محللون: أولمرت ليس قادرا على إبرام اتفاقات سياسية

"المشهد الإسرائيلي" - خاص

يشكك المحللون السياسيون الإسرائيليون في إمكانية أن ينجح رئيس الحكومة الإسرائيلي، ايهود أولمرت، في تحقيق تقدم على صعيد العملية السياسية، مع الفلسطينيين وسورية. ورأى المحلل السياسي في صحيفة هآرتس، آلوف بن، في مقال نشره اليوم، الاثنين – 1.9.2008، أنه لا يوجد لدى أولمرت، الذي يسعى للتوصل إلى "اتفاق رف" مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، الوقت الكافي لإجراء مفاوضات تفصيلية، "كما أنه يرى أن لا حاجة لذلك". فقد اقترح أولمرت اتفاق مبادئ للتسوية، يشكل أساسا، بنظره، لقيام دولة فلسطينية، وهو يعتبر أن الكرة الآن أصبحت في الملعب الفلسطيني.


وكتب بن أن أولمرت يخوض في هذه الأثناء معركتين، الأولى أمام عباس، الذي لم يعلن حتى الآن قبوله اقتراح التسوية، فيما المعركة الثانية يخوضها أمام وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، ووزير الدفاع، ايهود باراك. واضاف بن أنه ليس لدى أولمرت ما يخسره. ففي حال فشل سيكون بإمكانه الادعاء بأنه حاول صنع سلام حتى اللحظة الأخيرة من ولايته وأنه يبقي خلفه مسارا معقولا للتسوية. لكن في حال نجح أولمرت، بمعنى أن عباس وافق على اقتراح التسوية، ورأى بن أن هذا أمر مستبعد، فإن معارضيه سيواجهون مشكلة، لأن اقتراح التسوية سيحظى بدعم أميركي، كما أن ليفني وباراك لن يتمكنا من الظهور على أنهما رافضا سلام. وسيضطر وزراء حزب العمل ومعظم وزراء حزب كديما إلى تأييد "اتفاق رف" كهذا في الحكومة والكنيست وحتى لتسويقه.

وقال بن أنه لهذا السبب لا يحب باراك وليفني "مناورة" أولمرت هذه. فإذا فشل سيظهران على أنهما شريكان في الفشل. وإذا نجح، فإنه سينصرف من الحلبة السياسية كبطل قومي جلب السلام، فيما هما سيبقيان مع مظاهرات اليمين الإسرائيلي وتفكك التحالف الحكومي وانتخابات عامة قاسية يتنافسان فيها أمام رئيس الليكود، بنيامين نتنياهو، الذي سيظهرهما بأنهما تنازلا للفلسطينيين وسلما القدس لحماس وحولا تل أبيب إلى سديروت. وأضاف بن أن ليفني التي عرضت نفسها بأنها "يمينية أكثر من نتنياهو" ستفقد مصداقيتها في حال كانت موقعة على التسوية الذي يقترحها أولمرت، والقاضية بالانسحاب من 93% من مساحة الضفة الغربية واستيعاب 20 ألف لاجئ فلسطيني وإشراك جهات دولية في المفاوضات حول القدس. وتوقع الكاتب أنه في وضع كهذا ستواجه ليفني صعوبة بالفوز في الانتخابات الداخلية على رئاسة كديما خصوصا وان منافسها القوي على رئاسة الحزب، شاؤل موفاز، سيعلن معارضته لاتفاق أولمرت.

