باراك يطالب المستوطنين بإخلاء مبنى الرجبي قبل البت في ملكيته

"المشهد الإسرائيلي" – خاص

التقى وزير الدفاع الإسرائيلي، ايهود باراك، صباح اليوم الخميس – 4.12.2008، مع قادة "مجلس المستوطنات"، ورفض طلبهم بإرجاء إخلاء المستوطنين من مبنى عائلة الرجبي في مدينة الخليل إلى حين بت المحكمة المركزية الإسرائيلية في القدس في مسألة الملكية على المبنى. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن باراك طالب المستوطنين بإخلاء المبنى طواعية، بموجب قرار المحكمة العليا الإسرائيلية، قبل بت المحكمة المركزية في مسألة الملكية. وأضاف باراك أنه بعد إخلاء المبنى سيكون بالإمكان البحث في تسريع الإجراءات القضائية حول الملكية.

ويذكر أن المحكمة العليا الإسرائيلية أصدرت قرارا، في 16 كانون الأول الماضي، يقضي بإخلاء المستوطنين أنفسهم طواعية من مبنى عائلة الرجبي، وذلك خلال ثلاثة أيام. ولم تقر المحكمة العليا بملكية عائلة الرجبي على المبنى وإنما أعادت الموضوع إلى المحكمة المركزية في القدس لتبت فيه. وفي غضون ذلك رفض المستوطنون إخلاء أنفسهم من المبنى، الذي احتلوه منذ شهر آذار من العام 2007. وأفادت تقارير صحفية بأن مسؤولين قانونيين في الجيش الإسرائيلي بلوروا رأيا مفاده أنه سيكون بإمكان الجيش والشرطة إخلاء المستوطنين في غضون شهر ينتهي بحلول يوم 15 كانون الأول الحالي. ويشار إلى أن المستوطنين يزعمون بأنهم دفعوا ثمن المبنى لمالكه الفلسطيني ويرفضون إخلاء المبنى. وفي محاولة لمنع الإخلاء يتبع المستوطنون سياسة يطلقون عليها اسم "العقوبة"، وينفذون من خلالها اعتداءات ضد المواطنين الفلسطينيين ويحاولون احتلال بيوت فلسطينية ويدنسون المساجد والمقابر. ويقع مبنى الرجبي على الطريق المؤدية من مستوطنة "كريات أربع" إلى الحرم الإبراهيمي.

واقترح "مجلس المستوطنات" على باراك، اليوم، عدم إخلاء المستوطنين بالقوة من مبنى الرجبي، في هذه المرحلة، وإنما يتوجه الجانبان، المستوطنون ووزارة الدفاع، إلى المحكمة المركزية مطالبين بتسريع النظر في مسألة الملكية على البيت، وفي المقابل يتعهد المستوطنون بقبول أي قرار تصدره المحكمة المركزية. لكن حتى صدور قرار المحكمة المركزية يمتنع المستوطنون، بموجب اقتراح "مجلس المستوطنات"، عن تنفيذ قرار المحكمة العليا. وهو ما يرفضه باراك حتى الآن.


ولم يصدر باراك حتى الآن أمرا لقوات الأمن الإسرائيلية بإخلاء المستوطنين من المبنى، لكن تقارير صحفية إسرائيلية تفيد بأن قوات من الجيش ووحدة حرس الحدود جاهزة لتنفيذ الإخلاء، بعد مداولات يتوقع أن يجريها باراك مع قيادة وزارة الدفاع. وقالت مصادر أمنية إسرائيلية في ختام اللقاء بين باراك وقيادة المستوطنين، اليوم، إن باراك مصر على إخلاء المستوطنين بالقوة إذا لم يخلوا أنفسهم طواعية. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن باراك قوله إن "المواطنين ملزمون بقبول سيادة الدولة. ولن نسمح لجهات متطرفة بتقويض صلاحيات الدولة وأسسها. وعلى سكان المبنى إخلاؤه وتطبيق تعليمات مؤسسات الدولة والمحكمة. وسيكون بالإمكان التوصل إلى حل للخلاف فقط بعد إخلاء المبنى".

وكان باراك قد عبر عن قلقه من انتشار عنف المستوطنين إلى مناطق أخرى في الضفة الغربية، خلال مقابلة أجرتها معه القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي، أمس. وقال إنه "من الجائز أننا أمام موجة أعمال شغب ستنتشر في جميع أنحاء يهودا والسامرة". ودعا "كل من بإمكانه التأثير (على المستوطنين) أن يمارس تأثيره الآن قبل القيام بعمل" في إشارة إلى الإخلاء بالقوة.

