إسرائيل تعترف باستخدام القنابل العنقودية خلال حرب لبنان

"المشهد الإسرائيلي":

عممت وزارة الخارجية الإسرائيلية في الثاني عشر من تموز الجاري مذكرة مطولة بعنوان "حرب لبنان الثانية بعد مرور عام عليها" اعترفت في سياقها بأن إسرائيل استعملت القنابل العنقودية في أثناء تلك الحرب لكون هذا النوع من الأسلحة "غير محظور بموجب القانون الدولي". وقالت إنّ أي "نقاش حول استعمال إسرائيل لأسلحة كهذه ينبغي أن يتركز على طريقة استعمالها بدلا من التركيز على شرعيتها".

كما أكدت هذه المذكرة أن "الهجوم الإسرائيلي على امتداد الحدود اللبنانية كان متصلا في الواقع باختطاف جندي إسرائيلي آخر، غلعاد شاليت، يوم 25 حزيران 2006، على الجانب الإسرائيلي من الحدود مع غزة".

من ناحية أخرى "شرحت" المذكرة الخلفية الواقفة خلف اعتبار إسرائيل سورية وإيران "متورطتين في إرهاب حماس وحزب الله".

وفيما يلي ما ورد في هذه المذكرة بشأن المسائل المذكورة:

هل استعملت إسرائيل أسلحة يحظرها القانون الدولي؟

يلتزم الجيش الإسرائيلي بالقيام بعمليات عسكرية من خلال الامتثال التام لقانون الصراع المسلح. وقد تضمن دليل الجيش الإسرائيلي حول قانون الصراع المسلح هذه القواعد، التي تقضي بتوجيه العمليات العسكرية ضد أهداف عسكرية فقط على أن تستعمل في ذلك أسلحة لا يمكن استخدامها إلا ضد أهداف كهذه. وبناء على ذلك، فإن عمليات الجيش الإسرائيلي موجهة ضد أهداف عسكرية مشروعة فقط (مثل الإرهابيين أنفسهم، الأماكن التي يشنون منها اعتداءاتهم ضد إسرائيل، مرافق تخدم الإرهابيين، وأهداف تساهم بصورة مباشرة في المجهود الحربي للعدو). إضافة إلى ذلك، يقضي الدليل بأنه عندما يرجح خطر إلحاق إصابات عارضة في صفوف مدنيين على الفائدة العسكرية المتوخاة (التناسب)، فانه لا يمكن القيام بالعملية العسكرية.

وفيما يتعلق بالمزاعم حول استعمال غير مشروع لقنابل عنقودية، تجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من الأسلحة غير محظور بموجب القانون الدولي، لا بموجب القانون الدولي المعتاد، ولا بموجب المعاهدة المتصلة بذلك، ولا بموجب ميثاق أسلحة جنيف (الذي تعتبر إسرائيل طرفا فيه). وتملك عشرات الدول هذا النوع من الأسلحة وقد استخدمتها، بما في ذلك، على سبيل المثال، قوات ناتو (حلف شمال الأطلسي) في صربيا وكوسوفو.

القانون الدولي لا يحظر استعمال القنابل العنقودية، وينبغي أن يتركز أي نقاش حول استعمال إسرائيل لأسلحة كهذه على طريقة استعمالها بدلا من التركيز على شرعيتها.

من الواضح بأن استعمال القنابل العنقودية، كما هي الحال بالنسبة لكافة الأسلحة، يجب أن يتم وفقا لمبادئ قانون الصراع المسلح. وفي أثناء الصراع، استعملت قنابل عنقودية كجزء من رد إسرائيل على التهديد الفريد من نوعه الذي يشكله حزب الله، وعلى وجه الخصوص، طبيعة الحملة ونطاق الهجمات الصاروخية الهائل- وبضمنها هجمات بقذائف عنقودية- ضد تجمعات سكنية إسرائيلية، وحقيقة أن راجمات الصواريخ كانت موضوعة عمدا ومموهة ببراعة في مناطق مأهولة فيها نباتات كثيفة- كل هذه كانت عوامل في اتخاذ القرار باستخدام هذا النوع من السلاح. وكان قرار استعمال القنابل العنقودية لتحييد هجمات الصواريخ لم يتخذ إلا بعد استقصاء جميع الخيارات الأخرى، وبعد أن تبين أنها أقل فاعلية في ضمان التغطية القصوى لمناطق إطلاق الصواريخ.

ومن ناحية عملية، برزت الفعالية العملية للقنابل العنقودية بوضوح، ما أدى إلى توقف الهجمات الصاروخية ضد التجمعات السكانية المدنية.

وعلى الرغم من الحاجة الملحة لمنع إطلاق الصواريخ المتواصل على إسرائيل من قبل حزب الله، أدركت إسرائيل الحاجة لاتخاذ إجراءات لتتفادى وتقلل إلى أدنى حد ممكن وقوع إصابات في صفوف المدنيين. ومن بين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل طباعة ملايين النشرات المكتوبة باللغة العربية، وإلقائها فوق مناطق مأهولة، لتشرح للسكان أنه وبسبب نشاط حزب الله، يتوجب على السكان إخلاء هذه المناطق تجنبا لإصابتهم. وقد أذيعت هذه الرسائل أيضا عبر مكبرات الصوت وعبر البث الإذاعي في محطة المشرق، التي تبث بالعربية من إسرائيل. إضافة إلى ذلك اتصل مسؤولون إسرائيليون برؤساء بلديات وبزعماء محليين في عدد من القرى لضمان إخلاء المواطنين.

