تشيني يبدأ زيارة لإسرائيل بالامتناع عن ممارسة ضغوط لإزالة حواجز عسكرية

تشيني: الولايات المتحدة لن تمارس ضغوطا على إسرائيل لتنفيذ خطوات ستشكل خطرا على أمنها * انتقاد شركات حراسة خاصة تشغل الحواجز * نتنياهو بعد لقائه تشيني: يجب منع سيطرة إيران على القدس * بيريس لتشيني: لن نتنازل عن الجولان مقابل سيطرة سورية- إيرانية في لبنان

"المشهد الإسرائيلي"- خاص

أكد نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني في مستهل زيارته لإسرائيل، التي بدأت أمس السبت (22/3/2008)، على أن "الولايات المتحدة لن تمارس ضغوطا على إسرائيل لتنفيذ خطوات ستشكل خطرا على أمنها". وجاءت أقوال تشيني خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، ايهود أولمرت، بعد وقت قصير من وصوله إلى إسرائيل مساء أمس. وكرر تشيني الاعلان عن "التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل" وأن هذا الالتزام لا يمكن أن يتزعزع، "مثل التزام إسرائيل أيضا بالدفاع عن نفسها".

ويأتي تصريح تشيني بهدف التخفيف من غضب إسرائيل تجاه تصريحات أطلقتها وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، وتناقلتها وسائل الإعلام الإسرائيلية خلال الأسبوعين الماضيين، حول ضرورة تنفيذ إسرائيل خطوات "لتسهيل حياة الفلسطينيين" في الضفة الغربية، من خلال إزالة حواجز عسكرية تقيّد بصورة خطرة حرية تنقل الفلسطينيين. كذلك طالب مبعوث الرباعية الدولية إلى الشرق الأوسط توني بلير بالأمر ذاته. لكن وزير الدفاع الإسرائيلي، ايهود باراك، رفض كلا الطلبين وطلبات مماثلة من دول الاتحاد الأوروبي، بزعم أن إزالة الحواجز سيشكل خطرا على أمن إسرائيل.

ويأتي تصريح تشيني أيضا في ضوء تعثر المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية على قضايا الحل الدائم، في أعقاب عمليات عسكرية شنتها إسرائيل في قطاع غزة واستشهاد مئات الفلسطينيين، وفي أعقاب عدم تنفيذ إسرائيل لتعهداتها بتجميد التوسع الاستيطاني وإعلانها عن بناء آلاف الوحدة السكنية الجديدة في القدس الشرقية والضفة الغربية. ووجهت جهات دولية، بينها دول الاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة ووزيرة الخارجية الأميركية، انتقادات لإسرائيل جراء ممارساتها الاستيطانية أيضا.

من جهة أخرى قال تشيني أمس "أعود وأشدد على رؤيا (الرئيس الأميركي جورج) بوش بخصوص دولتين للشعبين، والتي كان أعلن عنها في بداية ولايته الرئاسية. وسيتعين على كلا الجانبين (الإسرائيلي والفلسطيني) أن يقدما تضحيات من أجل تحقيق ذلك". لكن تشيني أضاف أن الولايات المتحدة لن تملي نتائج المفاوضات بين الجانبين.

وأضاف تشيني أنه سيجري محادثات خلال زيارته إسرائيل ومناطق السلطة الفلسطينية "ولدينا جدول عمل مليء بالفرص وسنستمر بالعمل من أجل السلام، ونريد أن نرى حلا للصراع، ونهاية للإرهاب الذي تسبب بأسى كبير للإسرائيليين، وبداية جديدة للفلسطينيين". وتابع تشيني "يحظر علينا التغاضي عن الظل الثقيل للوضع في غزة ولبنان وسورية وإيران وللتهديدات الإقليمية على إسرائيل".

وأعرب تشيني عن سعادته من زيارة إسرائيل التي تحتفل بالذكرى السنوية الستين لقيامها. وقال إن "إسرائيل هي دولة عصرية ومجرد قيامها بعد المحرقة هو بمثابة أعجوبة. إسرائيل باقية وتزدهر رغم كل التهديدات". وتابع أن "دولتينا مرتبطتان بتاريخ ودين وثقافة. ونتشارك فيما بيننا بأفكار الحرية والديمقراطية. وكلتا الدولتين وقفتا بحزم ضد تهديدات الإرهاب والتخويف وأظهرتا استعدادا للتضحية من أجل السلام".

من جانبه شكر أولمرت تشيني على ضلوعه في قضايا الشرق الأوسط وإسرائيل وأنه يعتز بالصداقة معه. وقال أولمرت مخاطبا تشيني "سيسرني الاستماع لتحليلاتك حول ما يحدث في أجزاء مختلفة في أنحاء العالم وخصوصا في الشرق الأوسط".

وكان بوش قد قال قبل أسبوعين إنه سيرسل نائبه إلى المنطقة من أجل ممارسة ضغوط على إسرائيل والفلسطينيين للتقدم في العملية السياسية والتفاوضية وتطبيقهما لالتزاماتهما في إطار خطة خريطة الطريق.

