جديد مركز مدار- العدد 28 من مجلة قضايا إسرائيلية

رام الله: صدر حديثا عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية- "مدار" العدد (28) من فصلية "قضايا إسرائيلية". ويقع في 130 صفحة. يعالج في عدة دراسات ومقالات الصراعات الحادة التي برزت في السنوات الأخيرة والتي تدور حول تقسيم الموارد وحول ماهية اسرائيل وتقاسم الأدوار والمسؤوليات فيها.

وتشير الدراسات الى اشتداد هذه الصراعات التي يدخل الفلسطينيون والعرب في بنيتها، بفضل التطورات السياسية والأمنية واستمرار عملية الخصخصة واندماج إسرائيل في العولمة الاقتصادية والثقافية.

ويلاحظ القارئ، كما يشير مدير تحرير المجلة، البروفيسور عزيز حيدر، في مقدمته، مدى تأثير توقيع اتفاقات أوسلو عام 1993 وفشلها في تحقيق السلام على عدد من التطورات الهامة في المجال السياسي والأمني. كما يلاحظ أن التطورات الأمنية (خاصة الانتفاضة الثانية وحرب لبنان الثانية) قد أدخلت الجيش الإسرائيلي في نقاشات حادة حول مكانته والتي كان في السابق "يترفع" عنها بفضل المكانة العالية التي منحه إياها الإسرائيليون تعبيراً عن أهمية الأمن للدولة والمجتمع. إلا أن عملية "ذبح البقرات المقدسة" قد طالت الجيش والمحكمة العليا و"الصندوق القومي اليهودي" ومعظم المؤسسات والهيئات باستثناء أجهزة المخابرات.

تدور معظم السجالات بين المنتخبين في الهيئات التمثيلية (الكنيست والحكومة) وبين المهنيين (قضاة المحكمة العليا، الاقتصاديين والنخب العسكرية). كما يدور صراع حاد بين القطاعات الإثنية المشكّلة للمجتمع الإسرائيلي وشرائح اجتماعية مختلفة وسكان أنواع مختلفة من المستوطنات وبين المركز والمحيط حول موارد الدولة.

يتناول هذا العدد من "قضايا" بالعرض والتحليل، عدداً من أهم القضايا التي يدور حولها الصراع في إسرائيل: قضايا الأرض والتخطيط، مستقبل الأراضي التي في حوزة "الكيرن كييمت"، الدور الذي يقوم به المحافظون الجدد في تحديد السياسة الإسرائيلية، التركيب الإثني للجيش وتبعاته السياسية والأمنية، تحول الجيش من "جيش الأمة" إلى جيش محترف والمبادرات الإسرائيلية التي سبقت عقد اجتماع أنابوليس. كما يستعرض العدد، القضايا الخلافية المتعلقة بالدين والدولة والرقابة العسكرية.

في العدد دراسة للبروفيسور راسم خمايسي حول المركز والأطراف في إسرائيل، وتبعاتهم التخطيطية والاجتماعية، تتبع التحولات في موقع وضع ومكانة المركز في إسرائيل قبل وبعد قيامها، وعرض المدارس التخطيطية والتنموية في إعادة تنظيم وتخطيط الحيز فيها. كما تحاول الدراسة أن تتناول تبعات هذه العلاقة بين المركز والأطراف على خلق الفجوات بين المناطق والتي لها ارتباط بالتركيبة القومية، الاثنية والثقافية لسكان المركز مقابل الأطراف.

د. ثابت أبو راس يعالج الصندوق القومي اليهودي: الصراع على ماضيه ومستقبله، في دراسة هدفها تقصي تطور الصندوق القومي اليهودي التاريخي ونشاطه قبل قيام دولة إسرائيل في العام 1948 وبعدها، حسم النقاش حول كمية الأراضي التي يمتلكها ومصادرها. كذلك يتوقف الكاتب في هذا البحث عند تأثير هذا الصندوق اليوم ومكانته في المؤسسة الإسرائيلية وتحليل الصراع الدائر حول دور الصندوق ومستقبل الأراضي التي يمتلكها معتمدا بالأساس على مصادر وأدبيات صهيونية.

