تراجع سعر صرف الدولار يعزز مكانة الشيكل في السوق الإسرائيلية

* السوق الإسرائيلية لا تزال واثقة بعودة ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الشيكل *

لا يزال سعر صرف الدولار يتراجع أمام الشيكل، وقد سجل منذ مطلع العام 2007 وحتى هذه الأيام تراجعا تجاوز نسبة 10%، وهو يتراوح اليوم ما بين 55ر3 شيكل إلى 6ر3 شيكل، رغم أنه كان في العام 2006 في حدود 2ر4 شيكل.

إلا أن الكثير من المحللين والخبراء الاقتصاديين يتوقعون أن يعود سعر صرف الدولار خلال العام الجاري- 2008- ليتجاوز حاجز أربع شيكلات، في حين أنّ الموازنة العامة في إسرائيل تم إعدادها على اعتبار أن سعر صرف الدولار سيكون بالمعدل 3ر4 شيكل.

وبطبيعة الحال فقد كانت لهذا التراجع تأثيرات مختلفة على السوق المحلية في إسرائيل وفي قطاعات مختلفة، رغم أن أسعار المواد الاستهلاكية اليومية لم تتأثر من هذا التراجع، بل على العكس فقد سجلت ارتفاعا حادا، بفعل ارتفاع أسعار المواد الخام العالمية، وأيضا بسبب ارتفاع أسعار النفط في العالم.

ويقول تقرير لصحيفة "ذي ماركر" إن ما بات ملموسا في السوق الإسرائيلية هو تراجع اعتماد الدولار كسعر مقرر في الكثير من القطاعات، التي تعتمد على سعر صرف الدولار، وبشكل خاص قطاع البناء والإسكان والبيوت المؤجرة، حتى باتت شركات البناء تعتمد مسبقا الشيكل في تحديد السعر.

ويقول المحلل الاقتصادي في الصحيفة، عامي غينزبورغ "بشكل عام فإن الانتقال من أسعار بالدولار إلى أسعار بالشيكل، هو بشرى جيدة للاقتصاد الإسرائيلي، وهذه ظاهرة تساعد على ثبات الأسعار والمقارنة في ما بينها، وهذا ما جرى في أوروبا فيما يتعلق باليورو، كذلك فإن إلغاء الاعتماد على سعر الدولار سيساهم في الحفاظ على وتيرة التضخم، في الوقت الذي تتراجع فيه قيمة الشيكل أمام الدولار، كذلك فإنه من ناحية المستهلكين سيشعرون بطمأنينة بتثبيت الأسعار بالشيكل".

يذكر في هذا المجال أن الكنيست الإسرائيلي أقر في العام 2002 قانونا يلزم فيه القطاع الخاص باعتماد الشيكل فقط في تحديد السعر وليس الدولار، إلا أن هذا القانون ورغم وجوده لم يكن ملموسا، خاصة في قطاع بيع البيوت، ليس فقط الجديدة، وإنما حتى التي كانت مأهولة، وتباع للمرة الثانية.

ويقول غينزبورغ إنه على الرغم من ثبات الأسعار تقريبا منذ عشر سنوات، وعلى الرغم من القانون الساري منذ خمس سنوات، إلا أن الكثير من القطاعات لا تزال تعتمد الدولار، وهذا ناجم عن عادة ترسخت في الاقتصاد الإسرائيلي، وأيضا بسبب الثقة العميقة جدا به، والشعور بأن سعر صرفه سيعود حتمًا إلى ما كان عليه.

وجاء هذا القانون بعد استفحال الظاهرة التي بدأت ملامحها في أواخر السبعينيات من القرن الماضي مع تراجع قيمة الليرة الإسرائيلية، التي تم حذف صفر منها في سنة 1978، ليصبح اسمها "شيكل"، ثم اشتدت الظاهرة في أولى سنوات الثمانين، وبشكل خاص في الأعوام من 1982 وحتى نهاية 1984، حين كان التضخم المالي يسجل نسبا عالية جدا، وصلت ذروتها في سنة 84 حين سجل نسبة 400%، وفي حينه كان السعر المعتمد هو سعر صرف الدولار، وفي تلك الفترة ظهرت مبادرة لوزير المالية يورام أريدور الذي دعا إلى "دولرة" العملة الإسرائيلية، بمعنى تحويلها للدولار، أو ربطها بشكل دائم به في المعاملات اليومية في السوق المحلية.

إلا أنه في مطلع سنة 1985 حذفت إسرائيل ثلاثة أصفار من عملتها، ليصبح اسمها الجديد: "شيكل جديد"، وتم تثبيت سعر صرف الدولار لعدة سنوات في حدود 5ر1 شيكل جديد، وتم لجم التضخم المالي ليتراوح سنويا ما بين 15% إلى 20%.

ويقول أحد المسؤولين في اتحاد المقاولين في إسرائيل إن الهزات والتقلبات في سعر صرف الدولار، أدت إلى تشويش في أسعار البيوت الجديدة، وأيضا المستعملة منها.

كذلك يشار إلى أن أسعار البيوت وصيانتها وإيجارها تشكل حوالي 21% من سلة المشتريات التي يحسب من خلالها التضخم المالي في إسرائيل، ولذا فإن التضخم الذي سجل ارتفاعا بنسبة 4ر3%، تأثر في عدة أشهر من تراجع أسعار البيوت وإيجاراتها رغم ارتفاع أسعار البيوت.

وتؤكد "ذي ماركر": "من السابق لأوانه الحديث عن طلاق نهائي بين السوق الإسرائيلية والدولار، على الرغم من وضعه السيء، فالكثيرون لا يزالون يجرون حساباتهم وفق الدولار، وقسم كبير من الصفقات التجارية الضخمة التي يجري إبرامها في هذه الأيام، يتم تحديد الأسعار فيها وفق سعر صرف للدولار يتراوح ما بين 1ر4 شيكل إلى 2ر4 شيكل، رغم أن سعره الحالي أقل من 6ر3 شيكل، وهذا بناء على طلب التجار الذين لا يزالون يعتقدون بأن سعر الدولار سيعود إلى سابق عهده".