على ذمة هآرتس: مبارك قلق من تأثير إيران في غزة ولبنان


هآرتس: مبارك أبلغ دبلوماسيا أوروبيا بأن الوضع في غزة أدى إلى أن تكون لمصر حدود مع إيران * ضباط أميركيون يشرفون على تطبيق خريطة الطريق ينتقدون أداء السلطة الفلسطينية * إسرائيل رفضت مبادرة هيئة دولية لزعماء ودبلوماسيين قدامى للتوسط بينها وبين حماس

"المشهد الإسرائيلي"- خاص

عبّر الرئيس المصري حسني مبارك مؤخرا عن قلقه من تنامي التأثير الإيراني في كل من قطاع غزة ولبنان. وذكرت صحيفة هآرتس، اليوم الأربعاء- 26/3/2008، في تقرير خاص بها، أن مبارك قال خلال لقائه مع دبلوماسي أوروبي، لم تذكر الصحيفة هويته، إن الوضع الناشئ في قطاع غزة أدى من الناحية الفعلية إلى "أن تكون لمصر حدود مع إيران".

وقالت هآرتس إنه وفقا لمعلومات وصلتها حول مضمون المحادثة بين مبارك والدبلوماسي الأوروبي، فإن مبارك شبّه الوضع في قطاع غزة بالوضع في لبنان. ورأى أن المشاكل والأزمات في كلا المكانين تنبع من ضلوع إيراني وأعرب عن خشيته من تبعات هذا الوضع. كذلك عبّر مبارك عن قلقه وأبدى تشاؤمه من الوضع السياسي في لبنان، ومن تضاؤل احتمالات توصل الفرقاء اللبنانيين إلى حل لأزمة انتخاب رئيس للبنان.

وبحسب الادعاءات الإسرائيلية والأميركية فإن إيران تزود فصائل فلسطينية في القطاع، بينها حماس، بالسلاح وتدرب نشطاءها، فيما تدعي إيران أنها تدعم الفصائل معنويا وماليا فحسب. كذلك ادعت إسرائيل في بضع مناسبات بأن مصر لا تعمل ما يكفي من أجل منع تهريب أسلحة ومتفجرات ودخول مسلحين إلى القطاع عبر سيناء.

ونقلت هآرتس اليوم عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إن مصر غيّرت في الآونة الأخيرة توجهها للأحداث في القطاع على إثر اقتحام الجدار الحدودي بين القطاع ومصر وتدفق مئات آلاف الفلسطينيين لسيناء وبعد أن أطلقت حماس صواريخ غراد باتجاه مدينة عسقلان (أشكلون) في جنوب إسرائيل. وبحسب المصادر الإسرائيلية، فإن مصر مهتمة الآن بلجم تعاظم قوة حماس والتأثير الإيراني في القطاع.

ويذكر أن رئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس غلعاد، زار مصر عدة مرات خلال الأسابيع الأخيرة بهدف التباحث مع المسؤولين المصريين حول تهدئة في القطاع وحول صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل وحماس يتم من خلالها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير في القطاع غلعاد شاليت.

من جهة أخرى قالت هآرتس إن ضباطا أميركيين يشرفون على تنفيذ إسرائيل والسلطة الفلسطينية لالتزاماتهما في خطة خريطة الطريق وجهوا انتقادات للسلطة الفلسطينية بادعاء أنها "لا تحبط الأعمال الإرهابية". وبحسب الصحيفة فإن الضباط الأميركيين، وعلى رأسهم المسؤول عن مراقبة تطبيق خريطة الطريق، الجنرال وليام فريزر، انتقدوا عدم قيام السلطة بتنفيذ "سلسلة عمليات إحباط" تشمل اعتقالات وتحقيقات ومحاكمات بحق نشطاء "الفصائل المسلحة الإسلامية" وتكتفي ببذل جهد للجم الفصائل المسلحة. واعتبرت هآرتس أن السلطة تمتنع في الغالب عن تنفيذ خطوات ضد النشطاء باستثناء تنفيذ اعتقالات وإجراء محاكمات سريعة تحت ضغوط خارجية، مثلما حدث عندما اعتقلت السلطة مسلحين اشتبكوا مع جنديين إسرائيليين من المستوطنين كانا يتجولان في الضفة حاملين أسلحتهما. يشار إلى أن إسرائيل لا تحاكم، سوى في حالات نادرة، مستوطنين يعتدون على مواطنين فلسطينيين رغم أن بعض هذه الحالات أسفرت عن مقتل مواطنين فلسطينيين.

