مسؤولون أمنيون إسرائيليون: لدينا معلومات جزئية فقط حول مكان شاليت

"المشهد الإسرائيلي" – خاص

أثار تصريح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غابي أشكنازي، حول معرفة إسرائيل المكان الذي يُحتجز فيه الجندي الأسير في قطاع غزة، غلعاد شاليت، تساؤلات كثيرة خصوصا فيما يتعلق بأسباب عدم تنفيذ عملية عسكرية لتحريره. ودفعت هذه التساؤلات الناطق العسكري الإسرائيلي إلى إصدار بيان توضيحي جاء فيه، أن أشكنازي قصد أن إسرائيل تعلم أن شاليت موجود في قطاع غزة وأنه لا جديد في تصريح رئيس الأركان.

إلا أن صحيفة هآرتس نقلت، اليوم الثلاثاء – 5.8.2008، عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين رفيعي المستوى قولهم إنه "يوجد اليوم بحوزة إسرائيل معلومات استخباراتية جزئية فقط حول مكان تواجد الجندي غلعاد شاليت". وأضاف المسؤولون أنه منذ أسر شاليت، في 25 حزيران العام 2006، كانت هناك عدة فرص توفرت خلالها لدى إسرائيل معلومات دقيقة أكثر حول مكان احتجاز شاليت. رغم ذلك، أشار المسؤولون ذاتهم إلى أن "الصعوبة الأساسية في تنفيذ عملية إنقاذ رهينة هي ترجمة المعلومات الاستخباراتية إلى خطة عسكرية، تمكن إنقاذه من دون وقوع إصابات". وأكد هؤلاء المسؤولون على أنه "لم تكن بحوزة إسرائيل في أية مرحلة قدرة كهذه، التي من شأنها أن تسمح لرئيس الحكومة بالمصادقة على تنفيذ عملية إنقاذ".

وكان أشكنازي قد قال خلال زيارته لمركز استقبال مجندين جدد للواء المدرعات في الجيش الإسرائيلي، أمس الاثنين، "إننا نعرف أن غلعاد على قيد الحياة ونحن نعرف أين يتم احتجازه ومن قبل من ونأمل أن ننهي هذه القضية". وسأل أحد المجندين أشكنازي حول "ما هو الثمن الذي نحن مستعدون لدفعه" مقابل إطلاق سراح شليط، الذي خدم أيضا في لواء المدرعات، "فنحن سننهي دورة تأهيل قريبا وسنذهب إلى الخطوط (عند الجبهات) ونحن نريد أن نعرف ما الذي سيحصل". ورد أشكنازي قائلا إن "هذا سؤال جيد جدا وغلعاد هو أحد جنودنا الذين أرسلناهم إلى مهمة وينبغي علينا إعادته وبذل كل جهد لتحقيق هذا الأمر".

وفي رده على سؤال حول ما إذا كان يتوجب تحرير شليط من خلال عملية عسكرية أو مفاوضات سياسية قال أشكنازي "أشعر أننا أنهينا المهمة فيما يتعلق بالجنديين المخطوفين (لدى حزب الله) ايهود (غولدفاسير) وإلداد (ريغف)، رغم أننا لم نُعدهما أحياء وكان مهما أن نحضرهم وكانت هذه خطوة هامة ونحن نعكف الآن أيضا وفي كافة المستويات على إعادة غلعاد في اقرب وقت ممكن". واضاف أشكنازي "سنعمل أيضا على حل لغز (الطيار الإسرائيلي المفقود) رون أراد وبقية المفقودين فهذا موضوع هام لنا جميعا من الناحية الأخلاقية وأعتقد أن ثمة أهمية بأن يعرف الجنود أنه يوجد من يهتم بإعادتهم إلى البلاد في حال وقوع حدث مشابه وايهود وإلداد هما التعبير عن هذا التوجه". وخلص أشكنازي إلى القول إن "هذا الموضوع يشغلنا جميعا ويشغل الحكومة أيضا ونحن نعمل من أجل إنهاء القضية في أسرع وقت ممكن".

