إسرائيل انجرّت إلى حرب لبنان الثانية دون أن تتخذ قرارًا بشأنها

نشرت "لجنة فينوغراد" التي تحقق في حرب لبنان، يوم الاثنين 25/6/2007، إفادة الوزير العماليّ السابق أوفير بينيس التي قال فيها إن الحكومة الإسرائيلية كانت تنتظر ضغطًا دوليًا لإنهاء الحرب ولذلك فإنهم لم يبحثوا في مخرج سياسي منها.

وقال بينيس للجنة إن "القيادة السياسية افترضت أنه لن يكون أمامنا متسع من الوقت للعمل ولذلك فإنه يتوجب العمل حتى يوقفونا، لكن ببساطة لم يوقفنا أحد، وهذا ما حدث. وليس فقط أن أحدا لم يوقفنا بل شجعونا ونحن بدورنا تعطرنا من هذا التشجيع".

أضاف بينيس أن إسرائيل انجرت لهذه الحرب من دون أن تتخذ قرارا بهذا الشأن "وأنا علمت بخطة الجيش الإسرائيلي للحرب من وسائل الإعلام" علما أن بينيس كان عضوا في الحكومة المصغرة للشؤون السياسية والأمنية.

وتابع أنه في مرحلة معينة تطورت نظرية مفادها "أننا علينا إلزام العالم بأن يرغمنا" على وقف الحرب وتوجيه ضربات شديدة في لبنان من أجل إثارة العالم للضغط على إسرائيل.

وقال بينيس إنه اعتقد في يوم هجوم حزب الله وأسر الجنديين الإسرائيليين في 12 تموز 2006 أن على إسرائيل الرد من أجل إعادة قدرة الردع وضرب مخازن الأسلحة التابعة لحزب الله وأنه بالإمكان إعادة الجنديين الأسيرين.

وأضاف أن الوزراء الإسرائيليين كانوا يدركون أن حزب الله سيرد على الغارات الإسرائيلية بقصف الجبهة الداخلية الإسرائيلية وتمت مطالبة الوزراء بالمصادقة على تنفيذ حملة عسكرية "شديدة لكن محدودة وليس حربا، ولا حتى حملة عسكرية واسعة النطاق بأية حال من الأحوال".

وأيد بينيس تنفيذ عملية عسكرية بعد أن تأكد وحصل على إيضاحات من رئيس الحكومة إيهود أولمرت بأن العملية ستكون جوية وليس برية "لأن تجربتنا مرة من العمليات البرية في لبنان" في إشارة إلى اجتياح لبنان في العام 1982 والذي دام 18 عاما، كما عبر عن تخوفه من أن عملية برية ستؤدي إلى سقوط مئات الجنود الإسرائيليين ومن انتقال ميدان القتال إلى مكان لا يوجد لإسرائيل تفوق فيه.

وأشار بينيس إلى أنه لم يكن يعلم بأن حزب الله أعد ملاجئ لحالة تعرضه لهجمات جوية إسرائيلية.

وأضاف أنه لو عاد الزمن إلى 12 تموز لاكتفى بقرار تنفيذ عملية عسكرية لمدة يومين.

وقال إنه "لم يكن واضحا كم من الوقت ستستمر الحملة العسكرية ويبدو لي أن رئيس الحكومة قال كلمة بهذا الخصوص، أنه ليس واضحا كيف ستتطور الأمور في المستقبل".

وأضاف أن وزراء الحكومة الإسرائيلية أخطأوا عندما اعتقدوا أنه مثلما حدث في الماضي فإن المجتمع الدولي سيلجم إسرائيل خلال بضعة أيام "وعمليا لم يفهموا أن العالم يريد أن تحارب إسرائيل إيران بواسطة الحرب ضد حزب الله واعتقد الجميع أن هذه نافذة فرص يتوجب إغلاقها في غضون أيام معدودة، وعندها وخلال الاجتماعات التي أعقبت ذلك اتضح أن لدينا دعما كبيرا وهذا الدعم كان معناه أنه لا توجد قيود زمنية".

وتابع بينيس أنه فقط في مرحلة متأخرة أدرك بعض صناع القرار المركزيين في إسرائيل أن "غياب قيود زمنية يلعب في كلا الاتجاهين وليس باتجاه واحد وأن هناك ثمنا للدعم" وبدأ البحث عن طرق لإنهاء الحرب.

وقال بينيس إنه خلال اجتماع الحكومة الإسرائيلية في 12 تموز لم تكن هناك صورة حقيقية للوضع في الجبهة الداخلية حيال تهديد إطلاق صواريخ كاتيوشا "ولا شك أن هذه المعلومات لم توضع أمام الوزراء".
ولفت إلى أن القيادة العسكرية الإسرائيلية كانت مقتنعة بأن حزب الله لن يطلق صواريخ كاتيوشا في الساعات الـ48 الأولى بينما في الواقع تم إطلاق 200 صاروخ كاتيوشا.

وأضاف بينيس أنه لم يتم عرض أية عمليات عسكرية بديلة على الوزراء فيما تمت مطالبتهم بالمصادقة على خطط عسكرية معدة سلفا "كما لم يتم عرض خرائط المخاطر أبدا رغم أن قسما منا سأل بوضوح حول ذلك".

وقال بينيس إنه لم يتمّ إطلاع الوزراء على التطورات من الناحية السياسية وأنه استمع إلى بعض هذه التطورات من وزيرة الخارجية تسيبي ليفني، التي اشتكت في إفادتها من عدم إطلاعها على التطورات خلال الحرب.

وأوضح بينيس أنه عارض تجنيد قوات الاحتياط تحسبا من أن يكون ذلك "نبوءة تحقق ذاتها" وأن تصبح الحرب واقعا.

وقال إن وزير الدفاع عمير بيرتس برر تنفيذ حملة عسكرية برية واسعة بالقول للوزراء "ما الذي يمكن فعله مع كل رجال الاحتياط هؤلاء الذين يجلسون عند الشريط الحدودي منذ ثلاثة أسابيع؟".

وأشار بينيس إلى أنه كان يتشاور مع ضباط سابقين في الجيش قبل توجهه لاجتماعات الحكومة الأمنية المصغرة أثناء الحرب.

وقال بينيس إن أولمرت بالغ في رغبته بمنع وقوع خلافات إلى درجة منع إجراء مداولات في الحكومة وأنه منع استعراض وجهات نظر مختلفة داخل القيادة العسكرية وبين القيادة العسكرية والسياسية خلال اجتماعات الحكومة الأمنية المصغرة.

وأضاف أنه امتنع عن التصويت على تنفيذ الحملة العسكرية البرية في الأيام الأخيرة للحرب وأنه كان قد عارض بشدة حملة كهذه في مداولات جرت قبل يوم واحد.

وقال بينيس إنه مارس ضغوطا على الحكومة من أجل إخلاء مدينة كريات شمونه المحاذية للحدود مع لبنان.