من جانبها، تقول ليفني إنه لا ينبغي الإسراع في التوصل إلى اتفاق غير كامل مع الفلسطينيين وأنه من الأجدى الاستمرار في المحادثات التفصيلية والتركيز الآن على بناء آلية لمواصلة المفاوضات في العام المقبل. كذلك يعتبر باراك أن الخلافات في مواقف الجانبين كبيرة جدا ولا تسمح بالتوصل إلى اتفاق. وأولمرت يرد على هذه الادعاءات قائلا إن باراك وليفني كانا معه في مؤتمر أنابوليس، الذي اتفق خلاله على تحقيق اتفاق بحلول نهاية العام 2008. كذلك فإن اقتراحه يستند إلى المواقف التي طرحها باراك على الفلسطينيين في كامب ديفيد وطابا في العام 2000. ويرى أولمرت أنه من الأفضل لإسرائيل أن يتم التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين ما دام الرئيس الأميركي جورج بوش لا يزال في الحكم وعدم إضاعة الوقت حتى يدرس خليفته مواد المفاوضات. كذلك يرى أولمرت أن الأفضل لإسرائيل هو التوصل إلى اتفاق مع عباس الذي قد يعتزل الحياة السياسية في مطلعه العام المقبل ويحل مكانه رئيسا من حماس، بحسب تقديرات الشاباك.

وتابع بن أنه فيما عدا ذلك فإن أولمرت يقول إنه لا يوجد سبب للقلق لأن تنفيذ "اتفاق رف" سيؤجل لعشر سنين، ولا شيء سيتغير على الأرض، لكن إسرائيل ستحظى بشرعية أمام العالم وبدعم لمطالبها الأمنية في مواجهة الدعوات المطالبة بإلغاء هويتها اليهودية وإقامة دولة ثنائية القومية، كذلك فإن "العالم" سيطالب الفلسطينيين بسلوك أفضل كشرط لتنفيذ الاتفاق.

ولفت بن إلى أنه خلافا لما تبدو عليه الأمور فإنه لا توجد فروق كبيرة بين أولمرت وليفني. فاقتراحه يقضي بأن يشكل "اتفاق رف" أساسا وحسب لمفاوضات تفصيلية تبدأ العام المقبل. وخلص بن إلى أنه في حال التوصل ل"اتفاق رف" أم لا، فإن رئيس الحكومة الإسرائيلي القادم سيجري مفاوضات مع الفلسطينيين وفقا لتوجهاته والظروف الدولية التي ستعقب الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة. وبالإمكان التوقع أنه إذا لم تواجه إسرائيل ضغوطا غير محتملة فإنها لن تتحرك من الضفة الغربية في العام المقبل أيضا.

من جهة أخرى كتب كبير المحللين السياسيين في صحيفة يديعوت أحرونوت، ناحوم برنياع، اليوم، أنه منذ اللحظة التي أعلن فيها أولمرت عن نيته الاستقالة، على اثر التحقيقات ضد بشبهة ارتكابه أعمال فساد، لم يعد يملك صلاحية إبرام اتفاقات سياسية. ولفت إلى أن صلاحياته مقلصة أكثر حتى من تلك التي كانت لدى باراك، عندما طرح تسوية في قمة طابا في العام 2000. إذ كان بإمكان باراك عندها أن يوهم نفسه بأنه سيعود إلى الحكم بعد الانتخابات في العام 2001، لكن أولمرت سينصرف إلى البيت الآن.

وأضاف برنياع أن أولمرت لن يغادر منصبه بمجرد انتخاب رئيس جديد لكديما في 17 أيلول المقبل أو بعد ذلك بأسبوع في حال جرت جولة انتخابات ثانية. ورأى الكاتب أن أولمرت سيبقى في منصبه لأسابيع وربما لشهور أخرى.

وتابع برنياع "لنفترض أن أولمرت توصل إلى استنتاج بأنه لا مفر من مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. فإنه في هذه الحالة سيدعو وزرائه الكبار ورئيس المعارضة (نتنياهو) وسيشرح أمامهم اعتباراته ويحصل على دعمهم الكامل لتنفيذ الهجوم. هكذا حدث في الماضي (لدى مهاجمة منشأة دير الزور السورية في أيلول الماضي) وهذا ما هو مطلوب أن يفعله اليوم". وأضاف أن بإمكان أولمرت محاولة دفع المفاوضات مع سورية. لكنه لن يتمكن من إنهاء المهمة لأن هذا يتطلب تعاونا سوريا ودعما أميركيا وبالأساس تمهيد متواصل وطويل للرأي العام في إسرائيل. وخلص برنياع إلى أنه في حال تمكن أولمرت حتى نهاية ولايته صيانة الدولة وحسب فهذا بحد ذاته كاف.