كانت نيران القنابل العنقودية موجهة إلى أهداف عسكرية مشروعة، ولأسباب إنسانية وجهت معظم هذه النيران إلى مناطق مفتوحة، مع المحافظة على مسافة آمنة من المناطق المأهولة. وفي تلك الحالات التي وجهت فيها نيران قنابل عنقودية نحو أهداف عسكرية مجاورة للمناطق المأهولة، فقد كانت دائما مصوبة نحو مواقع محددة تطلق منها صواريخ على إسرائيل، وبعد اتخاذ إجراءات مشددة لإنذار المدنيين بمغادرة المنطقة. علاوة على ذلك، وفي أعقاب توقف الأعمال القتالية، سلمت إسرائيل إلى يونيفيل خرائط بالمناطق التي يشك بأنها تحتوي على ذخائر لم تتفجر، ومنها القنابل العنقودية، لكي تسهل عملية إزالة وتنظيف تلك الذخائر.

تؤكد إسرائيل على أنها، وفي جميع الأحوال، تبذل جهودا جبارة لضمان سير العمليات العسكرية بصورة تقلص إلى الحد الأدنى الأذى الذي قد يلحق بالمدنيين ويضر بممتلكاتهم.

في خضم الصراع في لبنان استخدمت إسرائيل مجموعة من الأسلحة والذخائر في إطار جهودها الرامية إلى مواجهة الخطر الإرهابي. وكانت كل الأسلحة والطريقة التي استخدمها بها الجيش الإسرائيلي تتمشى مع مبادئ القوانين الإنسانية الدولية.


هل توجد صلة في الواقع بين الجبهتين الفلسطينية واللبنانية؟

نعم، كان الهجوم على امتداد الحدود اللبنانية متصلا في الواقع باختطاف جندي إسرائيلي آخر، غلعاد شاليت، يوم 25 حزيران 2006، على الجانب الإسرائيلي من الحدود مع غزة.

في كلتا الحالتين، كانت إسرائيل ضحية لاختراق حدودها، اعتداءات على امتداد الحدود وانعدام الأمن على الحدود. وفي كلتا الجبهتين، كانت إسرائيل قد انسحبت بمحض إرادتها إلى الحدود المعترف بها دوليا. وقد أملت إسرائيل من خلال انسحابها من قطاع غزة ولبنان في أن تبدأ حقبة جديدة من التعاون والتقدم بين إسرائيل ولبنان والفلسطينيين وبقية العالم العربي. لكن بدلا من التقدم، كوفئت إسرائيل بالإرهاب.


في المؤتمر الصحافي الذي عقده بعد اعتداء 12 تموز 2006، طرح أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، قائمة طلبات الفدية مقابل إطلاق سراح الجنديين الإسرائيليين المخطوفين. وتضمنت القائمة طلبا بإطلاق سراح سجناء إرهابيين من حماس وكذلك إطلاق سراح أعضاء من حزب الله اللبناني. ويشير هذا المطلب إلى حقيقة أن مستوى التنسيق بين هاتين المجموعتين الإرهابيتين الجهاديتين لا يقتصر على التنسيق الأيديولوجي فقط بل يتعداه إلى التنسيق على صعيد العمليات أيضا. وقد برز دليل آخر على هذا التعاون عندما شنت حماس هجوما بصاروخ من عيار 122 ملم من غزة باتجاه ميناء إسرائيل الجنوبي في أشكلون. وقد أطلقت حماس هذا الصاروخ عندما أصبح وقف إطلاق النار في لبنان ساري المفعول، مشيرة بذلك إلى النية المشتركة للمنظمتين في مواصلة قصف المدنيين الإسرائيليين من أي مكان يمكنهما قصفه.

لماذا تقول إسرائيل إن سورية وإيران "متورطتان في إرهاب حماس وحزب الله"؟

توفر سورية الدعم لحزب الله. ويشمل ذلك نقل الأسلحة والذخائر والعملاء عن طريق مطار دمشق والمعابر الحدودية إلى لبنان. ولم يكن حزب الله ليستطيع العمل في لبنان دون رعاية سورية جلية.

كما تؤوي سورية في عاصمتها، دمشق، مقرات عدد من الجماعات الإرهابية الجهادية الفلسطينية. ويوفر النظام السوري الملجأ والدعم اللوجستي لزعيم حماس خالد مشعل الذي يقطن في دمشق منذ سنوات. ومن دمشق يقود مشعل الإرهابيين داخل الأراضي الفلسطينية الذين يقومون باعتداءات متواصلة ضد إسرائيل ومواطنيها، بما في ذلك قصف جنوب إسرائيل بصواريخ القسام وتسلل إرهابيين واختطاف الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليت.

إيران هي الراعي الرئيسي لحزب الله؛ فهي تزوده بالتمويل والأسلحة والتوجيهات وتمده حتى بكوادر إيرانية (الحرس الثوري- بزدران). وقد كانت معظم الصواريخ التي ضربت المدن الإسرائيلية إيرانية الصنع، ومنها صاروخ "خيبر" البعيد المدى الذي ضرب الخضيرة في سهل الشارون جنوبا. وكان الصاروخ الموجه الذي أطلق على سفينة سلاح البحرية الإسرائيلي قبالة ساحل لبنان من صنع إيراني أيضا. ويعتبر حزب الله، مجرد ذراع للنظام الجهادي في طهران.

كما لجأت إيران أيضا إلى استغلال شتى الطرق من أجل ممارسة النفوذ على منظمات إرهابية فلسطينية، منها كتائب الأقصى التابعة لفتح ومجموعة عز الدين القسام التابعة لحماس. وتقدم إيران لخلايا هاتين المجموعتين الإرهابيتين التمويل والإرشاد الفني وحتى التوجيهات العملياتية.