ردود فعل- تعيين فريدمان إعلان حرب على الجهاز القضائي

أثار قرار رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، الذي صادقت عليه الحكومة والكنيست، تعيين الأستاذ الجامعي في القانون البروفيسور دانيئيل فريدمان (71 عاما) وزيرا للقضاء خلفا للوزير المستقيل حاييم رامون، عاصفة من ردود الفعل في الأوساط السياسية والقضائية والإعلامية التقت كلها في اعتبار التعيين "إعلان حرب (من جانب اولمرت) على الجهاز القضائي" الذي يلاحق رئيس الحكومة وعددا من وزرائه في قضايا فساد، وسبق له أن دان وزير القضاء السابق حاييم رامون بارتكاب "عمل شائن" ضد مجندة.

ويعتبر الوزير الجديد من أشد المنتقدين للجهازين القضائي والتنفيذي ويتهمهما بمحاولة السيطرة على السلطة التشريعية وبالتدخل غير المشروع في عملها. ونشر فريدمان في العامين الأخيرين سلسلة مقالات تعرضت شخصيا الى رئيسة المحكمة العليا دوريت بينيش "على عدم أهليتها لمنصبها"، ولعدد من قضاة المحكمة العليا "التي غدت بتركيبتها الحالية الأضعف في تاريخ إسرائيل". كما انتقد بعنف ما وصفه بتدخل المحكمة العليا في قضايا سياسية وأمنية إشكالية "لا يخولها أي قانون التدخل فيها".

واعتبر نائب رئيس المحكمة العليا سابقا ميشيل حشين تعيين فريدمان رسالة خطيرة من اولمرت تهدد سلطة القانون، وقال بلهجة تهديدية إنه "سيقطع كل يد تُرفع ضد المحكمة العليا"، فيما اعتبر زميله الياهو ماتسا تعيين الشخصية الأكاديمية فريدمان وزيرا للقضاء "حلقة أخرى من الحرب الصليبية على الجهاز القضائي". وأضاف ان تعيينه وزيرا لم ينجم عن كفاءته إنما لمواقفه الناقدة للمحكمة العليا. وأضاف أن الهجوم الكاسح الذي شنه فريدمان على قضاة المحكمة العليا نجم عن دوافع شخصية بحتة "في أعقاب عدم تعيين صديقته قاضية في المحكمة العليا".

وحاول فريدمان امتصاص الهجوم الذي تعرض له في مختلف وسائل الإعلام بالقول إنه ليس في وسع وزير القضاء إحداث كل التغييرات التي يرجوها، إلاّ أن معلقين في الشؤون القضائية رأوا في التعيين بداية حرب ضروس بين الوزير والهيئات القضائية العليا في إسرائيل التي طالما حظيت بتقدير كبير في أوساط الإسرائيليين تآكل بعض الشيء في السنوات الأخيرة بفعل تدخل المحكمة العليا في قضايا سياسية لم ترق لليمين الإسرائيلي الذي رحب أمس بالأجندة التي يحملها الوزير الجديد، خصوصا لجهة الحد من صلاحيات المحكمة العليا والمستشار القضائي والمدعي العام.

واعتبرت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها تعيين فريدمان "عملية انتقام نفذها أولمرت من الجهاز القضائي على خلفية إدانة صديقه حاييم رامون".

أمّا يوسي فيرتر، معلق الشؤون الحزبية في الصحيفة، فقد كتب يقول: ثمة من يرى في قرار رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، تعيين البروفيسور دانيئيل فريدمان وزيرًا للعدل في حكومته بمثابة إعلان حرب، هذه المرة على المؤسسة القضائية الإسرائيلية. وهو يؤشر إلى رغبته في خفض قامة الحقوقيين "الذين يديرون الدولة" بواسطة التحقيقات ولوائح الاتهام والقرارات ويسوّدون عيشته بشكل شخصي. وهو أيضًا نوع من الانتقام، الانتقام لحاييم رامون. ويصعب الاعتقاد بأن رئيس الحكومة لم يستشر رامون، صديقه، بشأن هوية خليفته.

وأضاف: أمام الجهاز القضائي طريقان لمواجهة الضربة التي قد يعنيها تعيين فريدمان: الأولى- أن يتخندق وينتظر تبدّل الحكومة، والثانية أن يسرّع الإجراءات الجنائية ضد أولمرت وأن يسعى بقوة أكبر لإسقاطه، ما سيجّر أيضًا ذهاب فريدمان.

وختم: بوحي مما قاله الصحافي أوري دان عن أريئيل شارون بعد حرب لبنان الأولى يمكن القول "إن الذي لم يرغب في رامون في وزارة العدل، حصل على دانيئيل فريدمان" (دان قال بعد تقرير لجنة التحقيق حول مجزرة صبرا وشاتيلا إن الذي لا يرغب في شارون كوزير دفاع سيضطر لقبوله كرئيس حكومة).

وكان فريدمان شن في مقال نشره أخيرًا هجوما حادا على قضاة المحكمة الذين دانوا الوزير رامون بداعي أن الإدانة لم تستند الى حجج قانونية مقنعة. ووجه انتقاداته إلى المستشار القضائي والمدعي العام أيضا على تقديمهما لائحة اتهام ضد رامون، "من دون أن يكون لديهما قرائن دامغة كافية لإدانته".