ذروة جديدة في الخلاف المتصاعد بين باراك وبيرتس

وخلافات بين قادة العمل بعد تصريحات باراك ضد أولمرت * مقربون من وزير الدفاع ينفسون تصريحاته بشأن رئيس الحكومة والانتخابات: ما فعله باراك في الأيام القليلة الفائتة ما هو إلا تكرار لمواقفه السابقة

المشهد الإسرائيلي- خاص

استمر الخلاف المتصاعد في حزب العمل الإسرائيلي، وخصوصا بين رئيس الحزب الحالي ووزير الدفاع، ايهود باراك، وبين سابقه في كلا المنصبين عضو الكنيست عمير بيرتس. وبلغ هذا الخلاف ذروة جديدة وصلت إلى نشوب حد مشادة كلامية عاصفة خلال اجتماع كتلة الحزب في الكنيست، مساء الاثنين- 31.3.2008. وهاجم بيرتس باراك قائلا "من سينتخبك أصلا؟ يسيطر عليك استحواذ أن تصبح رئيس حكومة، لكنك لا تملك أجندة". وأضاف بيرتس موجها كلامه لباراك "أنت معزول عن الواقع وبمقدور النشطاء الميدانيين أن يساعدوا الحزب أكثر منك".

ونقلت الصحف الإسرائيلية عن أعضاء كنيست من حزب العمل شاركوا في الاجتماع قولهم إن باراك كان مذهولا للغاية من سماعه أقوال بيرتس. وأضافوا أن "جميع المقربين من باراك أصيبوا بحالة صمت".

ورد باراك على بيرتس قائلا "لقد اقتنعت بصورة نهائية بأنه لا أمل لي بالتغلب على انفعاليتك. لن أرد على خطابك ولن أوزع شهادات. كل رفيق هنا عليه أن يحكم. وأنا أتحمل بجدية المسؤوليات التي ألقاها ناخبو العمل عليّ وعلينا، وهي إعادة حزب العمل إلى قيادة الدولة وأنا مصر على تحقيق ذلك، معك أو من دونك".

وكان باراك قد هاجم بيرتس الأسبوع الماضي على خلفية طرح الأخير مشروع قانون يقضي بدفع رواتب للجنود النظاميين، وسط معارضة واسعة جدا في كتلة حزب العمل. ودعا باراك بيرتس إلى الانسحاب من الحزب إذا كان لا يلتزم بقرارات الكتلة. ورغم هذه المعارضة الشديدة ومعارضة الحكومة لمشروع القانون هذا إلا أنه مر بالقراءة الأولى في الهيئة العامة للكنيست لدى التصويت عليه يوم الأربعاء من الأسبوع الماضي بعد أن حظي بتأييد واسع من صفوف المعارضة.

من ناحية أخرى ازدادت حدة الخلافات بين قادة حزب العمل الإسرائيلي بعد تصريحات أطلقها رئيس الحزب ووزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، حول تقديم موعد الانتخابات العامة الإسرائيلية وفي أعقاب انتقادات شديدة وجهها إلى رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، وقال فيها إنه كان يتعين عليه الاستقالة من رئاسة الحكومة بعد صدور التقرير النهائي للجنة فينوغراد، التي حققت في إخفاقات القيادة الإسرائيلية خلال حرب لبنان الثانية.

وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت، يوم الاثنين- 31/3/2004، أن تصريحات باراك جاءت خلال لقائه مع عائلات إسرائيلية ثكلى قُتل أبناؤها خلال حرب لبنان الثانية، وتم وصف اللقاء بأنه كان "عاصفا وصعبا". واتفق باراك مع العائلات الثكلى على أنه على ضوء الاستنتاجات الخطرة التي وردت في تقرير فينوغراد كان على أولمرت أن يستقيل من منصبه.

ونقلت يديعوت أحرونوت عن الأب الثاكل موشيه موسكل قوله إن "باراك قال لنا إن هذا تقرير صعب توجب على أولمرت أن يستقيل في أعقابه مثلما استقال (رئيس هيئة أركان الجيش دان) حالوتس و(وزير الدفاع السابق عمير) بيرتس". ورد عليه موسكل بالقول "عليك إنجاز هذه المهمة"، في إشارة إلى سحب حزب العمل من الحكومة مثلما وعد باراك لدى فوزه برئاسة العمل.

لكن باراك أجاب بأنه "ليس الآن، لأسباب خافية عن العين"، إلا أنه لمح إلى أن انتخابات مبكرة لن تجري الآن ولكن ليس بعد سنتين أيضًا، أي في موعدها الرسمي.

وعقب مقربون من باراك على تصريحاته بأنها لا تتضمن أي جديد، وأن تقديرات باراك بخصوص موعد إجراء انتخابات مبكرة لم تتغير. وقال أحد المقربين إنه "خلال اللقاء مع ممثلي العائلات الثكلى لم يتم قول أي شيء جديد لم يقله من قبل، وقد كرر باراك موقفه بأن الانتخابات ستجري قريبا وخلال فترة تتراوح ما بين بضعة شهور وعام. كما أوضح أن بقاءه في الحكومة نابع من التحديات الأمنية الماثلة أمام إسرائيل".

وفي غضون ذلك التقطت عدسات وميكروفونات قنوات التلفزة الإسرائيلية صورا ومحادثة بين الوزيرين من حزب العمل، بنيامين بن إليعازر وشالوم سيمحون، خلال اجتماع الحكومة الإسرائيلية، أول من أمس الأحد، وجه خلالها بن اليعازر انتقادات لباراك. ويعتبر بن اليعازر أحد المقربين من باراك وكان العامل الرئيس من وراء فوزه برئاسة الحزب. وقال بن اليعازر عن باراك إنه "إذا أراد النهوض والانتحار، فليقم وينتحر، وأنا لست معه". وأضاف عن العلاقات بين باراك وأولمرت "إيهود (باراك) يجلس معه (أي مع أولمرت)، يشربان ويأكلان ما يقارب ثلاث ساعات... يخرج (باراك) إلى الخارج ويبدأ بالجنون. هذه قصة حقيقية".

