بعد انسحاب ليبرمان- حزب شاس يهدد بالانسحاب من الحكومة

أعلن زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني المتطرف، أفيغدور ليبرمان، في مؤتمر صحافي عقده في الكنيست يوم الأربعاء 16/1/2008 عن انسحاب حزبه من الحكومة الإسرائيلية على خلفية معارضته المفاوضات مع الفلسطينيين على قضايا الحل الدائم التي انطلقت مؤخرا. في الوقت نفسه أوضح قياديون في حزب شاس أن الحزب سينسحب من الحكومة في الوقت الذي ستطرح فيه قضية القدس على طاولة المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين.

وقال ليبرمان في بداية المؤتمر الصحافي إنه اتصل هاتفيا مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، وأبلغه بقرار حزبه الانسحاب من الحكومة.

وبانسحاب "إسرائيل بيتنا" من الحكومة تبقى الأخيرة مدعومة من تحالف مؤلف من 67 عضوا في الكنيست من أصل 120 عضوا.

وترددت أنباء في إسرائيل خلال الأيام الماضية حول إمكان ضم حزب ميرتس اليساري أو حزب يهدوت هتوراة الديني المتشدد للحكومة لتعزيز التحالف الحكومي بعد انسحاب "إسرائيل بيتنا" لكن قياديين في ميرتس نفوا إمكانية الانضمام للحكومة.

واعتبر ليبرمان خلال المؤتمر الصحافي أنه لن ينتج شيء عن المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، لكنه رغم ذلك قرر الانسحاب من الحكومة معللا ذلك بأن "كل مفاوضات تجري على أساس أرض مقابل سلام تنطوي على خطأ فادح ومصيري وهي غير مفهومة بالنسبة لي، فالأرض ليست عقبة أمام السلام ولا المستوطنات ولا البؤر الاستيطانية العشوائية".

وأضاف "قبل (حرب العام) 1967 كان هنا صراع وكذلك قبل العام 1948 كان هنا صراع بين اليهود والعرب، ومن يقول إن سبب الصراع إقليمي وأرض ومستوطنات وبؤر استيطانية فإنه ببساطة يوهم نفسه والآخرين، ومن يتحدث وفقا لهذا المنظور يجلب الدمار على دولة اليهود".

وتابع "حتى لو سرنا وفقا لطرح (زعيم ميرتس) يوسي بيلين وانسحبنا لحدود 67 عندها على كل واحد منا سؤال نفسه ما الذي سيحدث في اليوم التالي؟ هل سيتوقف الصراع؟ هل سيتوقف الإرهاب؟ لا شيء سيتوقف وبعد أن ننسحب لحدود 67 سيطلب عرب إسرائيل مواطنة فلسطينية وسيستمرون في الحصول على مخصصات التأمين الوطني من دولة إسرائيل.

"في اليوم التالي ستكون هناك مطالبة، وهم لا يخفون ذلك ويقولون ذلك في الكنيست ويكتبون عن ذلك، وأقترح على جميع المحللين قراءة التصور المستقبلي الذي أصدرته لجنة المتابعة العليا للعرب في إسرائيل، سيطالبون بحكم ذاتي في الجليل والنقب ولن يعترفوا أبدا بدولة إسرائيل على أنها دولة يهودية".

وقال ليبرمان "لذلك نرفض مبدأ أرض مقابل سلام، ولذلك يجب أن يكون الحل وفقا لمبدأ تبادل الأراضي والسكان، ومن دون ذلك لا يمكن التقدم ولا يمكننا أن نقبل وجود دولة فلسطينية من دون يهودي واحد وفي المقابل أن تتحول دولة إسرائيل إلى دولة ثنائية القومية فيها أقلية (عربية) تشكل 20% من سكانها".

وأضاف أن "55% من مجمل سكان إسرائيل يؤيدون فكرة تبادل أراض وسكان وهذا الانجاز الأكبر لإسرائيل بيتنا".

واستطرد ليبرمان "مشكلتنا ليس الفلسطينيين وإنما عرب إسرائيل وإذا كنا نبحث في قضية اللاجئين فلا يوجد أي سبب ألا نبحث قضية عرب إسرائيل أيضا".

واعتبر ليبرمان أن عضوي الكنيست العربيين "أحمد طيبي ومحمد بركة بالنسبة له يشكلان خطرا (على إسرائيل) أكثر من خالد مشعل وحسن نصر الله، فهما يعملان من الداخل وبصورة منهجية من أجل هدم دولة إسرائيل كدولة يهودية وصهيونية".

