حكومة أولمرت تجتاز زوبعة فينوغراد بعد قرار باراك عدم الاستقالة

تتواصل ردات الفعل الإسرائيلية على قرار وزير الدفاع ورئيس حزب العمل الإسرائيلي، إيهود باراك، من يوم الأحد (3/2/2008)، أن يبقى في منصبه رغم إعلانه أن تقرير لجنة فينوغراد صعب من ناحية الحكومة، ورغم تعهده الصريح بالاستقالة إذا ما أشار التقرير إلى قصورات رئيس الحكومة، إيهود أولمرت.

وقالت صحيفة "هآرتس"، في مقالها الافتتاحي يوم الاثنين (4/2)، إن ذرائع باراك متوقعة ["التحديات الماثلة أمام إسرائيل"]، لكن من الصعب اعتبارها غير مهمة. وأبدت الصحيفة استغرابها لبقاء "تحدي السلام" في هامش سلم أولويات باراك، باعتباره "زعيمًا لمعسكر السلام"، على حد وصفها. وأكدت أنه ما من سبب يستدعي استمرار ولاية هذه الحكومة، وبالذات في تركيبتها الحالية، إذا لم يكن في نيتها أن تحرز اتفاقًا [دائمًا] مع الفلسطينيين.

وختمت بالقول: "إن استنتاجات لجنة فينوغراد لا تلزم أولمرت وباراك بدفع الجيش الإسرائيلي إلى الأمام، أو بقيادة إسرائيل للحرب المقبلة، صغيرة كانت أو كبيرة، بعيدة أو قريبة. وتبقى أهمية حكومتهما كامنة في منع الحرب وتحريك عملية السلام فقط".

من جانبه اعتبر عكيفا إلدار، كبير المعلقين السياسيين في الصحيفة، أن حزب العمل، بعد قرار باراك، خطا الخطوة الأكبر في اتجاه كديما. وأن التحالف الذي عقده باراك مع أولمرت يقرّب العمل من كديما، ولا يجعله شريكًا في قصورات حرب لبنان الثانية فقط.

وأضاف: لا يبدو أن هناك أزمات ائتلافية ستواجه حكومة أولمرت في الأفق الاقتصادي- الاجتماعي المنظور، وذلك بعد أن أقرّ الكنيست الموازنة العامة لسنة 2008، وبعد أن أصبح إضرابا المعلمين والمحاضرين الجامعيين من خلفها. وثمة مكان للافتراض بأنه إذا ما أصر أولمرت على دفع عملية السلام قدمًا فإن باراك لن يعترضه، وربما يقدم وزير الدفاع على تفكيك بضع بؤر استيطانية غير قانونية.

وكانت "هآرتس" قد أكدت في مقال افتتاحي تطرقت فيه إلى تقرير لجنة فينوغراد، يوم الجمعة الماضي (1/2)، أن ولاية أي رئيس للحكومة الإسرائيلية لا تُقوّم بطولها وإنما بجوهرها، وبكلمات أخرى بالميراث الذي يتركه خلفه.

ومضت تقول: إن السؤال الرئيس الذي ينبغي طرحه من هذه الناحية، بعد نشر التقرير النهائي للجنة فينوغراد، هو ما إذا كان أولمرت سيدخل التاريخ باعتباره رئيس حكومة الحرب الفاشلة في لبنان، أو أنّ بالإمكان منحه فرصة أخرى تجعله يدخل التاريخ بفضل مساهمة أو ميراث إيجابي معين؟. لقد هبطت مكانة أولمرت في استطلاعات الرأي إلى الحضيض، حتى قبل نشر تقرير فينوغراد. ولعل أحد أسباب ذلك هو أنه لم يترك أي بصمة عملية مهمة على الحياة السياسية الإسرائيلية، حتى فترة اندلاع تلك الحرب. صحيح أن من شأن استقالة أولمرت أو إطاحته الآن أن تشفي غليل غريزة الانتقام، وأن تجعله يدخل التاريخ باعتباره رئيس الحكومة الأكثر فشلاً في إسرائيل، غير أن السؤال هو: ماذا تستفيد الدولة من إطاحته؟، خصوصًا وأن البديل له هو السياسة التي عرقلت اتفاقات أوسلو، وتنطوي على جدول أعمال مبطن وصارم بشأن وحدة أراضي البلد [الإشارة إلى رئيس الليكود، بنيامين نتنياهو].

وأكدت: لم تعد لدى أولمرت، بعد تقرير فينوغراد، أي ذرائع تحول دون قيامه بأعمال شجاعة لتطبيق تصريحاته السياسية. إذا كان هناك مبرر سياسي واقعي لاستمرار ولاية أولمرت فهو بصيص الأمل لدى الكثيرين بأنه إذا كان سقوط رئيس الحكومة حتميًا، فليكن ذلك بسبب جهود السلام، لا بسبب حرب منيت بالفشل.

إعلان باراك

أعلن رئيس حزب العمل ووزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، أمس الأحد، أنه قرر البقاء في الحكومة الإسرائيلية وعدم الانسحاب منها مثلما وعد قبل شهور، وذلك على الرغم من الاستنتاجات في تقرير لجنة فينوغراد النهائي.

وقال باراك للصحافيين قبل بدء الاجتماع الأسبوعي للحكومة الإسرائيلية إنه اتخذ قراره هذا بسبب "التحديات الماثلة أمام إسرائيل".

وأضاف "أنا أعرف أمام أي تحديات تقف إسرائيل، غزة وحزب الله وسورية وإيران وترميم الجيش.

