التضخم المالي الإسرائيلي يتجاوز السقف المحدّد في السنة الماضية

* الحكومة حددت سقفا أعلى للتضخم بنسبة 3% * أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية سجلت ارتفاعا بأكثر من ضعفي التضخم العام *

سجل التضخم المالي في إسرائيل في العام الماضي، 2007، ارتفاعا بنسبة 4ر3%، ليتجاوز لأول مرة منذ أكثر من خمس سنوات، الهدف الذي حددته الحكومة، الذي تراوح ما بين 1% إلى 3%، ما يعني حسب التقديرات في إسرائيل أن بنك إسرائيل المركزي سيكون مطالبا برفع الفائدة البنكية الأساسية.

جاء هذا بعد أن سجل التضخم المالي في شهر كانون الأول الماضي ارتفاعا بنسبة 6ر0% رغم أنه تقليديا فإن الشهر الأخير من كل عام يسجل تراجعا لا ارتفاعا في التضخم، بفعل انخفاض الأسعار الموسمي، خاصة في مجالي الملبوسات والخضراوات والفواكه، إلا أن موجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية بفعل ارتفاع أسعارها وأسعار موادها الخام في الأسواق العالمية بسبب الكثير من العوامل، ساهمت في رفع التضخم.

وفي المجمل العام فقد سجل التضخم المالي في 2007 ارتفاعا بنسب أعلى بكثير من المعدل العام للتضخم، خاصة المواد الاستهلاكية الأساسية، ما يعني أن العبء على الشرائح الفقيرة والضعيفة قد ازداد أكثر من غيرها، فقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية في العام الماضي بنسبة 3ر6% مقابل 6ر3% في 2006، كما ارتفعت أسعار الخضراوات والفواكه بنسبة 7%، مقابل 12% في سنة 2006، وارتفعت أسعار الملبوسات والأحذية بنسبة 7ر0% بعد أن تراجعت بنسبة 7ر1% في العام قبل الماضي، وارتفعت تكاليف صيانة البيوت بنسبة 1ر6%، بعد أن كانت قد سجلت تراجعا في 2006 بنسبة 2ر1%.

ويعتبر هذا التضخم المالي الأعلى منذ سنة 2003، وعمليا الثاني من حيث نسبته منذ سنة 2000، ففي ذلك العام سجل التضخم المالي نسبة صفر بالمئة، وكان ذلك ناجما عن نسبة النمو المرتفعة التي سجلها الاقتصاد في ذلك العام، أما في سنة 2001 فقد سجل التضخم ارتفاعا بنسبة 4ر1%، وكان هذا بفعل بدايات الركود الاقتصادي الذي استمر لثلاث سنوات، وفي سنة 2002 سجل نسبة 5ر6% وفي سنة 2003 نسبة 9ر1%.

أما في سنة 2004 فسجل نسبة 2ر1%، وفي منتصف ذلك العام بدأ الاقتصاد الإسرائيلي يتحرك بخطى أسرع ليسجل نموا اقتصاديا اقتصرت ثماره على كبار أصحاب رأس المال. واستمرت هذه الحال في العامين اللذين تبعاه، فقد سجل التضخم في سنة 2005 نسبة 4ر2%، وفي سنة 2006، عاد التضخم ليسجل تراجعا بنسبة 1ر0%، وفي السنة الماضية- 2007، وكما ذكر، فقد سجل ارتفاعا بنسبة 4ر3%.

وعلى أثر ظهور نتيجة التضخم المالي للعام الماضي تم توجيه الأنظار إلى محافظ بنك إسرائيل المركزي، ستانلي فيشر، ففي حين طالبه اتحاد الصناعيين الإسرائيليين بإبقاء مستوى الفائدة البنكية الأساسية (4%) على حاله، وعدم رفع الفائدة، فإن عددا من المحللين الاقتصاديين وجهوا انتقادا مباشرا لفيشر، لكون التضخم لم يكن بموجب السقف الأعلى الذي حددته الحكومة، إذ ينص القانون الإسرائيلي على أن أحد مهمات البنك المركزي هي السيطرة على التضخم لجعله ضمن المجال الأدنى والأعلى الذي حددته الحكومة.

ويقول المحلل الاقتصادي موطي بسوك، من صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، إن فيشر يخطئ الهدف للسنة الثانية على التوالي، في حين أن فيشر يرى أن التضخم تجاوز السقف المحدد له بفعل التطورات في الاقتصاد العالمي، وارتفاع أسعار المواد الخام الغذائية في العالم.

إلا أن بسوك يقلل من شأن التضخم المرتفع نسبيا ويقول "في الوقت الذي تتعزز فيه قيمة الشيكل أمام الدولار، ويسجل النمو الاقتصادي نسبة 3ر5%، فإن أهمية تضخم كهذا تبقى هامشية".

ويضيف بسوك أن التضخم في السنة الماضية- 2007- تحرك في اتجاهين، ففي الأشهر الخمسة الأولى ارتفع التضخم بنسبة 3ر0%، وكانت المؤشرات تدل على أن التضخم قد يكون في العام الماضي أقل من الحد الأدنى الذي حددته الحكومة، وهو أيضا أمر سلبي، إلا أنه في الأشهر السبعة التالية سجل التضخم ارتفاعات بنسب عالية جدا، ففي شهر حزيران سجل ارتفاعا بنسبة 7ر0%، وفي تموز 1ر1%، وفي تشرين الثاني 4ر0%، وفي كانون الأول سجل ارتفاعا بنسبة 6ر0%، وهذا ما جعل التضخم العام في العام الماضي يخرق السقف الأعلى الذي حددته الحكومة.

والسؤال المركزي الآن: ما هو مصير التضخم في السنة الجديدة- 2008؟.

منذ الآن هناك مؤشرات إلى أن التضخم المالي سوف يسجل في الأشهر الأولى ارتفاعات كبيرة نسبيا، ومن بينها استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية بفعل أسعارها في أسواق العالم.

لكن هناك مؤثرات جديدة أيضًا، من بينها ارتفاع أسعار الخضراوات والفواكه في الشهر الحالي والأشهر القليلة القادمة بسبب موجة الصقيع التي أتلفت محاصيل كثيرة، وسارع المزارعون إلى رفع الأسعار، إما بفعل النقص الفعلي للمنتوجات الزراعية، أو تحسبا لنقص مستقبلي متوقع في بعض المنتوجات.

يضاف إلى هذا، أنه في حال ارتفع سعر صرف الدولار أمام الشيكل (اقرأ مادة عن سعر الدولار في مكان آخر)، فإن هذا سينعكس على أسعار قطاعات معينة، خاصة في قطاع البناء والإسكان، الذي يصل تأثيره على مجمل سلة المشتريات والنفقات العائلية، التي تحدّد وتيرة التضخم المالي في إسرائيل، إلى نسبة 21%.

Terms used:

هآرتس, الشيكل