أحداث غزة سرّعت تعيين باراك في وزارة الدفاع

كتب أسعد تلحمي:

يؤكد قرار رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود اولمرت استعجال تعيين زعيم حزب «العمل» الجديد ايهود باراك وزيراً للدفاع بدلاً من عمير بيرتس، الأهمية التي توليها إسرائيل للتطورات الأمنية التي شهدها قطاع غزة في الأيام الأخيرة وسيطرة حركة «حماس» على الحكم وضرورة ان يكون على رأس وزارة الدفاع عسكري مرموق من وزن باراك يشاركه في اتخاذ القرارات المستوجبة ويحميه عند الحاجة من لجنة تحقيق تدينه كما حصل بعد الحرب على لبنان. كما يؤكد قبول باراك المنصب من دون مفاوضات ائتلافية كان يعتزم إجراءها لتحسين مواقع وزراء حزبه في الحكومة، إجماع الحلبة السياسية على أن لا مجال «وقت الأزمات والحروب» لخلافات ونقاشات حزبية، إنما يجب الترفع و«رص الصفوف» لمواجهة «العدو المشترك».

ومع تسليم اولمرت حقيبة الدفاع لباراك الذي سبق أن شغل هذا المنصب، فضلاً عن ماضيه العسكري الحافل وتبوئه أرفع المناصب العسكرية، فإن الأول يبلغ الإسرائيليين بأن لا مجال بعد اليوم لتذكيره بافتقاره إلى الخبرة العسكرية، على أساس أن القرارات العسكرية ستكون من الآن في يد «سيد الأمن» باراك، وانه لن تتكرر أكثر النقاشات داخل المؤسسة العسكرية أو بين هذه والمستوى السياسي حول ما يجب فعله في غزة، كما هو حاصل منذ أكثر من عام منذ تولى بيرتس الذي يفتقر إلى أدنى الخبرة العسكرية والسياسية على السواء، منصب وزير الدفاع.

وكان اولمرت وباراك اتفقا في لقائهما صباح 15/6/2007 على تعيين الثاني وزيراً للدفاع «في أسرع وقت نظراً للأوضاع في المنطقة». وتم إقرار التعيين في استفتاء هاتفي مع جميع الوزراء، ما يعتبر مصادقة من الحكومة على التعيين. وسيصوت الكنيست على التعيين مساء الاثنين 18/6/2007.

ويتوقع ان يكون باراك الوزير الأكثر حضوراً ونفوذاً في الحكومة المهزوزة، كما يصفها الإسرائيليون أنفسهم، وعلى خلفية وجود رئيس حكومة ضعيف، خصوصاً ان التعيين يتم وسط إقرار أوساط إسرائيلية بأن التطورات في القطاع أربكت المستوى السياسي وأنه يتخبط في اتخاذ القرارات الصائبة.

وإذا كانت الظروف الناشئة في أعقاب فشل الحرب الثانية على لبنان الثانية وشعور الإسرائيليين بالإحباط إزاء نتائجها، أتاحت لباراك «المكروه حتى الأمس القريب» انتزاع زعامة حزب «العمل»، فإن التطورات في غزة استدعت تعيينه على عجل وزيراً للدفاع لتفادي احتمال أن تقع الحكومة الحالية في خطأ آخر يهز إسرائيل من جديد، ما يمهد له الطريق ليثبت للإسرائيليين عبر التشدد العسكري الذي يطالبون به، أنه الزعيم البديل للزعامة الهشة للحكومة.

ولا شك في ان هذا التعيين العاجل، بعد ثلاثة أيام فقط على انتخاب باراك زعيما لحزب «العمل»، يحمل معه رسالة إلى الفلسطينيين وإلى «حماس» تحديداً بأن عهد بيرتس ولى وأن على كرسي وزير الدفاع يجلس من أعطى أوامره بقمع الانتفاضة الثانية منذ بدايتها من دون أن يتردد في اللجوء إلى أعنف الوسائل العسكرية.

ويرجح معلقون أن يسلك باراك طريق رئيس الحكومة السابق آرييل شارون التي اتسمت بـ «خطى بطيئة وهادئة وبغموض شديد، لكن وسط تكريس وتوسيع انتهاج سياسة القوة والقمع الدموية بحق الشعب الفلسطيني وسياسة تغييب وشطب دور الشريك الفلسطيني وهي السياسات التي بدأها ووضع لبناتها الأولى إيهود باراك نفسه في ولايته السابقة لرئاسة الحكومة، خصوصاً في أعقاب فشل محادثات السلام مع القيادة الفلسطينية في مؤتمر كامب ديفيد صيف العام 2000 ومن ثم في مواجهة الانتفاضة الثانية»، كما كتب المعلق في «هآرتس» يوسي فيرتر.

واعتبرت أوساط حزبية قرار اولمرت «نزع الثقة» عن بيرتس، رغم إعلان الأخير قبل أشهر نيته الاستقالة والانتقال إلى وزارة المالية في حال بقائه على رأس حزب «العمل»، لكنه لن يحظى بهذه الوزارة بعد خسارته زعامة الحزب وقد يبقى في الحكومة وزيرا بلا حقيبة. وقالت أوساط قريبة من اولمرت انه ينتظر منذ أشهر «لحظة التخلص من بيرتس» وتعيين باراك وزيراً للدفاع لإدراكه الوزن النوعي الذي يضيفه لحكومته.

من جهته، أعلن مكتب بيرتس انه بلغ رئيس الحكومة قبل أن يلتقي هذا باراك نيته مغادرة منصبه على جناح السرعة، رافضاً اعتبار القرار إطاحة. وفي وقت لاحق أعلن بيرتس استقالته من الحكومة ورفضه تسلم أية حقيبة فيها.