إسرائيل تصادق على بناء آلاف الشقق وإقامة حي استيطاني جديد في القدس الشرقية

* مدير عام جمعية إسرائيلية مناهضة للاستيطان: التضخم الحاصل في مخططات البناء في القدس الشرقية يثبت أن حكومة إسرائيل أهملت محاولة التوصل إلى تسوية سياسية في المدينة *

"المشهد الإسرائيلي"- خاص:

كشفت صحيفة "هآرتس"، أمس الاثنين- 17/3/2008، عن أن السلطات الإسرائيلية صادقت قبل نحو أسبوعين على بناء 2200 وحدة سكنية في حي استيطاني جديد في القدس الشرقية. وصادقت لجنة التنظيم والبناء الإسرائيلية في منطقة القدس على بناء هذه الوحدات السكنية ضمن مخطط لبناء 4 آلاف وحدة سكنية في منطقة "غفعات هطياس".

وأشارت "هآرتس" إلى أنه عند الانتهاء من هذا المخطط الاستيطاني فإنه "سيحبس" ضاحية بيت صفافا في جنوب القدس الشرقية ببناء استيطاني يهودي متصل.

وفي هذه المرحلة صادقت لجنة التنظيم والبناء على إيداع مخطط بناء الـ2200 وحدة سكنية ليتسنى تقديم اعتراضات عليها.


ونقلت الصحيفة عن مصادر ضالعة في تفاصيل المخطط قولها إن المصادقة النهائية على المخطط ستستغرق عامين، لكن المصادقة على هذا المخطط تنطوي على أهمية لأن الحديث يجري عن بناء حي استيطاني جديد في منطقة "تم ضمها" لإسرائيل بعد "حرب الأيام الستة" في 1967.

وتمتد منطقة "غفعات هطياس" بين الحي الاستيطاني "غيلو" مرورا بمنطقة بيت صفافا وحتى طريق الخليل. وهي واحدة من المناطق المفتوحة الكبيرة التي استولت عليها إسرائيل وضمتها إلى منطقة نفوذ القدس الغربية.

وقالت "هآرتس" إنه "جرى التوضيح للجنة التنظيم والبناء أن البناء في المكان مهم لمستقبل القدس". ووزعت إسرائيل الملكية على هذه المنطقة بعد احتلالها لتكون 40% لـ"دائرة أراضي إسرائيل"، فيما باعت 20% من مساحة هذه المنطقة لأشخاص يهود، وبقي 40% من مساحة المنطقة بأيدي أصحابها الفلسطينيين.


وقال مدير اللجنة المحلية في بيت صفافا، علي أيوب، للصحيفة الإسرائيلية إن رئيس بلدية القدس السابق ورئيس الحكومة الحالية، إيهود أولمرت، وعد سكان بيت صفافا في حينه بأن يتم تخصيص نصف الوحدات السكنية التي سيتم بناؤها في منطقة "غفعات هطياس" للعرب. وشدد أيوب على أن "احتياطي أراضي القرية قد نفد ولم تبق لدينا أرض للتوسع، وإذا لم يسمحوا لسكان بيت صفافا بالسكن في الحي الجديد فإن مصير الحي قد تم حسمه" بتحويله إلى حي استيطاني.


من جانبه قال عاموس غيل، مدير عام جمعية "عير عاميم" الإسرائيلية المناهضة للاستيطان، إن "التضخم الحاصل في مخططات البناء في القدس الشرقية يثبت أن الحكومة الإسرائيلية أهملت محاولة التوصل إلى تسوية سياسية في المدينة وبدلا من بناء الثقة بين الجانبين (الإسرائيلي والفلسطيني)، تفضل الحكومة بناء حي آخر في القدس الشرقية".

من جهة أخرى قالت "هآرتس" إن المستوطنات في الضفة الغربية استولت على أراض بملكية فلسطينية خاصة وتم منحها لمستوطنين بهدف توسيع مساحة الأراضي التي تسيطر عليها، وذلك على الرغم من أنه معروف للمستوطنين والسلطات الإسرائيلية أن هذه الأراضي غير تابعة للمستوطنات وهي ليست "أراضي دولة".

