القوات الإسرائيلية تنسحب من غزة والطيران الحربي يواصل غاراته

معلق عسكري إسرائيلي: هدف العملية لم يكن وقف إطلاق صواريخ القسام بصورة مطلقة. وسيكون بالإمكان الحديث عن خفض كمية صواريخ القسام فقط بعد تنفيذ سلسلة عمليات من هذا النوع

"المشهد الإسرائيلي"- خاص:

انسحبت قوات الجيش الإسرائيلي البرية من قطاع غزة فجر اليوم الاثنين، 3/3/2008، بعد أن توغلت فيه منذ فجر السبت الماضي مخلفة وراءها مئات القتلى والجرحى الفلسطينيين، فيما استمر الطيران الحربي الإسرائيلي في شن غارات ضد أهداف فلسطينية.

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية اليوم عن مصادر في الجيش الإسرائيلي قولها إن المرحلة الأولى من عملية "شتاء دافئ" قد انتهت، ولوحت باحتمال عودة القوات البرية للتوغل في القطاع وبأنه "ليس من الصواب استخدام عبارات مثل انتصار واحتلال، لكن لا شك في أن حجم الإصابات في الجانب الفلسطيني، وفي صفوف المنظمات الإرهابية، كانت كبيرة وانطوت على رسالة واضحة".

وقتلت القوات الإسرائيلية، المؤلفة من لواء غفعاتي وسلاح المدرعات، خلال اليومين الماضيين، أكثر من 80 فلسطينيا بينهم عدد كبير من المدنيين، وأصيب المئات بجروح، فيما قُتل جنديان إسرائيليان وأصيب 8 جنود في معارك ضارية في شمال القطاع.

وقالت مصادر في الجيش الإسرائيلي إن "الجنود نفذوا المهمات التي تم تكليفهم بها"، وإنه "من أجل تحقيق إنجازات هامة يتوجب التحلي بالصبر، ولدينا صبر".

ورغم انسحاب القوات الإسرائيلية البرية إلا أن الجيش الإسرائيلي أعلن أن العمليات العسكرية الجوية في القطاع ستتواصل.

وفي غضون ذلك يجري وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، اليوم مداولات حول ما إذا كان بالإمكان، وفقا للقانون الدولي، استهداف مصادر إطلاق النار والصواريخ في حال كانت في مناطق مأهولة بالسكان في قطاع غزة.

وسيشارك في هذه المداولات وزير العدل، دانيئيل فريدمان والمستشار القضائي للحكومة، مناحيم مزوز والمدعي العام العسكري، أفيحاي مندلبليت والمستشار القانوني لوزارة الدفاع وموظفون كبار في وزارة الخارجية.

وواصل مسلحون في القطاع إطلاق صواريخ قسام وغراد باتجاه جنوب إسرائيل وقد سقطت في مدينتي سديروت وعسقلان (أشكلون).

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن مئات الأهالي في عسقلان توجهوا صباح اليوم إلى المدارس لأخذ أولادهم منها بعدما سقطت ثلاثة صواريخ غراد في وسط المدينة.

وحول انتهاء العملية العسكرية الحالية في القطاع، كتب المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت، أليكس فيشمان، اليوم إن "العملية البرية الحالية في غزة استنفذت نفسها" لأنه "إذا لم تكن هناك إمكانية في المرحلة الحالية لتحقيق إنجازات هامة مثل المس بمخربين أو تنفيذ اعتقالات فإنه لا جدوى من إبقاء القوات في الميدان مدة أطول، وإذا لم يكن هناك احتكاك مع العدو فليس ثمة ما يبحثون عنه هناك".

وأضاف فيشمان، المقرب من قيادة الجيش الإسرائيلي، أنه "لا يتوجب التدقيق في نتائج عملية شتاء دافئ وفقا لكميات صواريخ القسام التي يتم إطلاقها باتجاه إسرائيل، لأن هدف هذه العملية لم يكن وقف إطلاق صواريخ القسام بصورة مطلقة.

"وسيكون بالإمكان الحديث عن خفض كمية صواريخ القسام فقط بعد تنفيذ سلسلة عمليات من هذا النوع، ولذلك فإنه عندما تتوفر لدى قيادة الجبهة الجنوبية معلومات استخبارية حول مواقع إطلاق صواريخ وأهداف محددة بالإمكان الوصول إليها وتحييدها بواسطة عمليات عسكرية برية فإنه يتوجب تنفيذها دون تردد وهكذا فقط بالإمكان إبقاء شعور بالخسارة لدى الجانب الثاني".

وتابع فيشمان، في ما يبدو أنه موقف قيادة الجيش أيضا، أنه "لا يتم إنشاء ردع من خلال عملية عسكرية محدودة واحدة، مهما كانت ناجحة.

"وفي العادة بعد عملية عسكرية مع عدد كبير من القتلى والجرحى، تمضي فترة معينة حتى ترمم حماس نفسها، وفي غضون ذلك يفترض أن تنشغل حماس بنفسها أكثر مما تنشغل بنا، وإعادة تحصين نفسها وفحص استعدادها ووضع ناشطين مكان أولئك الذين قتلوا وأصيبوا وذلك على حساب إطلاق صواريخ القسام".

وحذر من أنه "يحظر التوقع بأن إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل سيتوقف الآن، فهذا ما زال سابقا لأوانه".

وبحسب الجيش الإسرائيلي فإنه لوحظ في اليومين الأخيرين وجود نقص في قذائف الهاون وصواريخ القسام لدى حماس. وعزا فيشمان ذلك إلى "نجاح العملية البرية والجوية التي وجهت ضربات نوعية ضد الناشطين التقنيين والعسكريين الأمر الذي يدل على أن الجيش الإسرائيلي عرف كيف يواجه بصورة صحيحة سلسلة إنتاج الصواريخ وإطلاقها من القطاع".

وأشار فيشمان إلى "نجاح العمل المشترك بين الأذرع العسكرية الإسرائيلية المختلفة، بين القوات البرية والبحرية والجوية، وهذا ليس بالأمر السهل لكنه تحقق بفضل التدريبات الكثيرة التي جرت بعد حرب لبنان الثانية".

وفيما يتعلق بالعدد الكبير من القتلى الفلسطينيين المدنيين الذين سقطوا في العملية العسكرية الإسرائيلية أكد فيشمان أن إسرائيل لم تنجح "في تمرير الوجه الآخر للقصة إلى العالم، وهو واقع أن المخربين يستغلون أولادا في القتال ويختبئون خلف مدنيين، رغم أن لدى إسرائيل أدلة على أن الناشطين الفلسطينيين يرسلون أولادا لجمع منصات إطلاق صواريخ القسام بعد إطلاقها ونتيجة لذلك فإنهم يصابون من الجو".

ونقل فيشمان عن مصادر عسكرية رفيعة قولها إن "إظهار القوة في 'شتاء دافئ' كان مجرد مثال وإن بحوزة الجيش الإسرائيلي مستويات مؤلمة أكبر بكثير". وتساءل "هل هذا سيجعل حماس تفكر مرتين قبل أن تخوض جولة العنف المقبلة"؟.