أولمرت يقرر مواصلة التعاون مع ليفني رغم امتناعها عن دعمه

"المشهد الإسرائيلي" - خاص

أدرك رئيس الحكومة الإسرائيلية، ايهود أولمرت، أن وضعه السياسي المتردي لا يمكنه من المس بمكانة وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، أو زعزعة حزب كديما الذي يتزعمه. ونقلت صحيفة معاريف، اليوم الثلاثاء – 13.5.2008، عن قيادي كبير في كديما قوله إن "أولمرت فهم أن هجوما على ليفني هو بمثابة سهم مرتد، وأنه قد يخسر التأييد الذي يحظى به داخل الحزب". ويأتي هذا التطور بعدما هاجم مقربون من أولمرت ليفني بسبب عدم دعمها لأولمرت فيما يتعلق بالتحقيق الجديد ضده بشبهة حصوله على رشوة وامتناعها عن تمني البراءة له مثلما فعل سياسيون آخرون من كديما والتحالف الحكومي.

وكانت الصحف الإسرائيلية أفادت، أمس، بأن أولمرت سيعمل على دفع ليفني للاستقالة من الحكومة، فيما سرت شائعات في أروقة حزب كديما تفيد بأن أولمرت يسعى لسحب صفة "القائمة بأعمال رئيس الحكومة" من ليفني. وقد اثارت هذه الشائعات عاصفة في كديما، دفعت مقربين من أولمرت إلى التأكيد على أن أولمرت لا يعتزم العمل بصورة فعلية ضد ليفني أو المس بمكانتها. ونقلت معاريف عن أحد المقربين من أولمرت قوله إن "أولمرت يلتقي ليفني خمس مرات في الأسبوع ومنحها المسؤولية عن المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين. ورغم أن أولمرت شعر بالإهانة منها على المستوى الشخصي، لكن لن يكون لذلك أي تأثير عملي على مكانتها وسيستمر بالعمل معها بصورة كاملة".

وشكّل نشر صحيفة يديعوت أحرونوت لاستطلاع رأي، أمس، سببا آخر لتراجع أولمرت عن المس بمكانة ليفني. فقد أظهر الاستطلاع أن ليفني هي الشخصية الأكثر شعبية في حزب كديما وأن الحزب لا يمكن أن يبقى في السلطة، في انتخابات عامة مقبلة، إلا في حال وجود ليفني على رأسه. وبحسب الاستطلاع فإن حزب كديما برئاسة ليفني سيتغلب أيضا على حزب الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو.

لكن بانتظار ليفني مصاعب أخرى للوصول إلى كرسي رئاسة الحكومة في حال تنحي أولمرت. إذ يطالب خصماها، الوزيران شاؤل موفاز ومائير شيطريت، بألا تتسلم مقاليد الحكم من دون انتخابات داخلية في كديما. وتشير التقديرات، بحسب معاريف، إلى أنه سيكون من الصعب على ليفني التغلب على موفاز وشيطريت. وقال قياديون في كديما إن "موفاز وشيطريت سيتغلبان على ليفني في انتخابات داخلية".

وفيما يتعلق بالعملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين قال مقربون من أولمرت أنه يعتزم "الاستمرار في العملية السياسية كأنه لا يوجد تحقيق، والتعامل مع التحقيق كأنه لا توجد عملية سياسية". واشار أحد هؤلاء المقربين إلى أن الادعاء بعدم تمتع أولمرت بشرعية لمواصلة العملية السياسية طالما أنه يخضع للتحقيق الجنائي صادر من صفوف اليمين فقط.

وكان مقربون من أولمرت توعدوا ليفني بأنها ستدفع ثمنا جراء استمرارها التزام الصمت على التحقيق الجاري ضد أولمرت بشبهة حصوله على رشوة، وعدم إعلان ليفني عن دعمه، مثلما فعل سياسيون آخرون في حزب كديما والتحالف الحكومي. ونقلت صحيفة هآرتس، أمس الاثنين- 12.5.2008، عن مقربين من أولمرت قولهم إن "تسيبي هي غادرة وناكرة للجميل وسوف تدفع الثمن جراء ذلك".

