها من خلال مساعدة حقيقية بالتوصل إلى سلام مع جيرانها". وأضاف بيلين أن بوش" اكتفى خلال خطابه بكلمات جوفاء وطرح رؤيا للسلام لسنوات طويلة". وشدد على أن "إسرائيل بحاجة إلى سلام الآن وبإمكانها صنع ذلك فقط مع السوريين والفلسطينيين مباشرة".