عسكريون إسرائيليون يتوقعون تكرار هجمات حماس على المعابر

"المشهد الإسرائيلي" - خاص

أبرزت الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم، الاثنين – 21.4.2008، تداعيات الهجوم الذي شنه مسلحون من حركة حماس على معبر كرم أبو سالم (كيرم شالوم) في جنوب قطاع غزة، أول من أمس السبت. وفيما ركز أحد المحللين على شكل رد الفعل الذي يتوجب على إسرائيل تنفيذه في قطاع غزة وفشل الاستخبارات الإسرائيلية في جمع معلومات مسبقة عن هجوم السبت وغيره من الهجمات، سعى محللان آخران إلى تحليل أهداف حماس من استهداف المعابر بين القطاع وإسرائيل. لكن جميعهم أجمعوا على أن إسرائيل لا تعتزم في الوقت الحالي تنفيذ عملية عسكرية واسعة ضد القطاع. كذلك يتوقع مسؤولون عسكريون إسرائيليون أن تكرر حماس محاولة تنفيذ هجمات ضد معابر بين القطاع وإسرائيل.

ودعا المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت، أليكس فيشمان، إلى تغيير شكل العمليات العسكرية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي ضد القطاع. واعتبر أنه "لم يعد بالإمكان التهرب من اتخاذ القرار الصعب: تغيير شكل العمليات العسكرية في قطاع غزة. وليس بإمكان القيادة السياسية والعسكرية الاستمرار في الثرثرة وكسب الوقت من خلال مباحثات حول مئة لتر وقود أخرى للفلسطينيين أو لا. هذا ليس جديا، هذا صرف أنظار، هذا إرجاء للنهاية".

وأضاف فيشمان أن شكل العمليات التي يتوجب على الجيش الإسرائيلي تنفيذها "لا يعني بالضرورة إعادة احتلال كل قطاع غزة. ومحاولة استعراض البدائل العسكرية التي لدى دولة إسرائيل حيال غزة بمصطلحات كل شيء أو لا شيء هو تضليل. وتنوع العمليات (العسكرية) الممكنة أوسع مما يبدو الأمر". واعتبر أن هذه البدائل تشمل "السيطرة على مناطق مركزية في القطاع لفترة طويلة، وعمليات اغتيال بحق القيادة وضرب جميع معسكرات التدريب التابعة لحماس في القطاع من دون استثناء".

وكتب فيشمان، في ما يبدو أنه تقديرات الجيش الإسرائيلي، أن حماس عملت نصف سنة على الإعداد للهجوم الذي نفذه مسلحوها يوم السبت الماضي. وأن الحركة "نسخت، عمليا، نموذج هجمات حزب الله في نهاية سنوات التسعين التي نفذها في منطقة الشريط الحدودي في (جنوب) لبنان ضد مواقع وقوافل الجيش الإسرائيلي". وتابع أن "حماس رصدت في هذه العملية الكثير من الوسائل الاستخباراتية بهدف تضليل الجيش الإسرائيلي". وأشار فيشمان إلى أنه "لا يتوجب المبالغة في قدرات حماس الاستخباراتية والعسكرية، لكنها درست جيدا هدفها، كيرم شالوم".

رغم ذلك رأى فيشمان أن "إحدى العبر الواضحة من هجمات حماس الأخيرة هي أنه يتوجب على الجيش والشاباك التدقيق في نوعية المعلومات الاستخباراتية التي يتم جمعها في قطاع غزة. فعندما وقع الهجوم في ناحال عوز وعندما تم نصب الكمين الذي قُتل فيه ثلاثة جنود من لواء غفعاتي وأيضا في الهجوم الأخير لم تصل تحذيرات. على الأقل ليست تحذيرات تمكن من وقف هذه الهجمات".

من جانبهما رأى مراسلا صحيفة هآرتس العسكري، عاموس هارئيل، وللشؤون الفلسطينية، أفي سخاروف، في مقال تحليل مشترك أن هجوم حماس، يوم السبت الماضي، "يدل على أن حماس مستعدة للمخاطرة بالكثير، الآن، من أجل تحقيق هدفين: إزالة الحصار الاقتصادي الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة والحصول على 'أوراق مساومة' – جنود مخطوفين آخرين – لغرض تحريك المفاوضات على إطلاق سراح أسرى فلسطينيين مقابل (الجندي الإسرائيلي الأسير في القطاع) غلعاد شاليت".

وأضاف الكاتبان أن "المعابر، التي تعمل بصورة مقلصة جدا في أعقاب الحصار، بقيت نقاط الاحتكاك الاساسية بين إسرائيل والفلسطينيين ولذلك تحولت إلى هدف مفضل بالنسبة لحماس. إضافة إلى ذلك فإن من شأن مهاجمتها أن يدفع إسرائيل إلى تشديد العقوبات. وهذا ليس تطورا سيئا بالضرورة في نظر حماس، رغم أن مليون ونصف مليون السكان في القطاع سيدفعون الثمن".

واعتبر هارئيل وسخاروف أن "تفاقم الأزمة (في القطاع) قد يؤدي في نهاية المطاف إلى ظهور تغيير: مثلا، بواسطة ضائقة كبيرة في القطاع تؤدي في النهاية إلى تدخل دولي يفرض على إسرائيل فتح المعابر من جديد". ونقل الكاتبان عن محللين فلسطينيين في القطاع قولهم إنه "يوجد هدف آخر للهجوم، يتعلق خصوصا بالجهد الرامي للتوصل إلى تهدئة في القتال. وبحسب المحللين الفلسطينيين فإن حماس معنية جدا بتهدئة لكنها تسعى للتوصل إليها من موقع قوة. وتدرك حماس جيدا الاعتبارات الإسرائيلية غير المعنية بشن عملية عسكرية واسعة في القطاع، على الأقل خلال الشهر القريب. بسبب حلول الفصح اليهودي، يوم الاستقلال وزيارة الرئيس (الأميركي جورج) بوش للمشاركة في احتفالات الستين (لقيام إسرائيل). وتجنيد قوات الاحتياط ليست إمكانية مفضلة، أو حتى معقولة، بفي ظر القيادة السياسية الإسرائيلية".

وتابع هارئيل وسخاروف أن "الهجوم على كيرم شالوم هو مبادرة غزاوية، لكن بحسب تقديرات الجيش الإسرائيلي فإنها اعتمدت على ضوء أخضر منحته قيادة الحركة في دمشق قبل بضعة شهور". واستبعد الكاتبان ضلوع رئيس المكتب السياسي لحماس، خالد مشعل، في تفاصيل الإعداد للهجوم وخصوصا فيما يتعلق بتوقيته، إذ أنه كان يلتقي، عندها، الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، "ولو نجح الهجوم لأحرج ذلك مشعل وأظهره كمن ليست له سيطرة على أتباعه في غزة".

وحذر الكاتبان من أن استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية "المحدودة" ستؤدي إلى "وقوع إصابات بين المدنيين، في جانبنا أو جانبهم، الأمر الذي بإمكانه أن يشعل القطاع حتى قبل يوم الاستقلال". ونقلا عن ضابط إسرائيلي كبير في هيئة الاركان العامة قوله إن "فشل الهجوم في كيرم شالوم لن يمنع الفلسطينيين من العودة إلى محاولة تجربة قوتهم بتنفيذ هجوم كبير في الفترة القريبة المقبلة".