وكان المقربون من أولمرت يشيرون بذلك إلى أقول ليفني، في الأسبوع الماضي، والتي عبّرت فيها عن ثقتها الكاملة بالنيابة العامة والشرطة بعد فتح التحقيق الجديد ضد أولمرت، بينما لم تتمن أن يخرج بريئا من التحقيق، مثلما فعل سياسيون آخرون، بينهم وزير الدفاع ورئيس حزب العمل، إيهود باراك. وفي المقابل قال مقربون من ليفني إن "تسيبي فعلت ما تؤمن به وستستمر بالتصرف بهذا الشكل".

وتأتي أقوال المقربين من أولمرت ضد ليفني أيضا على خلفية أزمة سابقة في العلاقات بين الاثنين، عندما طالبت ليفني أولمرت بالاستقالة في أعقاب صدور التقرير الجزئي للجنة فينوغراد، في شهر نيسان من العام الماضي، وأكدت على أن أولمرت فشل في أدائه خلال حرب لبنان الثانية.

من جهة ثانية، قالت صحيفة معاريف، أمس، إن الأجواء عاصفة داخل حزب كديما، وذلك على خلفية التحقيق مع أولمرت. وبحسب معاريف فإن قياديين في الحزب يتخوفون من أن يدفع أولمرت ليفني إلى وضع لا يكون فيه خيار أمامها سوى الاستقالة. وفي هذه الحالة قد يعين الوزير شاؤول موفاز مكانها، كقائم بأعمال رئيس الحكومة، بعد أن أبدى هذا الأخير دعمه لأولمرت.

ونقلت معاريف أيضا عن مقربين من أولمرت قولهم إن ليفني "لا تدعم أولمرت" وتوعدوا "أنها ستدفع ثمن ذلك في صندوق الاقتراع، لأنه سيكون لأولمرت تأثير داخل الحزب حتى لو لم يكن مرشحا في الانتخابات المقبلة". وشارك 200 ناشط من قيادات حزب كديما، أول من أمس، في اجتماع تأييد لأولمرت وأعلنوا "أولمرت نحن معك". وبحسب معاريف فإن المجتمعين هم من النشطاء الميدانيين البارزين وهم عمليا "مقاولو أصوات" في الحزب، وأن الاجتماع جاء بهدف توجيه رسالة إلى الوزراء الذين ينافسون أولمرت، وخاصة ليفني، بأن لا يعملوا على الإطاحة به إلى حين صدور قرار بتقديم لائحة اتهام أو عدم تقديمها ضده.

وأعرب أعضاء كنيست من حزب كديما عن قلقهم من أن يقوم أولمرت بدفع ليفني للاستقالة، واعتبروا أن من شأن ذلك أن يؤدي إلى انهيار حزب كديما. وقالوا إن "ليفني هي ذخر انتخابي بالنسبة لكديما، ويحظر على أولمرت المس بالحزب، وعليه الحفاظ على ليفني". وقالت هآرتس إن أولمرت والمقربين منه يعرفون وضعه وإن قياديين في حزب كديما يعتقدون أنه "انتهى" من الناحية السياسية.

من جهة أخرى طالب 59% من الإسرائيليين رئيس الحكومة بالاستقالة على خلفية تحقيق الشرطة في شبهة حصوله على رشوة، فيما قال 33% إن عليه البقاء في منصبه، وذلك بحسب استطلاع رأي نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، أمس. وقال 60% من المشاركين في الاستطلاع إنهم لا يصدقون أولمرت عندما أعلن أنه لم يتلق رشوة، فيما قال 22% إنهم يصدقونه.

وتجري الشرطة الإسرائيلية بإشراف النيابة العامة تحقيقا جنائيا مع أولمرت في شبهة حصوله على رشوة من رجل الأعمال الأميركي اليهودي، موريس تالانسكي [اقرأ تقريرًا مفصلاً في مكان آخر].