وبحسب الصحيفة فإن استيلاء المستوطنات على هذه الأراضي تمّ بصورة منظمة لكن من دون تصريح رسمي من السلطات الإسرائيلية، وتبين أن ما يسمى بـ"الإدارة المدنية" التابعة للجيش الإسرائيلي على علم بأمر استيلاء المستوطنين على هذه الأراضي الفلسطينية الخاصة ووصفته بأنه "نهب".

وجرى الكشف عن أسلوب نهب المستوطنين لأراضي الفلسطينيين من خلال إفادات تم الإدلاء بها خلال استئناف قدمه المستوطن ميخائيل ليسنس من مستوطنة "كدوميم"، الواقعة غربي مدينة نابلس، على أمر صادر عن "الإدارة المدنية" بأن يخلي المستوطن 35 دونما في أطراف المستوطنة، تؤكد سجلات "الإدارة المدنية" على أنها بملكية فلسطينيين من قرية قدوم.


واعترف المحامي دورون نير تسفي، الذي يمثل ليسنس، خلال جلسة الاستئناف، بأن الأرض التي استولى عليها موكله هي أرض بملكية فلسطينية خاصة، إلا أن المستوطن ادعى أنه يمتلكها بزعم أنه يزرعها منذ أكثر من عشرة أعوام وذلك بعد أن حصل عليها من خلال إجراء منظم واتفاق موقع بينه وبين رؤساء مجلس مستوطنة "كدوميم". إلا أن تصاريح قدمتها "الإدارة المدنية" للجنة الاستئنافات وهي الأخرى تابعة للجيش الإسرائيلي كشفت عن أن ليسنس بدأ بزراعة الأرض فقط قبل نصف عام.


لكن المحاميين ميخائيل سفاراد وشلومي زخاريا، اللذين يمثلان أصحاب الأراضي الفلسطينيين، قالا خلال النظر في الاستئناف إن أصحاب الأراضي الفلسطينيين استمروا في زراعة أراضيهم وإن الجيش الإسرائيلي والمستوطنين منعوهم من الدخول إليها.


وقال مراسل "هآرتس"، ميرون ربابورت، إنه بعد زيارته إلى المكان تبين أن الحارس في أطراف المستوطنة يمنع أصحاب الأراضي الفلسطينيين من الدخول إلى أراضيهم، وأنه في حال اقترابهم تحضر دورية عسكرية إسرائيلية إلى المكان وتُبعد أصحاب الأراضي. وعندما يقول الفلسطينيون إن بحوزتهم وثائق من "الإدارة المدنية" تثبت ملكيتهم للأرض، كان يرد الضابط الإسرائيلي بأنه "لا تهمني الوثائق".

وأضاف ربابورت أن أسلوب الاستيلاء على الأراضي تم تطويره في مستوطنة "كدوميم" ومستوطنات أخرى في منطقة نابلس في أواسط سنوات التسعين وبعد اتفاق أوسلو.

مخططات بناء استيطانية أخرى في القدس والضفة

إضافة إلى مخطط "غفعات هطياس"، قال وزير الإسكان الإسرائيلي، زئيف بويم، الأسبوع الماضي، إنه بصدد طرح مخططات أمام رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، لبناء ألفي وحدة سكنية جديدة في ست مستوطنات في القدس الشرقية والضفة الغربية. وأضاف بويم، في حديث لموقع يديعوت أحرونوت الإلكتروني، أنه سيتم بناء 550 وحدة سكنية في منطقة "أغان هئايالوت" (حوض الظباء) في مستوطنة غفعات زئيف الواقعة شمالي القدس الشرقية. وقال بويم "لقد مارست ضغوطا على رئيس الحكومة ليصادق على البناء في أغان هئايالوت وقد استجاب وصادق عليه".

وأردف بويم "لكن هذا ليس كل شيء، فحتى مطلع شهر نيسان أعتزم إقرار بناء 750 وحدة سكنية جديدة أخرى في ضاحية أخرى في القدس (الشرقية) وهذه المرة في (مستوطنة) بسغات زئيف" الواقعة شرقي القدس، واعتبر أن "هذه ضاحية داخل القدس ولهذا فإنه بالنسبة لي المصادقة على البناء فيها سيكون أسهل من أغان هئايالوت في غفعات زئيف، وهي مستوطنة تقع خارج منطقة نفوذ بلدية القدس".

وأضاف بويم أنه يعتزم طرح مناقصات لبناء 360 وحدة سكنية في مستوطنة "هار حوماه" في جبل أبو غنيم في جنوب القدس الشرقية "وذلك إضافة إلى 307 وحدات سكنية جرت الموافقة عليها وأثارت غضب وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس".

