إرجاء مناقشة قضايا الحل الدائم وخصوصا القدس لن يؤثر سلبا على المفاوضات

هذا ما قاله المتحدث باسم رئيس الحكومة الإسرائيلية، مارك ريغف، في حديث خاص مع "المشهد الإسرائيلي" وأضاف أن الفكرة هي التقدم بالمباحثات، وفقط بعد ذلك يكون بالإمكان الدخول في مفاوضات حول المواضيع الأكثر تعقيدا * أولمرت: لا يوجد لدى شاس أي سبب للانسحاب من الحكومة

هدّد حزب "شاس" الديني المتشدد بالانسحاب من الحكومة الإسرائيلية في حال جرى التفاوض بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بشأن قضية القدس.

جاء تهديد "شاس" بعدما قرر "مجلس حكماء التوراة"، وهو الهيئة العليا والمرجعية السياسية في هذا الحزب الديني، قبل أسبوعين تقريبا، أنه في حال بدأ طاقما المفاوضات على قضايا الحل الدائم بتناول قضية القدس فإن على حزب "شاس" الانسحاب من الحكومة.

ويأتي قرار "شاس" بعد انسحاب حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني المتطرف برئاسة أفيغدور ليبرمان من الحكومة، الشهر الماضي، بسبب وجود مفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية على قضايا الحل الدائم. وإذا ما انسحب "شاس" من حكومة إيهود أولمرت فإن خطوة كهذه تهدّد بسقوط الحكومة بسبب فقدانها، في هذه الحالة، للأكثرية البرلمانية. ويشكل التحالف الحكومي الآن أكثرية في الكنيست مؤلفة من 67 عضو كنيست من أصل 120 عضوا، وحزب "شاس" ممثل بـ12 عضوا في الكنيست. ومن الجهة الأخرى يتعرض حزب "شاس" لضغوط كبيرة يمارسها عليه معسكر اليمين المعارض للانسحاب من الحكومة، خصوصا بعد انسحاب "إسرائيل بيتنا"، وفي أعقاب نشر التقرير النهائي للجنة فينوغراد بشأن حرب لبنان الثانية.

وعلى ما يبدو فإن أولمرت قد رضخ لتهديد "شاس" فيما يتعلق بقضية القدس وبقضايا أخرى.

وقال المتحدث باسم رئيس الحكومة الإسرائيلية، مارك ريغف، لـ"المشهد الإسرائيلي"، أمس الاثنين (18/2/2008)، إن "رئيس الحكومة قال بصوت عال إنه تم الاتفاق على أن نبدأ بمباحثات مع الفلسطينيين، وهي مباحثات جوهرية وجادة، أولا حول المواضيع التي من السهل التوصل إلى حل فيها، وفقط بعد ذلك نصل إلى المواضيع الصعبة، بما فيها القدس".

ورأى ريغف أن إرجاء التفاوض على قضايا الحل الدائم الأساسية وخصوصا القدس، لن يؤثر سلبا على المفاوضات بين الجانبين "بل أعتقد أنه يسهل على المفاوضات. الفكرة هي التقدم بالمباحثات، وفقط بعد ذلك يكون بالإمكان الدخول في مفاوضات حول المواضيع الأكثر تعقيدا".

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية ذكرت أن أولمرت قد وعد رئيس حزب "شاس"، إيلي يشاي، الذي يشغل منصب نائب رئيس الحكومة، في أثناء لقاء بينهما عقد يوم الأربعاء من الأسبوع الماضي، بعدم التفاوض مع السلطة الفلسطينية حول القدس الشرقية وعدم تجميد البناء في الأحياء الاستيطانية فيها وفي قسم من مستوطنات الضفة.

وسارع أولمرت، الذي عاد من زيارة لألمانيا ليلة الثلاثاء، إلى لقاء يشاي في الكنيست بعد أن كان قياديون في "شاس" قد أطلقوا تصريحات هددوا من خلالها بانسحاب الحزب من الحكومة. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن أولمرت قوله الأسبوع الماضي في الكنيست إنه "لا يوجد خطر على التحالف الحكومي" وأنه "لا يوجد لدى شاس أي سبب يجعله ينسحب من الحكومة وسيبقى إيلي يشاي نائب رئيس الحكومة لوقت طويل".

