تصاعد التوتر في الضفة: يهود متطرفون يطعنون فلسطينيا في القدس

"المشهد الإسرائيلي" - خاص

تعرض مواطن فلسطيني للطعن على أيدي يهود متطرفين في القدس، قبيل فجر اليوم الأربعاء – 3.12.2008، فيما ذكرت تقارير صحفية أن الجيش الإسرائيلي يستعد لإخلاء مئات المستوطنين المتطرفين، قريبا، من بيت عائلة الرجبي في مدينة الخليل الذي احتلوه، وعلى أثر تصاعد الاعتداءات ضد الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية في المدينة.

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر في الشرطة الإسرائيلية قولها إن أربعة شبان يهود اعترضوا الليلة الماضية طريق مواطن فلسطيني مقدسي (31 عاما) عند بوابة مندلباوم، على خط التماس بين الشطرين الشرقي والغربي في القدس، وطعنوه بسكين ثلاث مرات وأن التحقيق الأولي يدل على أن الحادث وقع على خلفية قومية. والتقى المواطن المقدسي، بعد تعرضه للطعن، بسيارة شرطة وأبلغ الشرطيين بأن أربعة شبان يهود يضعون قلنسوات على رؤوسهم طعنوه في ظهره وهربوا من المكان. ونقلت سيارة إسعاف الجريح إلى مستشفى "شعاريه تسيدك" في القدس، وتبين أنه تم طعنه ثلاث مرات وأن حالته ما بين متوسطة وخطيرة وتمت معالجته وأن حالته أصبحت مستقرة ويرقد في غرفة العلاج المكثف التابعة لقسم جراحة القلب والصدر.

ويأتي هذا الاعتداء في ظل توتر الأجواء في الضفة الغربية على خلفية أعمال شغب واسعة النطاق قام بها المئات من غلاة المستوطنين في الخليل ومناطق متفرقة في الضفة، وشملت اعتداءات على مواطنين فلسطينيين وأملاكهم وتدنيس مساجد ومقابر ومهاجمة قوات أمن إسرائيلية، بادعاء محاولتهم منع إخلاء المستوطنين من بناية الرجبي. ويذكر أن المحكمة العليا الإسرائيلية كانت قد أصدرت في 16 تشرين الثاني الماضي قرارا أمهل المستوطنين ثلاثة أيام لإخلاء أنفسهم طواعية من بناية الرجبي لكنهم لم يفعلوا ذلك. ورأت جهات قانونية في الجيش الإسرائيلي أنه على أثر رفض المستوطنين إخلاء أنفسهم طواعية فإنه يتعين على قوات الأمن الإسرائيلية تنفيذ عملية إخلاء بالقوة في غضون شهر ينتهي في 15 كانون الأول الحالي، أي بعد أقل من أسبوعين.

وذكرت صحيفة هآرتس، اليوم، أن الجيش والشرطة الإسرائيليين قررا خلال مداولات، جرت أمس، تسريع الاستعدادات لإخلاء بناية الرجبي في الوقت القريب، وربما قبل نهاية الأسبوع الحالي، وذلك على ضوء التصعيد الحاصل من جانب المستوطنين. وضمن هذه الاستعدادات، أعلن قائد الجبهة الوسطى للجيش الإسرائيلي، اللواء غادي شمني، أمس، عن منطقة بناية الرجبي "منطقة عسكرية مغلقة" بهدف منع وصول المزيد من المستوطنين، وخصوصا "شبيبة التلال"، إلى المنطقة، كما أمر بمنع دخول اليهود إلى الأحياء الفلسطينية.

ونقلت هآرتس عن مصادر عسكرية إسرائيلية قولها إن نشطاء اليمين المتطرف يحاولون تحويل المواجهات حول بناية الرجبي إلى "حرب دينية" مع الفلسطينيين، واعتبروا أنه لهذا السبب أقدم المستوطنون على تدنيس مساجد ومقابر إسلامية في الخليل وفي مناطق حول مدينة رام الله. وأضافت المصادر العسكرية أن التخوف لدى الجيش الإسرائيلي هو أن ينفذ فلسطيني عملية انتحارية أو تفجيرية على أثر المس المتواصل من جانب المستوطنين بمشاعر الفلسطينيين. وتحدث رئيس "الإدارة المدنية" للضفة الغربية التابعة للجيش الإسرائيلي، العميد يوءاف مردخاي، أمس، مع رئيس الحكومة الفلسطينية، سلام فياض، وعبر عن أسفه على الاعتداءات على المساجد، لكنه طالب فياض بالعمل على "ضبط مظاهر العنف في الجانب الفلسطيني".