وتابع بويم "أعرف جيدا المصادقة التي منحها وزير الدفاع إيهود باراك لبناء بيوت في ست مستوطنات في الضفة الغربية، فهو السيد هناك وهو الذي يصادق، وأنا كوزارة إسكان أطرح المناقصات للتنفيذ". واستطرد "مجموع ما سيتم بناؤه، مع بسغات زئيف وهار حوماه، نحو 1600 وحدة سكنية، إضافة إلى عشرات البيوت للذين تم إخلاؤهم من (مستوطنة) نيتساريم (في قطاع غزة) والذين يسكنون في بيوت متنقلة في حي نويمان في (مستوطنة) أريئيل وبضع عشرات البيوت في الحي رقم 7 في (مستوطنة) معاليه أدوميم، وسنبني 52 وحدة سكنية في (مستوطنة) إلكنّاه و80 وحدة سكنية أخرى في (مستوطنة) إفرات، وفي الأيام القريبة سأضع هذه المشاريع أمام رئيس الحكومة".

وصادق أولمرت، في مطلع الأسبوع الماضي، على بناء 750 وحدة سكنية في مستوطنة "غفعات زئيف". وتتناقض مصادقة أولمرت على تجديد أعمال البناء في المستوطنة مع تعهده عشية وخلال وبعد لقاء أنابوليس بوقف أعمال البناء في المستوطنات، كما تتناقض مع التزامات إسرائيل في خطة خريطة الطريق. وكانت إسرائيل قد أوقفت أعمال البناء في المشروع بعد اندلاع الانتفاضة الثانية في سنة 2000، لكن عددا من مقاولي البناء طالبوا بويم مؤخرا باستئناف أعمال البناء في المستوطنة بادعاء "الطلب المتزايد على الشقق السكنية".

ليفني تحاول تخفيف الضغوط حول الاستيطان

قال مسؤول سياسي إسرائيلي إن مسؤولين في الإدارة الأميركية على رأسهم وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس عبروا مؤخرا عن استيائهم من خرق إسرائيل لتعهداتها. ونقلت صحيفة "هآرتس"، الخميس الماضي، عن هذا المسؤول السياسي الإسرائيلي قوله إن "الأميركيين يعتقدون بأن جهاز الأمن الإسرائيلي لا ينفذ خطوات من أجل تسهيل حياة الفلسطينيين في الضفة". وأضاف أنه بنظر الأميركيين والجهات الدولية "نشأت فجوة ما بين سير المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية على قضايا الحل الدائم، وبين ما يجرى ميدانيا" في الضفة. وأضافت الصحيفة أن رايس عبرت عن استيائها من استمرار البناء في المستوطنات في الضفة والقدس الشرقية، وأن معظم انتقادات رايس موجهة إلى باراك وحتى أنها أوضحت له ذلك خلال لقائها معه لدى زيارتها إسرائيل. كذلك فإن مبعوث الرباعية الدولية إلى الشرق الأوسط، توني بلير، يرى أن إسرائيل لا تفعل ما فيه الكفاية من أجل تحسين حياة الفلسطينيين في الضفة، وقد أبلغ باراك بموقفه هذا خلال لقائهما مؤخرا.

من ناحيتها انتقدت وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، خلال زيارتها في الولايات المتحدة، خطة توسيع مستوطنة "غفعات زئيف" بوصفها غير مفيدة، لكنها زعمت أنها لن تضر بفرص التوصل إلى اتفاق سلام نهائي في المفاوضات مع الفلسطينيين. وفي محاولة واضحة لتخفيف الضغط عن إسرائيل في هذه المسألة التي تنذر بإفساد محادثات السلام الهشة قالت ليفني، الثلاثاء الماضي، "ليس من سياسة الحكومة الإسرائيلية توسيع المستوطنات هذه الأيام." ووصفت ليفني خطط البناء بأنها "بناء خاص" وليست "أمرا خطيرا". وادعت ليفني "لا أظن أنه مفيد. لقد قررنا إيقاف أنشطة الاستيطان." وأضافت أنه سوف يتعين على إسرائيل "تفكيك مزيد من المستوطنات" بموجب اتفاق للسلام يقوم على حل الدولتين.