ورأى 60% من المستطلعين أن أولمرت ليس قادرا على قيادة خطوات سياسية بسبب التحقيق معه، فيما رأى 38% أنه قادر على القيام بذلك. وأعرب 70% عن ثقتهم بالشرطة والنيابة العامة ورفضوا الادعاء بأن سلطات فرض القانون تلاحق أولمرت، فيما قال 26% إن هذه السلطات تلاحقه.

وفي ردهم على سؤال حول من هو القيادي الإسرائيلي الأنسب لتولي منصب رئيس الحكومة صوت 37% لرئيس حزب الليكود اليميني، بنيامين نتنياهو، و20% لرئيس حزب العمل ووزير الدفاع، إيهود باراك، و10% فقط لأولمرت.

وأظهر الاستطلاع مجددا أن وزيرة الخارجية تسيبي ليفني هي الأوفر حظا لخلافة أولمرت على رأس حزب كديما في حال استقالته، وأنها تحظى بتأييد 41% من المشاركين في الاستطلاع، فيما حصل الوزير شاؤول موفاز على تأييد 16% ووزير الأمن الداخلي 13% ووزير الداخلية مائير شيطريت 8%.

وتبين من الاستطلاع أنه فقط في حال ترأست ليفني حزب كديما في انتخابات عامة مقبلة فسيتمكن هذا الحزب من البقاء في السلطة، حيث سيفوز بـ27 مقعدا في الكنيست، فيما حزب الليكود سيفوز بـ23 مقعدا وحزب العمل بـ15 مقعدا. أما إذا بقي أولمرت على رأس حزب كديما فإن الحزب سيفوز بـ12 مقعدا والليكود بـ28 مقعدا والعمل بـ19 مقعدا.

وفي غضون ذلك تُواصل الشرطة تحقيقاتها في قضية أولمرت الجديدة والشبهات بحصوله على رشوة.

ونقلت صحيفة هآرتس عن مصادر في الشرطة ضالعة في التحقيق قولها إن الشبهات تتعلق أيضا بحصول أولمرت على أموال في فترات لم تجر فيها انتخابات.

وكان أولمرت قد أعلن في بيان أمام وسائل الإعلام، يوم الخميس الماضي، أن أموال التبرعات التي تلقاها من تالانسكي كانت غايتها تمويل معارك انتخابية وسد عجز مالي نشأ في أعقابها. لكن المصادر الضالعة في التحقيق أشارت إلى أن التحقيق يتركز، أيضا، في جمع أدلة تتعلق بالعام 2005 ومن شأنها أن تدين أولمرت لأنه لم تجر انتخابات في إسرائيل في ذلك العام.

وقالت المصادر ذاتها إن "التحقيق سيكون أسهل إذا ما تناول شبهات تتعلق بفترات قريبة، لا شبهات تتعلق بفترات منذ 15 عاما، عندما نشأت العلاقة حينئذ بين أولمرت وتالانسكي". وأشار مصدر في الشرطة إلى أنه "مما لا شك فيه أن أولمرت يحاول جر التحقيق في اتجاه جمع أموال للانتخابات، لكن على عكس الانطباع الذي يحاول خلقه، فإن طاقم التحقيق يركز الآن على فترة لم تجر فيها انتخابات ولم يكن خلالها، على ما يبدو، أي مبرّر لجمع أموال لحملة انتخابية".

من جهة أخرى، كشفت هآرتس عن أن تالانسكي سدد من ماله الخاص دينا على جهة عملت من أجل انتخاب أولمرت لرئاسة بلدية القدس وأدارت تمويل الحملة الانتخابية. وبحسب المعلومات المتوفرة فإن هذه الجهة لم ترجع المبلغ لتالانسكي حتى اليوم. وتحقق الشرطة فيما إذا كان ذلك يشكل تمرير أموال بصورة غير قانونية.