د. جاي بن- بورات يحلل عودة بنيامين نتنياهو ثانية في تتبُّع لتأثير المحافظية الجديدة على صنع السياسة في إسرائيل، وتحديد مصادر قوتها والتنبؤ فيما إذا كان نموذج السلطة الجديد هذا وبما ارتكز إليه من عقيدة، قد حاز على أرضية ما. ولإنجاز هذا، تكشف الدراسة عن العلاقة ما بين الأفكار والسياسات والسياسة نفسها. وهكذا، فمن جهة أولى، يشرح الباحث تضاريس المنطق الأيديولوجي لليمين، ومن جهة أخرى، ممارساته السياسية وتوجهات سياسته.

البروفيسور يورام بيري يتتبع مسيرة النُخبة العسكرية الجديدة في إسرائيل، حيث في العصر الأول لـ "بناء الأمة" كانت قضايا الأمن تقف على رأس جدول الأولويات الوطني، وكان الجيش الإسرائيلي في قلب الإجماع، ويتمتع بمكانة رمزية عالية، وشكل أداة في بناء الأمة، حيث أن الخدمة العسكرية تشكل وسيلة وحيدة لتحقيق الانتماء والعضوية في الدولة. وكانت النظرة إلى الجيش على أنه جسم غير سياسي، وفوق النقد، وكان هناك تماثل بين النخبة العسكرية وبين النخبة السياسية.

وتغير كل هذا في العصر الثاني، الذي هو عصر "الصراعات حول تعريف الهوية". حيث أن انعدام النجاحات في ميدان المعركة خلال جيل من الزمن، وصعوبات الأداء لدى الجيش الإسرائيلي، إزاء انعدام الإجماع على الأهداف القومية، كلها أمور مست بمكانة الجيش الرمزية ذائعة الصيت.

د. عدنه لومسكي- فيدر وبروفسور إيال بن- آري، يفتحان "خزانة" الجيش أيضا، في دراسة بعنوان من "شعب في الزيّ الرسميّ" إلى "أزياء رسمية مختلفة لشعب"- الاحتراف والتنوع في الجيش الإسرائيلي، حيث يحللان الطريقة التي "يتدبّر" بها الجيش الإسرائيلي موضوع "التنوع" الاجتماعي والثقافي. و"التنوع" بحدّ ذاته ليس موضوعا مركزيا في القوات المسلحة في الدول الأخرى، حيث يجب أن تفهم صيغة السياسات والترتيبات التي تخص "الأقليات" كجزء من إعادة تفكير أكثر اتساعا في مستقبل القوات المسلحة. ولفهم إدارة التنوع في الجيش الإسرائيلي يجب أن يؤخذ في الاعتبار ذلك الجدل الدائر حول دور الجيش المستمر في تعريف "الانتماء القومي" في إسرائيل ("جيش الشعب") وتحويله إلى قوة صغيرة موحّدة تقوم على الاحتراف ("جيش محترف"). وفي إطار هذا الجدل الأكثر اتساعا، ومشتقاته التنظيمية والمؤسساتية، يجب النظر إلى إدارة الجماعات المتنوعة ومطالبها.

د. جوني منصور يضيء الذاكرة في حديث عن قرار التقسيم (رقم181) حيث يصادف مرور ستين عاماً على قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين، عربية ويهودية. ويهدف المقال إلى التعرف على الخلفية التاريخية للقرار وملابساته ونتائجه ومضاعفات تنفيذه من طرف واحد.

حوار قضايا هذا العدد مع تساحي هنغبي، رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست وأحد أبرز أقطاب حزب كديما الحاكم في إسرائيل ومقرب من رئيس وزراء إسرائيل إيهود أولمرت.
أجرى الحوار بلال ضاهر، وكرر فيه هنغبي أكثر من "لا" يمينية، وطرح تصورا إنسانيا لقضية الصراع بعيدا عن الجوهر السياسي.

وتعالج "قضايا" في هذا العدد المبادرات الإسرائيلية التي سبقت انعقاد اجتماع أنابوليس، والقضايا المتعلقة بمسألة علاقة الدين بالدولة، ومسألة علاقة الجيش بالمجتمع من خلال طرح قضية الرقابة إلى جانب قراءات موسعة في مجموعة من الإصدارات العبرية.