ويبدو أن الأميركيين ينظرون إلى أداء السلطة الفلسطينية فيما يتعلق بـ"سلسلة عمليات الإحباط" وفقا للادعاءات الإسرائيلية، ويسود انطباع لديهم بأن السلطة ترى أن دورها بـ"احتواء" الأوضاع، مثل تهدئة ميدانية بهدف منع تنفيذ عمليات. وقالت هآرتس إنه منذ عملية إطلاق النار في المعهد الديني اليهودي "مركاز هراف" في القدس، قبل ثلاثة أسابيع، تراجع التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

وفي المقابل فإن الولايات المتحدة طالبت إسرائيل بتوفير توضيحات حيال عدم تطبيقها لالتزاماتها في خريطة الطريق من خلال مواصلة البناء في المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية وامتناعها عن إخلاء وتفكيك بؤر استيطانية عشوائية. ومررت الولايات المتحدة مؤخرا للحكومة وجهاز الأمن في إسرائيل قائمة من عشرة أسئلة حول عدم تنفيذ إسرائيل لالتزاماتها، كما أن وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، وجهت انتقادات لإسرائيل، وخصوصا لوزير الدفاع إيهود باراك، حيال سياستها في الضفة بخصوص استمرار التوسع الاستيطاني وعدم العمل على تسهيل حياة الفلسطينيين من خلال إزالة حواجز عسكرية. وترجح التقارير الإسرائيلية بأن قرار باراك انتشار 600 شرطي فلسطيني في مدينة جنين يأتي على خلفية هذه الانتقادات الأميركية وأيضا عشية زيارة رايس للمنطقة، السبت المقبل.

وفي سياق متصل بالأوضاع في القطاع، قالت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم، إن إسرائيل رفضت مؤخرا مبادرة تقدم بها "مجلس الشيوخ"، وهو هيئة دولية مؤلفة من زعماء ودبلوماسيين قدامى، للتوسط بين إسرائيل وحماس. وتشكل "مجلس الشيوخ" قبل نحو عام بمبادرة الملياردير ريتشارد برينسون والموسيقي بيتر غابريئيل بهدف الاستعانة بخبرة الزعماء القدامى لحل قضايا ونزاعات دولية والحد من انتشار مرض الإيدز.

وتوجه "مجلس الشيوخ" إلى إسرائيل مؤخرا واقترح أن يتوسط أربعة من كبار شخصياته في التوصل لحل للوضع في غزة. والشخصيات الأربعة هي الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر والأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان والحائز على جائزة نوبل للسلام المطران الجنوب أفريقي ديزموند توتو ورئيسة إيرلندا السابقة ميري روبنسون. وأعرب الأربعة عن استعدادهم لإعداد تقرير حول الوضع في القطاع وبلورة توصيات لحل الأزمة هناك.

لكن إسرائيل رفضت الاقتراح بموجب توصية من وزارة الخارجية. وجاء في رسالة وجهتها لـ"مجلس الشيوخ" هذا أن "إسرائيل تعتقد أنه ليس من الصواب في هذه الأثناء إدخال لاعبين إضافيين للعملية السياسية الموجودة الآن في وضع معقد". لكن سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني غيلرمان، اعتبر أن "هذا الاقتراح لا يمكن أن يأتي بأي شيء جيد. وغالبية أعضاء المجلس، وخصوصا ديزموند توتو وجيمي كارتر، هم أشخاص يحملون أفكارا مسبقة وظهر أنهم يظلمون إسرائيل".