من جانبه قال الوزير إسحق هرتسوغ من حزب العمل إن "الانتخابات ستجري في العام 2009 وسيتم حسم المصير السياسي للكنيست (أي حله) فقط في الدورة الشتوية للكنيست، ولا يوجد شيء جديد في ما قاله باراك لدى العائلات الثكلى".

وحول انتقادات بن اليعازر قال هرتسوغ إنه "مسموح للجميع إجراء محادثات تنفيس غضب وبن اليعازر لم يفعل شيئا لم يقله في الماضي، وهو لا يخفي أنه يحمل هذه الأفكار وبعضها صحيحة نوعا ما. وفي جميع الأحوال فإن هذه الأقوال قيلت انطلاقا من القلق على باراك وهذا حدث هامشي وليس مهما". رغم ذلك تابع هرتسوغ أنه "توجد في حزب العمل جينات مدمرة وتسبب له المس بقادته وتقييد خطواتهم". ورأى هرتسوغ أنه في نهاية المطاف سيعرف الحزب كيف يخرج قويا من هذه الأزمة.

كذلك وجه بيرتس انتقادات لباراك وقال إن "باراك يحاول تحويل حزب العمل إلى حزب رجل واحد، وقد عارضت ذلك بكل قوة".

ويرى محللون في الشؤون الحزبية أن مؤيدين ومعارضين وحلفاء وخصومًا لباراك يحاولون في الأشهر الأخيرة فهم أدائه، دون أن ينجحوا بذلك. وأضافوا أن حزب العمل مشلول وتغيير باراك لمواقفه في الموضوعات السياسية يربك قيادة وأعضاء العمل، وحتى يربك أكثر الخبراء في أداء باراك.

وقال موقع يديعوت أحرونوت الإلكتروني إن باراك استمع خلال الأشهر الماضية إلى انتقادات شديدة من مؤيدين له، مثل أنه يهمل ويقتل الحزب، وأنه لا يتصرف كرئيس للحزب، وأنه في الواقع لا يريد أن يصبح رئيسا للحكومة وأنهم خائبو الأمل جراء هذا الوضع.

كذلك شكا مؤيدو باراك من أنه يطلق تصريحات يمينية تارة ويسارية تارة أخرى، من دون أن يعرف الوجهة التي يقود الحزب إليها، "ففي لحظة هو في اليمين ويحاول بيديه دفن أي احتمال للتوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين، وفي لحظة أخرى وعلى إثر انتقادات ضده يعود إلى أحضان اليسار ويعد بتسهيل حياة الفلسطينيين".

تهديدات بالانقسام وأجواء مشحونة بالتوتر

وكانت تقارير صحافية سابقة قد أشارت إلى أن أجواء مشحونة بالتوتر تسود حزب العمل في الآونة الأخيرة وخصوصا بين رئيس الحزب باراك ورئيسه السابق عضو الكنيست عمير بيرتس. ووصل هذا التوتر أوجه خلال اجتماع كتلة حزب العمل في الكنيست، في يوم الاثنين 24/3/2008، حيث اندلع نقاش صاخب بين الجانبين قال خلاله باراك لبيرتس إن "الذي يريد أن يعرقل (عمل الكتلة) سنرشده إلى الباب المؤدي للخارج"، أي إلى خارج الحزب.

يشار إلى أن بيرتس يؤيد بشدة بقاء حزب العمل في الحكومة، وحتى أنه يعتبر مقربا من رئيسها إيهود أولمرت. وخلال اجتماع كتلة حزب العمل المذكور، لمح باراك إلى احتمال انسحاب الحزب من الحكومة. وقال إن على حزب العمل أن يعمل من أجل إعلام الجمهور بمواقف الحزب من قضايا مختلفة وإنه "مع بدء دورات الكنيست المقبلة، ثمة أهمية لأن لا يبذل الجمهور جهدا لكي يفهم مواقف حزب العمل".

في غضون ذلك نقلت صحيفة معاريف عن مقربين من بيرتس قولهم إنه ليس مستبعدا أن ينسحب بيرتس من حزب العمل في ظل الأجواء المتوترة والصدامات بينه وبين باراك. وقدر هؤلاء المقربون أن يعمل بيرتس على تشكيل قائمة جديدة، مثل قائمة "عام إيحاد" (شعب واحد) التي كان شكلها في الماضي، أو الانضمام لحزب كديما الذي يتزعمه أولمرت.

ومن جهة أخرى كشفت معاريف عن أن عضو الكنيست من حزب العمل يورام مارتسيانو، وهو أكثر المقربين من بيرتس، التقى في مطعم الكنيست مع رئيس حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، واقترح عليه التعاون خلال انتخابات السلطات المحلية المقبلة بين مرشحي بيرتس، الذين يخوضون الانتخابات المحلية في أنحاء إسرائيل من خلال "القائمة الاجتماعية"، ومرشحي حزب الليكود. وفيما قالت أنباء إن نتنياهو وافق على الاقتراح، أكدت مصادر في مكتبه قيام الحديث بين نتنياهو ومارتسيانو، لكنها أشارت في الوقت ذاته إلى أن موضوعات من هذا القبيل يتوجب المصادقة عليها فقط بعد تشكيل لجنة انتخابات محلية داخل الليكود.