إسرائيل تتحفظ من التهدئة وتعتبر أنها ستؤدي إلى زيادة قوة حماس

"المشهد الإسرائيلي" - خاص

مررت إسرائيل مطلع الأسبوع الحالي رسالة إلى مصر عبّرت فيها عن تحفظها من صيغة خطة التهدئة في قطاع غزة، واعتبرت أن من شأنها أن تؤدي إلى زيادة قوة حركة حماس وإضعاف الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن).

وقالت صحيفة هآرتس، اليوم الأربعاء – 30.4.2008، إن مسؤولين كبارا في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزارة الخارجية أبلغوا مبعوث وزير الخارجية المصري، حسام زكي، بهذه الرسالة لدى زيارته إسرائيل يوم الأحد الماضي. ونقلت الصحيفة عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله إنه لا يبدو أن تقدما هاما قد طرأ على المفاوضات بين مصر والفصائل الفلسطينية في هذه المرحلة.

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، ايهود باراك، قد اعتبر خلال جولة في منطقة رام الله في الضفة الغربية، أمس، "إننا نخوض الآن مواجهة مع حماس. وهذا (الوصف للوضع) أصح من احتمال (التوصل إلى) هدنة". كذلك قال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، اللواء عاموس يدلين، خلال اجتماع الحكومة الإسرائيلية الأسبوعي، أمس، إن حماس تخطط لتنفيذ هجوم "نوعي" في يوم الذكرى الستين لقيام إسرائيل، الذي يصادف يوم الخميس من الأسبوع المقبل. وبحسب هآرتس فإن تصريحات باراك ويدلين هي جزء من جهد إسرائيلي لخفض التوقعات من احتمال التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار في القطاع، والتعتيم على العلاقة بينها وبين المحادثات التي تجريها مصر مع الفصائل الفلسطينية الناشطة في قطاع غزة، التي بدأت أمس.


وقالت هآرتس إن صعوبات تواجه المحادثات بين مصر وحماس، من جهة، وهناك خلافات داخل حماس وبين الحركة نفسها والفصائل الفلسطينية الأخرى، من جهة ثانية، الأمر الذي سيرجئ التوصل إلى توافق على هدنة في القطاع. وبدا الأسبوع الماضي أنه تم تحقيق تقدم في الاتصالات بين مصر وحماس حول وقف إطلاق النار، وحتى أن حماس أعلنت عن موافقتها المبدئية على اتفاق تهدئة وأبلغت المصريين بذلك، لكن في الايام الأخيرة نشب خلاف بين قيادات حماس.

ووفقا لتقرير هآرتس، اليوم، فإن هناك خلافا حاصلا بين القيادة السياسية للحركة، وخصوصا بين أعضاء المكتب السياسي لحماس الموجودين في دمشق وبين قيادة حماس في القطاع، إضافة إلى خلافات بين القيادات العسكرية في القطاع. ولا يزال قائد الجناح العسكري لحماس، أحمد الجعبري، يتحفظ من هدنة في الظروف الحالية.

وتشير تقديرات مصادر أمنية إسرائيلية إلى أن حماس تتحدث الآن عن تهدئة لفترة قصيرة وليس عن هدنة لأمد طويل. واعتبرت المصادر ذاتها أن الهدف الذي تسعى حماس لتحقيقه من خلال ذلك هو ضمان حصانة مؤقتة على الأقل لقادتها من عمليات اغتيال قد تنفذها إسرائيل، وذلك إضافة إلى رفع الحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل على القطاع.

ولفتت هآرتس إلى أن مدير الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس غلعاد، تواجد الأسبوع الماضي في أوروبا لقضاء عطلة، وهو الآن متواجد في رحلة عمل إلى الولايات المتحدة. ويدل ذلك على أن اتفاقا على تهدئة ما زال بعيدا، وأنه لو تم التوصل بين مصر والفصائل الفلسطينية إلى اتفاق لكان غلعاد سيعود إلى البلاد.

وشدد المسؤولون الإسرائيليون أمام المبعوث المصري زكي على أن حماس تسعى لوقف إطلاق نار لكسب الوقت على خلفية الحصار على القطاع والضغوط العسكرية الإسرائيلية على حماس. وقال هؤلاء المسؤولون إن "الاتفاق على وقف اطلاق نار من دون لجم تزايد قوة حماس هو فكرة ليست جيدة، وستكون النتيجة أن وقف إطلاق النار سيؤدي لتزايد قوة حماس وإضعاف أبو مازن".

لكن من الجهة الأخرى لفت مصدر سياسي إسرائيلي إلى أن إسرائيل قد تواجه معضلة في حال استمرت بتحفظها من صيغة التهدئة فيما تنجح مصر بالتوصل إلى اتفاق مع حماس. وقال المصدر ذاته إن "إسرائيل ستواجه صعوبة في رفض ذلك، لكن الموافقة على ذلك ورفع الحصار سيشكل انتصارا لحماس".

ونقلت هآرتس عن المبعوث المصري قوله في أثناء لقائه المسؤولين الإسرائيليين إن مصر قلقة من احتمال اختراق معبر رفح بين القطاع ومصر مجددا، "ونحن لا نوافق أن يحدث أمر كهذا". كذلك شدد زكي على أن مصر تعتزم محاربة تهريب الأسلحة من سيناء إلى القطاع بصورة جدية أكثر من الماضي، "فهذا أمر هام بالنسبة لنا ونحن سنصعد من نشاطنا بهذا الخصوص. كذلك فإن الأميركيين يساعدوننا بتزويدنا بعتاد تكنولوجي والوضع هناك سوف يتحسن".


هذا، والتقى زكي خلال زيارته لإسرائيل مع وزيرة الخارجية تسيبي ليفني واتفق معها على عقد لقاء مصالحة بينها وبين نظيرها المصري، أحمد أبو الغيط، يوم الجمعة المقبل، على هامش مؤتمر الدول المانحة الذي سينعقد في لندن. وجرت اتصالات "هادئة" خلال الأسابيع الماضية بين وزارتي خارجية الدولتين بهدف استئناف الحوار بين الجانبين في موضوع تهريب اسلحة إلى قطاع غزة عبر الحدود مع مصر. وبدأ التوتر بين الجانبين بعدما هاجمت ليفني مصر خلال اجتماع في الكنيست في شهر كانون الأول الماضي واعتبرت أن مصر لا تمارس نشاطا جديا لمنع تهريب أسلحة للقطاع. كما هاجم تقرير لوزارة الخارجية الإسرائيلية أبو الغيط بشدة فيما رد أبو الغيط على ليفني قائلا إن "عليها أن تعمل في الأمور التي تفهم فيها وليس بقضايا أمنية".