من جانبه دعا النائب بركة المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية مناحيم مزوز إلى إخراج حزب "إسرائيل بيتنا" خارج القانون.

ورأى بركة في تصريحات صحافية إن أقوال ليبرمان ضده وضد الطيبي "تشكل تحريضا على القتل وهذا الرجل مصاب بإيدز العنصرية وتتوجب معالجته خارج الحلبة السياسية".

وقال الطيبي "أشعر باشمئزاز عميق من أقوال ونظريات ليبرمان وعلى المجتمع الدولي التوقف عن التعامل بتسامح مع هذا الرجل البغيض ومنع دخوله لدول ديمقراطية مثلما قاطعوا النمسا بسبب يورغ هايدر" في إشارة للزعيم اليميني في النمسا.

وقال عضو الكنيست حاييم أورون من حزب ميرتس إن "انسحاب ليبرمان بمثابة إزالة عائق أمام تقدم العملية السياسية" مع الفلسطينيين "لكن هذا لا يزال لا يضمن تنفيذ الحكومة عمليات إخلاء بؤر استيطانية وبالأساس إجراء مفاوضات جدية، فليبرمان انسحب بسبب كلمات بينما امتحان الحكومة هو بالأفعال".

كذلك دان بيلين أقوال ليبرمان وقال إن "من اعتقد أن بإمكانه إجراء عملية سياسية مع حزب كهذا في تحالفه أخطأ خطأ كبيرا وآمل أنه بعد أن حرر ليبرمان الحكومة من وجود إسرائيل بيتنا فيها سيمكن الحكومة من التقدم بصورة حقيقية في العملية السياسية والانتقال من الأقوال إلى الأفعال".

من جهة أخرى اعتبر عضو الكنيست سيلفان شالوم من حزب الليكود اليميني أن انسحاب "إسرائيل بيتنا" هو "بداية نهاية حكومة أولمرت وآمل أن يحذو (رئيس حزب العمل ووزير الدفاع إيهود) باراك حذو ليبرمان وألا يفضل بقاء الحكومة على بقايا مصداقيته الشعبية وعلى حزب شاس أيضا الانسحاب من الحكومة" التي وصفها شالوم بأنها "مقبرة".

وقال عضو الكنيست يوئيل حسون من حزب كديما الحاكم إن "ليبرمان أهدر فرصة للتأثير على الخطوات السياسية".

وأضاف حسون حول التوقعات بشأن مستقبل الحكومة أن "على رئيس الحكومة أن يفضل ضم يهدوت هتوراة على ميرتس فوجود ميرتس في الحكومة سيؤدي إلى انسحاب شاس منها على المدى البعيد وعلى كتلة كديما أن تعارض ضم ميرتس للتحالف".

وأوضح قياديون في حزب شاس أن الحزب سينسحب من الحكومة في الوقت الذي ستطرح فيه قضية القدس على طاولة المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين.

وسيجتمع رئيس الحزب ونائب رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيلي يشاي، مع أولمرت في الفترة القريبة المقبلة للاستماع إلى توضيحات بخصوص ملف القدس.

أولمرت حاول إقناع ليبرمان بعدم الانسحاب

وسعى أولمرت لإقناع ليبرمان بعدم الانسحاب من الحكومة على خلفية بدء إسرائيل مفاوضات مع الفلسطينيين على قضايا الحل الدائم، التي تشمل خصوصا اللاجئين والقدس والحدود. والتقى أولمرت مع ليبرمان يوم الثلاثاء 15/1/2008 لإقناعه بالبقاء في الحكومة.

وقال مصدر في مكتب أولمرت إن رئيس الحكومة لن يحاول إغراء ليبرمان للبقاء في الحكومة مقابل منحه مكاسب سياسية وإنه "لن نوقف المفاوضات من أجله". ونقلت صحيفة هآرتس عن أولمرت قوله لمقربين منه إنه سيعمل على دفع المفاوضات حول قضايا الحل الدائم حتى لو اضطر أن يدفع مقابل ذلك ثمناً سياسياً.

لكن وسائل إعلام إسرائيلية أفادت بأن أولمرت أبلغ ليبرمان بأنه لا يوجد سبب لانسحابه من الحكومة لأن المفاوضات على قضايا الحل الدائم مع الفلسطينيين بدأت عمليا منذ شهور وأن أولمرت سيؤكد على أنه لن يساوم في ما يتعلق بإزالة بؤر استيطانية.