القصف الصاروخي- التهديد الرئيس لإسرائيل

قالت دراسة شاملة صدرت أخيرًا عن "مركز المعلومات حول الاستخبارات والإرهاب" الإسرائيلي حول إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون من قطاع غزة على إسرائيل من قبل المنظمات الفلسطينية خلال الأعوام 2007-2001، إنّ إسرائيل لم تجد حتى الآن "حلا جذرياً ومناسباً إزاء التهديد الصاروخي [المقصود الصواريخ القصيرة المدى]، الذي بلغ حجمه في السنوات الأخيرة أوجاً جديداً، والذي يشكل في هذه الأيام التهديد الرئيس الذي توجهه المنظمات الإرهابية ضد إسرائيل"، رغم أن "النشاطات العسكرية والمدنية المتنوعة التي قامت إسرائيل بها خلال سنوات الصراع، قد نجحت في تصعيب تنفيذ عمليات إطلاق النار وإحباط العديد من محاولات إطلاق النار وتقليص عدد المصابين"، على حدّ تعبير الدراسة.

وأضافت أن تفحص التطورات التنفيذية والتكنولوجية على الساحة "يؤكد أن السلاح الصاروخي ما زال ينطوي على تهديدات محتملة لإلحاق الأضرار بإسرائيل. ومن المتوقع أن تواصل المنظمات، خلال السنوات القليلة القادمة، بذل جهودها من أجل إدخال تحسينات تكنولوجية قد تؤدي إلى توسيع مدى الصواريخ وإلى ازدياد كمية المواد المتفجرة الكامنة داخل الرأس الحربي الذي تحتوي عليه هذه الصواريخ وإلى تحسين مدى دقتها (بإيحاء من النموذج اللبناني لحزب الله). وقد يزداد حجم إطلاق النار بشكل ملموس، سواء أكان ذلك نتيجة للتطورات التكنولوجية التي ستمكن تمديد مدة استخدامها بعد الإنتاج، أم نتيجة لانضمام حركة حماس إلى دائرة منفذي إطلاق النار، في ظروف سياسية معينة. في المقابل، قد تزداد كمية الصواريخ ذات المواصفات القياسية التي تمتلكها المنظمات، ذات أبعاد تزيد عن 20 كم، مما سيمنحها القدرة على إدخال بلدات إسرائيلية أخرى إلى دائرة إطلاق النار".

وتحت عنوان "التطورات السياسية في الساحة الفلسطينية الداخلية وفي علاقات السلطة الفلسطينية مع إسرائيل"، قالت الدراسة إن التطورات والمستجدات السياسية التي تطرأ على العلاقات الداخلية بين المنظمات، وعلى علاقات هذه المنظمات مع السلطة الفلسطينية وبالتالي على العلاقات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، لها تأثير كبير على سياسة إطلاق النار التي تتبعها المنظمات المختلفة وخاصة حركة حماس. وأضافت "إن هذا التأثير كان يخفف من حدة الأحداث أو خلافا لذلك، كان يؤدي إلى التصعيد في الإطلاق الصاروخي. تارةً كان هذا التأثير بعيد المدى وتارةً كان قصير المدى. عندما كان هناك توقف مؤقت عن إطلاق الصواريخ، فقد استغلت المنظمات التهدئة النسبية للتسلح وللقيام بالتدريبات ولاستخلاص العبر، كما استغلته أيضاً لتهريب الصواريخ ذات المواصفات القياسية إلى قطاع غزة من أجل إعادة استعمال السلاح الصاروخي في المستقبل".

وتُجسد الأمثلة العديدة التي تعرض في الدراسة التأثيرات والانعكاسات الناتجة عن التطورات الفلسطينية الداخلية والتطورات في العلاقات القائمة بين الفلسطينيين وإسرائيل، على سياسة إطلاق النار وخاصة من قبل "حماس".

هكذا مثلا فقد تحققت بعد رحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات (تشرين الثاني 2004) تهدئة أدت إلى انخفاض مؤقت في حجم إطلاق النار، وفي أيلول 2006 توقفت "حماس" عن إطلاق الصواريخ بعد "حادث عمل" مميت أثار انتقادات داخلية لاذعة، كما جاء فيها. ومنذ إجراء الانتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني (25 كانون الثاني 2006) وإقامة حكومة حماس (آذار 2006)، فضلت "حماس" على مدى فترات طويلة الامتناع عن المساهمة والمشاركة المباشرة في عملية إطلاق النار، وقد أدى وقف إطلاق النار الذي تم الاتفاق عليه بين رئيس الحكومة الإسرائيلية ورئيس السلطة الفلسطينية (26 تشرين الثاني 2006) إلى انخفاض في حجم إطلاق النار، ولو أنّ ذلك لم يؤد إلى توقفه التام.

وتابعت الدراسة: إن احتداد المعارك بين "فتح" و"حماس" (أيار 2007) دفع بحماس نحو اللجوء إلى شن العدوان الصاروخي، الذي سجل رقماً قياسياً جديداً في حجم إطلاق النار، ومنذ أن فرضت "حماس" سيطرتها على القطاع (حزيران 2007) فهي لا تساهم وتشارك بشكل مباشر في عملية إطلاق النار، وذلك نتيجة لإعطاء الأولوية من قبلها لترسيخ حكمها وسلطتها في القطاع.

كما أشارت الدراسة إلى أن الأحداث والتطورات داخل إسرائيل "قد أدت في عدة مرات إلى بذل جهود مكثفة لإطلاق النار، وإلى ارتفاع حجم إطلاق النار لفترات قصيرة من الزمن. على سبيل المثال فقد طرأ في آب 2005 انخفاض ملموس على حجم إطلاق الصواريخ، في أثناء تنفيذ خطة الانفصال (كي لا يعرقل خروج إسرائيل من قطاع غزة). وبعد ذلك بشهر (أيلول 2005) طرأ ارتفاع ملموس على حجم إطلاق النار. وفي 28 آذار 2006- وهو اليوم الذي تم فيه إجراء الانتخابات للكنيست الـ-17- وللمرة الأولى، تم إطلاق صواريخ غراد 122 ملم باتجاه مدينة أشكلون، التي انضمت منذ ذلك الحادث إلى دائرة إطلاق النار. وفي مستهل أيلول 2007، عشية افتتاح السنة الدراسية، تم إطلاق صليات صواريخ، غير مألوفة حجماً، باتجاه مدينة سديروت".