وأضاف أولمرت أنه "من الواضح لجميع أطراف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين أن موضوع القدس هو الموضوع الأخير الذي سيتم بحثه". وقالت مصادر في حزب "شاس" في حينه إن أولمرت التقى مع يشاي لتوضيح تصريحات أطلقها في ألمانيا بخصوص تجميد البناء في المستوطنات، وأكد أولمرت على أن هذا لن يسري على الأحياء الاستيطانية في القدس الشرقية.

وبحسب المصادر في حزب "شاس" فإن أولمرت وعد يشاي أيضا بعدم تجميد أعمال البناء في المستوطنات التي أغلبية مستوطنيها من اليهود المتدينين، والتي تعتبر مهمة بالنسبة لشاس، وهذه المستوطنات هي "بيتار عيليت" و"إلعاد" و"موديعين عيليت". وتتناقض وعود أولمرت هذه مع تعهده في مؤتمر أنابوليس بتجميد النشاط الاستيطاني، كما تتناقض مع التزامات إسرائيل في المرحلة الأولى لخطة خريطة الطريق، وذلك في الوقت الذي تطالب فيه إسرائيل الفلسطينيين بتنفيذ التزاماتهم في خريطة الطريق.

وقال ريغف في هذا السياق إن "إسرائيل تقف وراء كل تعهداتها في إطار خريطة الطريق. لكن رئيس الحكومة قال إن أعمال البناء ستستمر في الأحياء اليهودية في القدس الشرقية وفي مراكز في الكتل الاستيطانية، التي لا نقاش بأنها ستبقى تحت السيادة الإسرائيلية في نهاية عملية المفاوضات. هكذا قال (أولمرت) بكلماته هو".

استمرار البناء في أحياء القدس الاستيطانية

في غضون ذلك تواصل إسرائيل أعمال بناء واسعة في الأحياء الاستيطانية في القدس الشرقية.

وقال وزير الإسكان الإسرائيلي، زئيف بويم، ومسؤولون في بلدية القدس الغربية، الأسبوع الماضي، إنه تجري في هذه الأثناء أعمال بناء واسعة النطاق تشمل عشرة آلاف وحدة سكنية جديدة في الأحياء الاستيطانية في القدس الشرقية المحتلة. ويتعارض هذا النشاط الاستيطاني مع مطالب الإدارة الأميركية.

وقال بويم إنه "لا توجد أي تأخيرات أو قيود أو توقف في أعمال البناء في الأحياء اليهودية في القدس الشرقية". وكان يرد بذلك على أقوال مدير عام بلدية القدس، يائير معيان، التي نشرتها صحيفة "هآرتس" وجاء فيها أن بلدية القدس تدفع إلى الأمام بأعمال بناء واسعة في الأحياء الاستيطانية في القدس الشرقية "على الرغم من تأخير بناء مئات الشقق السكنية في الأحياء اليهودية في القدس الشرقية على خلفية المفاوضات مع الفلسطينيين".

ونفى بويم أقوال معيان، مشددا على أن توجيهات أولمرت بتجميد البناء وإحضار أي مخططات كهذه ليصادق عليها تتعلق فقط بأعمال البناء في المستوطنات في الضفة الغربية "لا في منطقة نفوذ بلدية القدس". وأضاف بويم أن المناقصات لبناء مئات الشقق السكنية في مستوطنة "هار حوماه" في جبل أبو غنيم جنوبي القدس الشرقية التي تطرق إليها معيان أصبحت الآن في المراحل الأخيرة من عملية تنسيق تنفيذها بين الحكومة والبلدية. وشدد على أنه سيتم في المستقبل نشر مناقصات لبناء 350 شقة سكنية جديدة في "هار حوماه".

كذلك تطرق رئيس بلدية القدس الغربية، أوري لوبليانسكي، للموضوع وقال "لن أسمح بتحويل القدس إلى بؤرة استيطانية عشوائية" وإن "البلدية تدفع مخططا لبناء عشرة آلاف وحدة سكنية للأزواج الشابة في الأحياء اليهودية في شرق المدينة".