وقالت مصادر في وزارة الدفاع الإسرائيلية إن "أعمال الشغب التي ينفذها المستوطنون تستدعي اتخاذ إجراءات ضد المسؤولين عن العنف" وأن الجيش يعتزم إصدار أوامر إبعاد مستوطنين عن الضفة. كذلك انتقد ضباط في الجيش مدراء المدارس الدينية اليهودية في المستوطنات، الذين لا يمنعون طلابهم من الوصول إلى بناية الرجبي، فيما أشارت تقارير صحفية إلى أن بعض المدراء يشجعون طلابهم على الوصول إلى الخليل.

من جهة ثانية قالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن قيادة المستوطنين في بناية الرجبي فقدوا سيطرتهم على مئات المستوطنين في المكان الذين هاجموا الفلسطينيين وكتبوا عبارات مسيئة للنبي محمد على جدران المساجد. وبحسب الصحيفة فإنه بعد أن شاهد قادة المستوطنين، الملثمين اليهود الذين هاجموا الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية وبعد إصابة فتى يهودي بحجر ألقاه فلسطينيون، باتوا يدركون أنه ينبغي وقف تدهور الوضع.

وفي هذا السياق كتب مراسل شؤون الاستيطان والمستوطنين في هآرتس، ناداف شرغاي، اليوم، أنه "خلال ال48 ساعة الأخيرة فقد قادة الجمهور اليهودي في الخليل و(مستوطنة) كريات أربع السيطرة على الشبيبة" في بناية الرجبي. وأضاف أن "الفتية لم يعودوا ينصاعون للحاخامات... وطاقم النضال (ضد الإخلاء) حاول إبعاد فتية من السامرة، الذين هاجموا، سوية مع فتية محليين، فلسطينيين وجنودا ودنسوا المقبرة الإسلامية. وتم استبدال فتية السامرة بطلاب حضروا (إلى بناية الرجبي) مع معلميهم وحاخاماتهم. وهذا لم يساعد أيضا. فقد عاد قسم من المبعدين، والفتية 'الجدد' لا ينصاعون للكبار. وبعد إصابة الفتى ابن ال16 عاما، أمس، أعلن أحد الحاخامات الذي حضر مع طلابه من (مستوطنة) بيت إيل، أنه ليس مستعدا لتحمل المسؤولية عما يحدث وعاد إلى بيته".

وأضاف شرغاي أن "الجيش والشرطة فقدا السيطرة أيضا. فهم لا يقرؤون صورة الوضع الميداني ويبثون ارتباكهم ولا ينجحون في منع اليهود والفلسطينيين من المس ببعضهم البعض". وأشار إلى أن "مجلس المستوطنات ليس موجودا" بالنسبة للمستوطنين في بناية الرجبي، "وفي هذا المكان يحاول قيادة الأمور من سطح البناية كل من دانييلا فايس وباروخ مارزل وإيتمار بن غفير والحاخام عوزي شارفاف" الذين يعتبرون من قادة غلاة المستوطنين العنصريين والفاشيين "وحتى هؤلاء لا يسيطرون دائما على الفتية".

من جهة ثانية حذر المراسل العسكري لهآرتس، عاموس هارئيل، ومراسل الشؤون الفلسطينية في الصحيفة، أفي سخاروف، في مقال مشترك، اليوم، من أن "استمرار أعمال العنف، وخصوصا تدنيس القبور والمساجد، من شأنه أن يؤدي إلى عمليات مسلحة. وسيحدث هذا خصوصا بعد أن خفّض الجيش الإسرائيلي والشاباك مستوى الإرهاب في الخليل إلى أدنى سقف وصل إليه على مدار السنوات الماضية، وهو إنجاز سمح حتى بنشر أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في جزء من المدينة". وأكد الكاتبان على أن "أداء الشرطة والجيش ضد العنف، حتى الأمس على الأقل، بدا بائسا للغاية. فقد تمت استباحة أملاك فلسطينية ولم تعد هناك إمكانية أمام السكان (الفلسطينيين) بالاعتماد على حماية السلطات (الإسرائيلية)".
وانتقد هارئيل وسخاورف تبني وسائل الإعلام الإسرائيلية لمصطلح "العقوبة" الذي أوجده المستوطنون، والذي يعني مهاجمة المستوطنين للفلسطينيين بشكل عنيف في كل مرة تحاول فيها السلطات الإسرائيلية إخلاء بؤرة استيطانية. وشدد الكاتبان على أن "العقوبة هي عمليا أعمال إجرامية منظمة". وخلصا إلى أن "الجهود الرامية لإخلاء بالتوافق لن تقود إلى أي مكان. وإذا لم يؤثر انهيار أجهزة الكمبيوتر في الانتخابات التمهيدية لحزب العمل (أمس) بشكل ما على قدرة وزير الدفاع (ايهود باراك) على ترجيح الرأي، فإن الإخلاء متوقع أن يتم في المدى القريب للغاية".