قيادة الجيش تعارض أجزاء من وثيقة "اختبارات التنفيذ" الأميركية

أبلغت قيادة الجيش الإسرائيلي الحكومة الإسرائيلية بمعارضتها لأجزاء مما ورد في وثيقة "اختبارات التنفيذ" الأميركية، التي تهدف إلى تخفيف القيود على حرية تنقل الفلسطينيين في الضفة الغربية. وتعتبر إسرائيل أن تنفيذ هذه الخطة سيقيّد قدرة الجيش الإسرائيلي على منع هجمات فلسطينية ضد أهداف إسرائيلية. وقدمت الولايات المتحدة قبل ثلاثة أسابيع إلى إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية جدولا زمنيا مفصلا لتنفيذ خطوات متبادلة تمنح الفلسطينيين حرية حركة أكبر في الضفة مقابل تنفيذ السلطة الفلسطينية خطوات "لتحسين الوضع الأمني".

وقال مصدر عسكري إسرائيلي حسن الإطلاع لـ"المشهد الإسرائيلي"، أمس الاثنين 14/5/2007، طالبًا عدم ذكر اسمه، إن قيادة الجيش أبلغت الحكومة بموقفها "لكن الجيش ليس الجهة التي ستقرّر موقف إسرائيل من هذه الوثيقة. والجيش يعرض موقفه من الوثيقة في أطر داخلية".

لكن المصدر أضاف أن إزالة بعض الحواجز العسكرية في الضفة الغربية "يلحق ضررًا بأمن إسرائيل. فالجيش الإسرائيلي ملزم بالدفاع عن مواطني الدولة وسيتخذ كل إجراء من أجل تعزيز حماية المواطنين الإسرائيليين. وفي هذا الإطار يعرض الجيش الإسرائيلي الاعتبارات الأمنية أمام القيادة السياسية حول كل خطوة أو إجراء، والقيادة الإسرائيلية هي التي تقرّر فيما إذا كان سيتم تنفيذ هذه الإجراءات أم لا".

وأوضح المصدر أن "اختبارات التنفيذ" تهدف إلى "إنشاء تواصل في حركة الفلسطينيين في الضفة الغربية، لكن هناك حواجز عسكرية لا يمكن إزالتها لأسباب أمنية، مثل حاجز حوارة في نابلس، خصوصا وأن الجيش الإسرائيلي ينفذ عمليات عسكرية. لذلك فإن ثمة إشكالية بإزالة حواجز".

واعتبر المصدر أن "هذه الوثيقة تطالب إسرائيل بتنفيذ خطوات عديدة، من إزالة حواجز عسكرية والسماح بتسيير قوافل بين الضفة والقطاع، فيما تكاد لا تطلب من الفلسطينيين أن ينفذوا شيئا باستثناء إيقاف إطلاق صواريخ القسّام من قطاع غزة باتجاه جنوب إسرائيل، أما في الضفة الغربية فإن الوثيقة لا تطالب الفلسطينيين بأن ينفذوا شيئا. كذلك فإن الوثيقة لا تتضمن أية وسيلة لمراقبة ما ينفذه الفلسطينيون".

وأضاف أن "إزالة الحواجز العسكرية سيمنح المسلحين الفلسطينيين حرية وسيتمكنون من التنقل، وهذا سيؤدي إلى تزايد مخاطر وقدرة هؤلاء المسلحين على تنفيذ عمليات في إسرائيل".

من جهة أخرى أشارت تقارير صحفية إسرائيلية إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، وافق على موقف الجيش من الوثيقة وخصوصا ما يتعلق بمعارضة إزالة الحواجز العسكرية في الضفة وتسيير القوافل بين الضفة والقطاع. وكان أولمرت قد عقد، الأحد الماضي، اجتماعا أمنيا بمشاركة وزير الدفاع عمير بيرتس ونائبه إفرايم سنيه للبحث في موقف إسرائيل من "اختبارات التنفيذ".

وبحسب موقف جهاز الأمن الإسرائيلي من الوثيقة والذي تبناه أولمرت فإن إسرائيل يمكنها الموافقة على تفعيل المعابر في قطاع غزة فقط، لكنها سترفض بشدة إزالة حواجز عسكرية خصوصا في منطقة نابلس. إضافة إلى ذلك تعتبر إسرائيل أن عزل الضفة عن القطاع يضع صعوبات أمام الفصائل الفلسطينية "لنقل خبرات" فيما بينها.

وشملت وثيقة "اختبارات التنفيذ" الأميركية الخطوات المتبادلة التي تقضي بأن توسع إسرائيل عمل معابر كارني وكيرم شالوم بين إسرائيل وقطاع غزة ومعبر رفح بين القطاع ومصر. كما تقضي الوثيقة الأميركية بأن تزيل إسرائيل، بدءا من يوم 1 حزيران المقبل، حواجز عسكرية أقامتها في أرجاء الضفة الغربية والسماح بتنقل قوافل شاحنات البضائع بين الضفة والقطاع وأن يبدأ تسيير هذه القوافل في موعد لا يتعدى الأول من شهر تموز المقبل.

وتطالب الوثيقة إسرائيل بالمصادقة على طلبات المنسق الأمني الأميركي، كيت دايتون، بتزويد القوات الفلسطينية الخاضعة للرئيس الفلسطيني محمود عباس بأسلحة وذخيرة وعتاد عسكري وبإعادة إنشاء مراكز التنسيق والارتباط بين الجيش الإسرائيلي وأجهزة الأمن الفلسطينية وأن تقيم أجهزة الأمن الفلسطينية مركز تنسيق وارتباط مع حرس الحدود المصري عند معبر رفح.

وبحسب "اختبارات التنفيذ" فإن قوات الأمن الفلسطينية ومستشار الأمن القومي الفلسطيني، محمد دحلان، مطالبان بتنفيذ سلسلة خطوات محددة بجدول زمني وأن يعد دحلان حتى موعد أقصاه 21 حزيران المقبل "خطة ضد صواريخ القسّام بدعم من الرئيس الفلسطيني وأن يأمر عباس بنشر قواته حتى هذا التاريخ" عند المناطق التي يطلق منها مسلحون فلسطينيون صواريخ القسّام في شمال القطاع.

وتطالب الوثيقة الأميركية الفلسطينيين بمنع عمليات تهريب الأسلحة في منطقة رفح بالتنسيق مع إسرائيل. ويتوجب على عباس ودحلان، بموجبها، أن يجعلا الأجهزة الأمنية الفلسطينية تحت سلطة عباس بالكامل بحلول 15 حزيران المقبل.

توتر مع واشنطن؟

وأدى الموقف الإسرائيلي من الوثيقة الأميركية إلى توتر مع الولايات المتحدة ظهر بقرار وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، إلغاء زيارتها لإسرائيل. وقال السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن داني أيالون لإذاعة الجيش الإسرائيلي إن "خيبة أمل رايس والأميركيين نابعة بالطبع من أداء إسرائيل مقابل الفلسطينيين" في إشارة إلى التحفظات الإسرائيلية حيال وثيقة "اختبارات التنفيذ" الأميركية.

من جانبه قال المدير السابق لمكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، المحامي دوف فايسغلاس، الذي أقام علاقات وطيدة جدا مع الإدارة الأميركية وخصوصا مع رايس، إن "رايس توصلت إلى نتيجة مفادها أن قدرة الحكومة الإسرائيلية على اتخاذ قرارات هامة في الوضع الراهن محدودة وهي بالتأكيد لا تريد تبذير الوقت".