نتنياهو بعد لقائه تشيني: يجب منع سيطرة إيران على القدس

والتقى تشيني، صباح اليوم الأحد (23/3/2008، رئيس المعارضة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على انفراد. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن نتنياهو قوله بعد اللقاء "لقد تحدثت معه حول الحاجة لإزالة الخطر الإيراني قبل أن تتسلح إيران بقنبلة نووية. وهناك قضايا أخرى تتعلق بإيران يتوجب منع تقدمها، مثل الحاجة إلى منع إيران من بناء قواعد أمامية لها في المنطقة، من غزة إلى لبنان، وخصوصا في القدس".

وأضاف نتنياهو "لقد أوضحت له (لتشيني) أنه إذا خرجنا من القدس فإن هذا يعني أن حماس وإيران وقوى أخرى تنتمي إليهما ستسيطر عليها. سيهددون سلامة القدس وأمن إسرائيل وحرية العبادة لملايين الحجاج (المسيحيين) وأبناء الديانات الأخرى الذين يصلون اليوم إلى المدينة". وبحسب نتنياهو فإن تشيني أبلغه أنه وبوش يعيان جيدا هذا الوضع.

وقال نتنياهو "أقول لأعضاء حزب شاس: لا تسمحوا بإجراء هذه المفاوضات حول القدس، التي تجري فعلا، كما اقرت بذلك وزيرة الخارجية تسيبي ليفني. انسحبوا الآن من الحكومة وامنعوا هذا الخطر". وكانت ليفني قد قالت خلال مقابلة مع القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي، خلال نهاية الأسبوع، إنه تجري مفاوضات مع الفلسطينيين حول القدس. وقد التقى تشيني اليوم مع ليفني.

بيريس: لن نتنازل عن الجولان مقابل سيطرة سورية- إيرانية في لبنان

كذلك التقى تشيني مع الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس. وقال بيريس إن "إسرائيل لن توافق أبدا على إعادة هضبة الجولان وأن تحصل في المقابل على سيطرة إيرانية - سورية في لبنان".

وأضاف بيريس أن "سورية تدور في فلك إيران، ولا يمكن البدء بمفاوضات سلام فيما سورية تمرر أسلحة إلى لبنان وإسرائيل لن تكون مستعدة لعقد صفقة كهذه، نتنازل فيها عن هضبة الجولان مقابل سيطرة سورية- إيرانية". ويلتقي تشيني مع باراك في وقت لاحق اليوم.


انتقادات شركات حراسة خاصة تشغل الحواجز

في غضون ذلك طالبت الحركة النسائية الإسرائيلية التي تراقب الحواجز العسكرية في الضفة، "محسوم ووتش"، بإعادة الجنود الإسرائيليين إلى الحواجز بدلا من أفراد شركات الحراسة الخاصة. وقالت صحيفة معاريف اليوم إن أفراد شركات الحراسة هذه موجودون في 32 حاجزا عسكريا، أطلقت الصحيفة عليهم اسم "معابر"، من أصل 48. وكان وزير الداخلية الإسرائيلي مائير شيطريت قد قرر قبل شهور أن تدير شركات الحراسة الخاصة هذه الحواجز العسكرية.

وقالت الناشطة نيطاع غولان، من حركة "محسوم ووتش" والتي تراقب الحاجز العسكري ريحان الذي سلمه الجيش الإسرائيلي لشركة حراسة إسرائيلية، إن "الفلسطينيين الذين يمرون عبر المعبر مشتاقون لجنود الجيش الإسرائيلي". وأوضحت أن "الفلسطينيين لم يعشقوا الجيش الإسرائيلي فجأة، لكنهم بكل تأكيد يدعون بأن معاملة الجيش كانت معقولة أكثر تجاههم. فقد وقعت أحداث كثيرة عند الحاجز مؤخرا من شأنها أن تفسر جيدا الانتقادات الفلسطينية، مثل إرغام الحراس في المعبر امرأة كانت عائدة من عملية جراحية قيصرية على عبور الحاجز سيرا بدلا من إدخالها بواسطة سيارة إسعاف. وعلى إثر ذلك أغمي على السيدة. وكل يوم يمر فيه الفلسطينيون في الحاجز يثير لديهم اشتياقا للجنود الإسرائيليين". وتجدر الإشارة إلى أن الفلسطينيين يطالبون بإزالة الحواجز العسكرية خصوصا وأن ممارسات الجنود فيها لا تقل تنكيلا عن ممارسات أفراد شركات الحراسة.

من جانبه عقّب ضابط من فرقة الضفة الغربية العسكرية الإسرائيلية، الذي اعتبر كلام غولان إطراء، قائلا إن "شركات الحراسة المدنية جاءت لتوفير الأمن وأحيانا يتم ذلك على حساب المواطنين". كذلك عقبت وزارة الدفاع الإسرائيلية بالقول إن "فترة الأشهر الثلاثة الماضية في معبر ريحان كانت جزءا من عملية التعلم ولذلك وقعت أخطاء، لكننا عملنا على تحسين الوضع. وخلال الشهرين الأخيرين لا توجد مشاكل في الحاجز وكل شيء يتم برضا المواطنين (الفلسطينيين)، وحتى أننا تلقينا ردود فعل إيجابية. وعلاقتنا حسنة مع نساء محسوم ووتش وادعاءاتهن غير واضحة" على حد زعم وزارة الدفاع الإسرائيلية.