"إن تقرير فينوغراد هو تقرير قاس ويتضمن استنتاجات وتبعات ليست بسيطة على المستويين الشخصي والأخلاقي".

وقال باراك "أعتزم العودة لمواجهة هذه الاستنتاجات (في تقرير فينوغراد) عندما يحين الوقت وتحديد موعد للانتخابات".

ويأتي قرار باراك بالبقاء في الحكومة على الرغم من تصريح أطلقه عند فوزه برئاسة حزب العمل، في شهر حزيران2007، بأنه يعتزم الانسحاب من الحكومة بعد صدور تقرير فينوغراد النهائي أو العمل على تقديم موعد الانتخابات العامة.

وقال باراك إنه يتذكر تصريحه قبل شهور لكن "الوضع اليوم مختلف".

وأضاف "لقد ترددت ودرست الوضع وقررت، وأنا أعرف أن أقوالي تفرح قسما وتخيب أمل قسم آخر، وأعرف أني قد أدفع ثمنا سياسيا لكني مستعد لذلك كله، وهناك توافق داخل الكتلة (أي كتلة العمل البرلمانية) بهذا الصدد".

وفي تعقيب على ذلك قال سكرتير حزب العمل، عضو الكنيست إيتان كابل، للإذاعة الإسرائيلية العامة إنه خائب الأمل من أقوال باراك، وأعرب عن تخوفه من أن "يدفع الحزب ثمنا غاليا" على ذلك في الانتخابات المقبلة.

أولمرت: تقرير فينوغراد ليس مصدرا للفرح

قال رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، لدى افتتاحه اجتماع الحكومة الإسرائيلية الأسبوعي، أمس الأحد، إن تقرير فينوغراد النهائي، الذي صدر في الأسبوع الماضي، لا يعد مصدرا للفرح.

جاءت أقوال أولمرت في أعقاب تقارير أفادت بأن رئيس الحكومة والمقربين منه احتفلوا بعد صدور التقرير مساء الأربعاء الماضي واعتبروه "معتدلا"، فيما كانت استنتاجات التقرير خطرة للغاية بعدما حمّل الحكومة والجيش على حد سواء مسؤولية الإخفاقات التي اعتبر التقرير أنها "منعت انتصار إسرائيل في حرب لبنان الثانية".

وقال أولمرت إن "التقرير لا يعد مصدرا للفرح ولم يكن هناك فرح كهذا في أي مكان وبالتأكيد ليس عندي، والتقرير هو مصدر لإمكان تصحيح الأمور التي تم الكشف عنها وبرزت ويتوجب تحسينها وإعادة البناء إذا اقتضت الحاجة وقيادة دولة إسرائيل إلى الأمام لتكون مستعدة بالشكل المناسب لكافة المصائب الأمنية والاجتماعية والسياسية".

وأضاف "يوم الأربعاء الأخير تم تقديم التقرير لوزير الدفاع (إيهود باراك) ولي وقد شمل قسما علنيا وأيضا قسما سريا".

وتابع أولمرت أن التقرير "قاس ومعقد ويدل على وجود استنتاجات تنطوي على إشكالية في أداء المجتمع الإسرائيلي والمؤسسة السياسية وجهاز الأمن عندنا، وذلك إلى جانب الكشف غير العادي الذي يشير إلى بطولة وجرأة وإلى قتال عظيم وشجاعة غير عادية لأفراد ومجموعات ميزت دائما الجيش الإسرائيلي ومقاتلي إسرائيل الذين شاركوا في حرب لبنان الثانية".

وقال أولمرت إنه "عندما تلقيت التقرير السابق (تقرير فينوغراد الجزئي) أمرت بإجراء عملية منظمة لاستخلاص العبر في الأجهزة العامة والسياسية ومنذ اليوم الأول بعد وقف القتال بدأ الجيش الإسرائيلي، في حينه تحت قيادة رئيس هيئة الأركان دان حالوتس ووزير الدفاع عمير بيرتس، وبصورة أكبر منذ تعيين رئيس هيئة الأركان غابي أشكنازي ودخول وزير الدفاع إيهود باراك لمنصبه، في استخلاص العبر والتعلم من الأخطاء والاستعداد بالشكل المناسب ليكون جاهزا كما يجب لتنفيذ المهام الملقاة على عاتقه".

وفيما يبدو أن أولمرت قد تجاوز امتحان فينوغراد ولا تزال حكومته مستقرة، خصوصا بعد قرار باراك السالف، إلا أن رئيس لجنة فينوغراد، القاضي إلياهو فينوغراد، قال لموقع "يديعوت أحرونوت" الالكتروني إنه من أجل فهم رسالة التقرير النهائي يتوجب قراءته من أوله إلى آخره.

ونقلت "يديعوت أحرونوت" عن مصادر في اللجنة قولها إن التقرير "خطر للغاية"، لكن لم يكن بالإمكان تضمينه استنتاجات شخصية بسبب القيود التي فرضتها المحكمة العليا الإسرائيلية.

ويذكر أن ضباطا في الجيش الإسرائيلي كانوا قد التمسوا للمحكمة العليا قبل شهور مطالبين بإلزام لجنة فينوغراد بإرسال رسائل تحذير لمن يمكن أن يتضرروا من نتائج التقرير النهائي.

وتعهدت لجنة فينوغراد أمام المحكمة بعدم تضمين التقرير استنتاجات شخصية لأنه في حالة توجيه رسائل تحذيرية فقد يعني ذلك تأخير صدور التقرير النهائي لشهور طويلة.