ورأى المحلل والمراسل العسكري في هآرتس، عاموس هارئيل، إن ردود الفعل الكثيرة نسبيا على تصريح أشكنازي نابعة من "صياغة غير حذرة من جانب رئيس الأركان"، وذلك رغم أن أشكنازي يعتبر رجل ملتزم بالصمت، مقارنة مع رؤساء الأركان السابقين، وقد امتنع عن منح مقابلات صحفية منذ توليه المنصب قبل سنة ونصف السنة. واستبعد هارئيل أن يقدم الجيش الإسرائيلي على تنفيذ عملية عسكرية لإنقاذ شاليت، وحذّر في الوقت ذاته من عواقب عملية كهذه. وذكر في هذا السياق عملية إنقاذ الجندي الإسرائيلي نحشون فاكسمان، الذي خطفته مجموعة فلسطينية مسلحة في العام 1994. فقد كان لدى الشاباك عندها معلومات دقيقة حول مكان احتجاز فاكسمان، في قرية بير نبالا في شمال القدس. وأسفر هجوم القوة الإسرائيلية عن مقتل أحد أفرادها ومقتل فاكسمان نفسه. وأشار هارئيل إلى أن عملية إنقاذ فاكسمان كانت سهلة للغاية، كون مكان الاحتجاز في القدس وفي منقطة تقع تحت السيطرة الإسرائيلية، مقارنة مع ما ينتظر الجيش الإسرائيلي في حال أقدم على تنفيذ عملية لإنقاذ شاليت في قطاع غزة. وأضاف أن "على القيادة السياسية، مثلما هو الحال بالنسبة لقادة الجيش والشاباك الذين يقدمون المشورة لها، أن تأخذ بالحسبان هذه المعطيات في حال درسوا تنفيذ عملية إنقاذ بالقوة. وليس صدفة أن عائلة شاليت عبرت علنا عن معارضتها لعملية كهذه".

كذلك أكد المحلل العسكري في صحيفة معاريف، عمير ربابورت، على أنه "حتى لو كان بحوزة الشاباك وشعبة الاستخبارات العسكرية معلومات دقيقة حول مكان تواجد شاليت، فإنه يجدر بنا أن ندرك أن إمكانية إنقاذه بواسطة الجيش الإسرائيلي تنطوي على إشكالية كبيرة، وهذا إذا كانت إمكانية كهذه موجودة أصلا". وأشار ربابورت إلى أن الجيش الإسرائيلي استخلص العبر من عملية إنقاذ الجندي فاكسمان، إضافة إلى أن الوضع في قطاع غزة، حيث يحتجز شاليت، معقد أكثر واحتمال نجاح عملية إنقاذ "تراوح الصفر".


وتساءل المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت، ألكس فيشمان، أنه "من جهة، إذا كانت أقوال أشكنازي صحيحة، لماذا إذا لا ننقذ شاليت من هناك؟ ومن جهة ثانية، إذا كانت بحوزتنا معلومات دقيقة لهذه الدرجة حول مكان تواجد شاليت، هل يعقل أن يعلن رئيس الأركان عن ذلك؟". ورأى فيشمان أن الموضوع يستحق تشكيل لجنة تحقيق رسمية. وكتب أن "مكان تواجد غلعاد شاليت خلال السنتين الأخيرتين هو موضوع للجنة تحقيق وليس أقل من ذلك. وعندما يعود شاليت سالما معافى لبيته، ينبغي التحقيق مع أولئك الذي كانوا مؤتمنين على 'المعلومات' في هذه القضية وتوجيه أسئلة حول ما الذي كانوا يعرفونه، ومتى عرفوا ذلك وما هو حجم الجهد الذي تم بذله في الأشهر الأولى للحصول على معلومات".