من جهة أخرى، كشفت صحيفة هآرتس، اليوم، عن وثيقة أعدها المستشار التنظيمي لقيادة الجبهة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، الرائد يوتام أميتاي، الذي حذر قائد الجبهة الوسطى، اللواء غادي شمني، لدى تسلمه المنصب، من "الخنوع" للمستوطنين. وتطرق أميتاي في الوثيقة إلى تصاعد قوة "البديل المتطرف لدى القيادة الفعلية للمستوطنين" وإلى الواقع الهش الذي سيتعين على شمني مواجهته. وكتب أميتاي في الوثيقة أن "من شأن الواقع المتفاعل الذي نتواجد فيه أن يعيد المستوطنات، خلال لحظة واحدة، إلى حالة من التوتر والاحتجاج العنيف ضد الدولة ومؤسساتها".

وقال أميتاي في الوثيقة إن "علينا التوقف عن تقوية قيادة المستوطنين، لأن هذا ليس واجبنا" وأنه "يحتقن غضب بالغ لدى المستوطنين وهم لا ينجحون في إخراجه بشكل طبيعي". وأشار إلى أن "الفراغ القيادي الناشئ في يهودا والسامرة يؤدي إلى دخول متطرفين يشجعون على العنف". وحذر من أن مواجهات وقعت بين المستوطنين وقوات الأمن الإسرائيلية في الموقع الذي كانت تتواجد فيه مستوطنة "حوميش"، في شمال الضفة، التي تم إخلاؤها في إطار خطة فك الارتباط، "تبدو كمقدمة لأحداث أكثر تعقيدا ستقع في المستقبل".

وندد الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيرس، ورئيس الحكومة، ايهود أولمرت، بشدة بتصاعد عنف واعتداءات المستوطنين، خصوصا ضد قوات الأمن الإسرائيلية، في مدينة الخليل فيما دعا رئيس حزب الليكود اليميني ورئيس المعارضة البرلمانية، بنيامين نتنياهو، إلى التعامل مع المستوطنين بيد من حديد. ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن بيرس استيائه من مهاجمة المستوطنين للجنود الإسرائيليين، ولم يتطرق إلى اعتداءاتهم على الفلسطينيين وأملاكهم ومقدساتهم، إذ قال خلال مراسم تخليد ذكرى رئيس الحكومة الإسرائيلية الأول، دافيد بن غوريون، أمس الأربعاء، إن "ما يحصل اليوم في الخليل يلحق ضررا هائلا بدولة إسرائيل. ومن يلقي حجرا باتجاه جندي كأنه ألقى حجرا باتجاه دولة إسرائيل وأصاب رأسها وقلبها ولا يمكن السماح بهذا الأمر وينبغي وقفه حالا".

من جانبه قال أولمرت إن "ثمة ظواهر لا يمكن قبولها والحكومة التي أرأسها لن تقبل بها. والنقاش حول أرض إسرائيل شرعي والرغبة في إبقاء بصمة وجود يهودي في أقدس وأهم مدننا هو أمر مفهوم من تلقاء ذاته. لكن هذه الرغبة لا يمكن أن تكون أقوى من قرار المحكمة العليا". وأضاف أولمرت "أني أحب الخليل اليهودية وأحترم محبيها وسكانها ومن يحافظون عليها (أي المستوطنين) دون حدود لكن بعد أن قررت محكمة العدل العليا بأنه يجب إخلاء المبنى المتنازع عليه (أي مبنى الرجبي) فإنه سيتم إخلاؤه ولن اسمح برفع يد على الديمقراطية الإسرائيلية". وقال إن "السكان الفلسطينيين هم بشر مثلنا، ويملكون حقا وتراثا (في الخليل) وهم أصحاب أملاك تحتاج إلى حماية أمام عنف المشاغبين والمحرضين".

وقالت وزيرة الخارجية ورئيسة حزب كديما، تسيبي ليفني، إن "إسرائيل لا يمكنها أن تكون دولة يوجد فيها مناطق من الغرب الجامح. وهذه ظاهرة ينبغي أن تتوقف". من جانبه قال نتنياهو إن "علينا العمل بموجب القانون وأنا أدعم استخدام يد من حديد ضد من يخرقون القانون والنظام العام".