مصادر عسكرية تكذب رواية أولمرت أمام لجنة فينوغراد

كذبت مصادر عسكرية، وفقًا لصحيفة "معاريف"، الرواية التي عرضها رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، أمام لجنة فينوغراد، بحسب ما نشرت في صحف نهاية الأسبوع. وقالت رواية أولمرت إن القرار حول شكل الرد الإسرائيلي على عملية اختطاف جنود "تم التخطيط له منذ عدة أشهر"، في حين قالت مصادر الجيش إن ما يقوله أولمرت "غير صحيح، بكل بساطة". وقد عرضت هذه المصادر نفسها على لجنة فينوغراد بروتوكولات وشهادات تشير إلى أنه في يوم الاختطاف نفسه كانت هناك تخبطات كثيرة حول كيفية الردّ.

كما روى أولمرت للجنة، بحسب صيغة شهادته، أن رئيس الحكومة السابق، أريئيل شارون، قدّر منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2005 بأن اختطاف جنود إسرائيليين من قبل حزب الله سيدهور المنطقة إلى حرب، وذلك بعد أن حاولت هذه المنظمة اختطاف جنود في قرية الغجر في تشرين الثاني/ نوفمبر 2005. وطبقًا لشهادة أولمرت فإن شارون أمر الجيش، منذ 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2005، بتحضير بنك أهداف في مناطق مختلفة من جنوب لبنان.

وقال أحد العناصر العسكرية، الذي كان ملمًا بعملية اتخاذ القرارات في هيئة الأركان العامة، كما أنه أدلى بشهادة أمام لجنة فينوغراد، لصحيفة "معاريف" إن "رواية أولمرت غريبة جدًا". وإنه "إذا كان هناك مسبقًا قرار حول كيفية الرد، فإن الجيش الإسرائيلي لم يعرف عنه".

وأوضحت "معاريف" أن مصادر في ديوان رئيس الحكومة قالت ردًا على ذلك إن كل ما عرضه أولمرت في شهادته "استند إلى بروتوكولات وثقت محادثاته الهاتفية والأبحاث التي أجراها، وإن أقواله دقيقة تمامًا".

وكانت صحيفة "هآرتس" قد ذكرت، يوم 8/3/2007، أن الصيغة التي عرضها رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، خلال إفادته أمام لجنة فينوغراد تدل على أنه أخذ على عاتقه المسؤولية الكاملة عن شنّ حرب لبنان الثانية. وقد أفاد أولمرت بأنه منذ تسلمه لمنصبه خشي من اختطاف جنود في الشمال وأمر الجيش الإسرائيلي بالاستعداد لمواجهة مع حزب الله وأقرّ الخطط العملانية. وفي موازاة ذلك حاول دفع عملية سياسية تنطوي على انسحاب من مزارع شبعا، بهدف الحيلولة دون اندلاع حرب.

ورأى المراسل السياسي للصحيفة، ألوف بن، أن إفادة أولمرت تستدعي عدة استنتاجات هامة. بداية، أخرج أولمرت من دائرة المسؤولين عن الحرب وزير الدفاع، عمير بيرتس. فإن القرارات المبدئية تم اتخاذها قبل تسلم بيرتس لمهام منصبه وأولمرت لم يتعامل معه باعتباره عنصرًا ذا وزن وقيمة. هذا الموقف يعزز الإدعاء ضد أولمرت بشأن ارتكابه خطأ تعيين وزير دفاع عديم التجربة.

ثانيًا، أولمرت يقوّض صورة الحرب الارتجالية التي اتخذ القرار بشأنها بسرعة وتحت ضغط الأحداث. وبحسب صيغته فإن حرب لبنان الثانية جرى التخطيط لها مسبقًا، منذ فترة طويلة.

ثالثًا، تدلّ الحقائق التي تم كشفها حول ظروف شن الحرب على أن إسرائيل فوتت رؤية التغيير الإستراتيجي الهام في الجبهة اللبنانية. فإن صعود حكومة (فؤاد) السنيورة إلى الحكم، باعتبارها حبيبة الإدارة الأميركية، سلب إسرائيل القدرة على تدمير أهداف البنية التحتية للبنان، مثل الجسور ومنشآت الكهرباء. وعندما ألقى أولمرت المسؤولية على لبنان في اليوم الأول للحرب وهدّد رئيس هيئة الأركان العامة، دان حالوتس، بـ"إعادة لبنان 20 سنة إلى الوراء" لم تكن لأقوالهما أي رصيد.

رابعًا، أصيب حسن نصر الله بعمى مماثل. وفوّت رؤية التغيير الإستراتيجي الذي حصل في إسرائيل في الأشهر التي سبقت الحرب. فلقد افترض أن ما كان هو ما سيكون، وأن إسرائيل ستمتنع عن كسر أصول اللعبة. وإن حسابه الخاطئ الذي أدى إلى تفعيل منظومة الرد الإسرائيلية، كان العامل الحقيقي وراء الأزمة.