انتقادات لأداء الجيش الإسرائيلي بعد مقتل ثلاثة من جنوده

"المشهد الإسرائيلي" - خاص

وجه محللون عسكريون إسرائيليون، اليوم الخميس – 17.4.2008، انتقادات إلى الجيش الإسرائيلي على أدائه خلال الاشتباكات المسلحة التي وقعت أمس بين قوات إسرائيلية ومسلحين فلسطينيين في وسط قطاع غزة ومقتل ثلاثة جنود وإصابة ستة آخرين. وكالعادة لم تأخذ هذه التحليلات بالحسبان الشهداء في الجانب الفلسطيني الذين بلغ عددهم أمس 20 شهيدا، بينهم مدنيون وأطفال إضافة إلى مقاتلين. واعتبر المحللون، وهم مقربون كثيرا من قيادات الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى، أن التوصل لحل للوضع في قطاع غزة لن يتم إلا من خلال عملية عسكرية واسعة ضد القطاع. واشاروا في الوقت ذاته إلى أن حركة حماس غيّرت تكتيكها، فهي قللت بصورة كبيرة إطلاق صواريخ القسام من القطاع باتجاه جنوب إسرائيل مقابل سعيها للاشتباك مع قوات الجيش الإسرائيلي من خلال مهاجمة "نقاط ضعف" وجر هذه القوات لكمائن، مثلما حدث أمس.

ووصف المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت، ألكس فيشمان، ما يجري في القطاع الآن بأنه "حرب استنزاف يومية" بالنسبة لإسرائيل تمليها سياسة الحكومة الإسرائيلية. وتساءل فيما إذا كان يوجد أحد ما في إسرائيل يفكر في شكل نهاية هذه الحرب الدائرة في القطاع، في إشارة إلى ضرورة شن عملية عسكرية واسعة. ومن جهة أخرى، كتب المحلل العسكري في صحيفة معاريف، عمير ربابورت، إن جهاز الأمن الإسرائيلي يتعامل مع العملية الواسعة على أنها أمر "لا يمكن منعه" وأن موعد تنفيذها سيكون بعد انتهاء إسرائيل من احتفالات الذكرى السنوية الستين لقيامها.

وبحسب ربابورت فإنه "بالإمكان الإشارة إلى التاريخ، بالإمكان الاستعداد لتلقي أوامر (تجنيد قوات) الاحتياط. وإذا لم يطرأ تطورا يفترس الأوراق ويغيّر الوضع في قطاع غزة من النقيض إلى النقيض، فإن الجيش الإسرائيلي سيشن عملية عسكرية لاحتلال أجزاء واسعة من القطاع بعد وقت ليس بعيد عن نهاية احتفالات الاستقلال الستين... والأحداث الدموية بالأمس تقرب هذه الخطوة". واضاف أن عدم إعطاء الحكومة الإسرائيلية ضوءا أخضر للجيش لشن العملية الواسعة حتى الآن سببه "بداية عيد الفصح اليهودي وبعد ذلك يوم الاستقلال، وخلال ذلك زيارة الرئيس الأميركي جورج بوش. فهذه ليست اسابيع جيدة لحروب كبيرة".

ولفت ربابورت إلى أن "التصعيد الذي وصل إلى ذروة مؤقتة لم يبدأ بالأمس وإنما قبل أسبوعين. إطلاق نار على مزارعين في حقول النقب الغربي وتنقيط غير متوقف لصواريخ القسام، دفع الجيش الإسرائيلي إلى تكثيف عملياته في منطقة 'الشريط الأمني'، وهي منطقة يتراوح عرضها ما بين 1.5 كيلومتر إلى مترين على طول الشريط الحدودي بين إسرائيل والقطاع". واشار إلى أن هذا الوضع أدى إلى طرح أسئلة صعبة كثيرة في صفوف الجيش الذي قتل ثمانية من جنوده في قطاع غزة خلال ثلاثة اشهر ونصف، معتبرا أن هذه "وتيرة إصابات عالية جدا". وقال أن "لدى حماس قادة عسكريين خضعوا لتدريبات في إيران خلال السنتين الأخيرتين ونقلوا خبرتهم للمقاتلين الذين لم يحظوا بذلك".

ودلت نتائج تحقيق أجراه الجيش الإسرائيلي بعد عمليات الأمس على وجود خلل في أداء القوة وخصوصا فيما يتعلق بتوغل القوة العسكرية في القطاع بمجرد رؤية مسلحين فلسطينيين يحاولان زرع عبوة ناسفة على مقربة من الشريط الحدودي. وقال ربابورت وفيشمان أنه كان بالإمكان مهاجمة المسلحين من الجو أو بواسطة نيران مدفعية من الأرض وعدم تعريض حياة الجنود للخطر داخل القطاع. وشدد ربابورت على أن أداء القوة الإسرائيلية التي توغلت في القطاع أمس، نجم عن رسالة واضحة تم تمريرها للقوات بصورة متواصلة في الأسابيع الأخيرة ومفادها أنه "يتوجب السعي لاشتباك في كل فرصة"، كرد فعل لعبر تم استخلاصها من حرب لبنان الثانية.

وكتب فيشمان أن "العدو – إن كان هذا حزب الله أو حماس – منشغل بمتابعة تحركات الجيش الإسرائيلي ويبذل في سبيل ذلك طاقة كبيرة. وهو يبحث عن نقطة الضعف. وعندما يتعرف على ثغرة في الدفاع عن معبر الوقود يهاجمها. وهو يعرف أن الجيش الإسرائيلي يرد بصورة غرائزية على كل اقتراب من الشريط الحدودي، وهذا الرد يتم بنمط معين ومتكرر".

واعتبر فيشمان أنه "طالما أن السياسة هي دفاعية وإطفاء حرائق على طول الشريط الحدودي، فإن حرب أدمغة حاصلة (بين الجيش والمقاتلين الفلسطينيين). كل جانب يدرس طوال الوقت الجانب الآخر، وستكون هناك أخطاء أخرى وسيسقط قتلى آخرون (في الجانب الإسرائيلي)". وخلص فيشمان إلى أن "السؤال هو هل هناك أحد ما يفكر ليس بالتقنيات العسكرية فقط، وإنما أيضا في سيناريو إنهاء هذه الحرب".