على ذمة "هآرتس": أولمرت يعتزم إخلاء بؤر استيطانية عشوائية في الضفة خلال شهور

أفادت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، يوم الخميس 28/6/2007، في نبأ لمراسلها السياسي ألوف بن نقلا عن مصادر سياسية إسرائيلية، بأن رئيس الحكومة إيهود أولمرت يعتزم إخلاء بؤر استيطانية عشوائية في الضفة الغربية خلال الشهور القريبة المقبلة.

وقالت المصادر ذاتها إنه "سنشهد إخلاء بؤر استيطانية خلال هذا العام" واعتبروا أن تعيين ايهود باراك مؤخرا وزيرا للدفاع سيعزّز من قدرة أولمرت على معالجة موضوع البؤر الاستيطانية.

لكن مصادر في مكتب أولمرت قالت إنه لم ينشغل بهذا الموضوع بعد.

وكان أولمرت قد أمر فور توليه منصب رئيس الحكومة في كانون الثاني من العام 2006 بإخلاء تسعة بيوت في البؤرة الاستيطانية عمونة، وقد تحولت عملية الإخلاء هذه إلى أعمال شغب من جانب مئات المستوطنين الذي احتشدوا في البؤرة لمنع الإخلاء، وامتنع على أثرها أولمرت من اتخاذ قرار بإخلاء بؤر أخرى.

وكان وزير الدفاع السابق عمير بيرتس قدم اقتراحا قبل عدة شهور بإخلاء بؤر استيطانية إلا أن أولمرت رفضه بادعاء أن "المطلوب وضع خطة شاملة" بهذا الخصوص.

غير أن المصادر السياسية الإسرائيلية قالت، بحسب "هآرتس"، إن هناك سببين لتغيّر موقف أولمرت.

وهذان السببان هما: الأول التزام إسرائيل أمام الولايات المتحدة، إذ وعدت إسرائيل، أثناء تولي أريئيل شارون رئاسة الحكومة، الإدارة الأميركية بإخلاء البؤر الاستيطانية التي أقيمت منذ آذار من العام 2001 لكن الولايات المتحدة لم تعد إلى طرح الموضوع علنا منذ تنفيذ خطة فك الارتباط في صيف العام 2005. وقالت المصادر الإسرائيلية ذاتها "إننا لا نفي بتعهداتنا للأميركيين، وحتى لو أنهم منحوا أولمرت متنفسا، فإنه يتوجب تنفيذ التعهدات".

والسبب الثاني يتعلق بالإجراءات القضائية حيث يتوقع أن تنظر المحكمة العليا الإسرائيلية في التماس قدمته حركة "سلام الآن" منذ شهر تشرين الأول 2006 لإخلاء البؤرة الاستيطانية "ميغرون"، وهي أكبر بؤرة وقد أقيمت على أرض بملكية فلسطينية خاصة قرب مدينة رام الله.

إجماع جديد

من ناحية أخرى أشار نفس المراسل السياسي لصحيفة "هآرتس"، ألوف بن، إلى أن هناك إجماعًا إسرائيليًا جديدًا بدأ بالرسوخ مؤخرًا، هو الإجماع على أنّ الانسحاب من الضفة الغربية لم يعد ممكنًا.

أضاف بن: ربما يمكن إبعاد الفلسطينيين عن الأنظار بواسطة جدار الفصل لكن لا يمكن التحرّر من السيطرة عليهم.

وتابع يقول: إنّ الجميع شركاء في هذا الاستنتاج، من كل المعسكرات ومن كل الأطياف السياسية، وفقط التبريرات مختلفة. فاليمين الأيديولوجي يرى أن المستوطنات هي فريضة دينية. وبنيامين نتنياهو يتكلم عن "جدار واق" توفره جبال يهودا والسامرة (الضفة الغربية). وإيهود أولمرت وعد بالانسحاب من الضفة وإخلاء معظم المستوطنات وتنكر للفكرة في أعقاب حرب لبنان الثانية وإطلاق صواريخ القسّام من قطاع غزة. حتى في ميرتس ما عادوا يتكلمون عن حلّ دائم وإنما فقط عن إطار نظريّ يمنح إسرائيل شرعية دولية، من منطلق الفهم بأن محمود عباس (أبو مازن) لن ينفذه. إنّ القاسم المشترك لهذه المواقف هو أنها تكرّس الوضع القائم لعشرات المستوطنات ومئات الحواجز وآلاف الجنود خلف جدار الفصل.

وأعاد بن إلى الأذهان أنه ذات مرّة قالوا إنه "ليس هناك من نتحادث معه" في الطرف الآخر. والآن يقولون إنه ليس هناك من نعيد إليه المناطق (المحتلة). وقد كان أفضل من عبّر عن ذلك الرئيس الإسرائيلي المنتخب وحامل جائزة نوبل للسلام، شمعون بيريس، الذي كتب في سياق مقالة له في صحيفة "يديعوت أحرونوت" يوم الجمعة الماضي (22/6/2007) يقول: "من غير الواضح متى سنخرج من المناطق نهائيًا". وأضاف: "حتى لو كنا جاهزين للخروج لا يوجد من نسلمه المناطق في هذه المرحلة".

وفي رأي بن يفترض غالبية الإسرائيليين، بحسب التجربة من لبنان وغزة، بأن أية منطقة يتمّ الانسحاب منها ستتحوّل إلى قاعدة لإطلاق الصواريخ صوب إسرائيل. لا غرابة إذًا في أنّ الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك) عارضا حتى إزالة حاجز واحد في الضفة الغربية خشية وقوع عمليات تفجيرية وقد استجابت المؤسسة السياسية لهما.

وأكد أنه في هذا المناخ العام من الواضح أن أي حديث بشأن "حل الدولتين" وتصريحات رئيس الحكومة في قمة شرم الشيخ بشأن "فرص جديدة" وبشأن "تسريع عملية إقامة دولة فلسطينية" هي مجرّد هراء.

واعتبر بن أنّ الأسرة الدولية شريكة في هذه التمثيلية وهي تفقد تدريجيًا اهتمامها بالنزاع. ويدلّ تأجيل خطاب الرئيس الأميركي جورج بوش، الذي هدف إلى الاحتفال بمرور خمسة أعوام على طرح "رؤياه" وإلى الكشف عن أفكار جديدة لاتفاق إسرائيلي- فلسطيني، على أنه ليس لدى بوش ما يقوله.

واختتم هذا المراسل بالقول إنّ هناك ثمنًا لتجميد الوضع في المناطق (المحتلة) بالنسبة لإسرائيل، وهو تفاقم الاقتراحات بفرض مقاطعة أكاديمية واقتصادية على إسرائيل وتكريس النزاع مع العرب والفصل المتزايد بين الأقوال والأفعال.