صفة "الفشل" تسم قادة إسرائيل في حرب لبنان الثانية

قال التقرير الأولي لـ"لجنة فينوغراد" إن رئيس الحكومة الإسرائيلي، إيهود أولمرت "فشل بشكل خطير في ترجيح الرأي" أثناء حرب لبنان الثانية. كما وسم التقرير وزير الدفاع، عمير بيرتس ورئيس هيئة الأركان العامة المستقيل، دان حالوتس، بصفة الفشل.

وعقدت "لجنة فينوغراد" مؤتمرا صحافيا في القدس اليوم الاثنين 30 نيسان 2007 قرأ خلاله رئيس اللجنة، القاضي المتقاعد إلياهو فينوغراد، المقاطع المركزية من التقرير والذي تضمن انتقادات خطيرة للغاية ضد المسؤولين الإسرائيليين وأدائهم أثناء الحرب.

وقال فينوغراد إن "لجنة تحقيق عامة لا يفترض أن تستبدل الأجهزة السياسية العادية وتحديد من يتولى مناصب كمنتخب من قبل الجمهور أو كقائد عسكري كبير".

وأضاف "لقد ضمنّا التقرير الجزئي (الأولي) استنتاجات شخصية من دون توصيات شخصية، ورغم ذلك فإننا سنبحث هذه المسألة مع اقتراب موعد نشر التقرير النهائي وعلى ضوء صورة الحرب بكاملها".

ورأت لجنة فينوغراد أن "التطورات الحاصلة عند الحدود الإسرائيلية اللبنانية منذ انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان في أيار 2000 أسهمت في نشوب حرب لبنان الثانية".

وقال فينوغراد إن "هذه التطورات أدّت، بقدر كبير، إلى نشوء المعطيات التي من خلالها عمل صناع القرار في 12 تموز الماضي، وهي ضرورية لفهم أحداث الحرب وتقييمها ولكي يكون بالإمكان استخلاص العبر التي تعتبر أهميتها أكبر بكثير من أحداث حرب لبنان الثانية نفسها".

ولفت فينوغراد إلى أن التقرير يتناول القرارات التي اتخذتها القيادة الإسرائيلية منذ 12 تموز في أعقاب أسر الجنديين وحتى خطاب أولمرت في الكنيست في 17 تموز 2006، والذي حدد فيه أهداف الحرب ووصفها بأنها قرارات "مصيرية" علما أن هذه القرارات حظيت بتأييد واسع في الحكومة والجمهور والكنيست.

وقال التقرير إنه "على الرغم من ذلك فإن هذه القرارات كانت تنطوي على إخفاقات خطيرة للغاية، ونحن نلقي المسؤولية الأساسية عن هذه الإخفاقات على رئيس الحكومة (ايهود أولمرت) ووزير الدفاع (عمير بيرتس) ورئيس هيئة الأركان السابق (دان حالوتس) وقد كان لثلاثتهم إسهام شخصي حاسم في اتخاذ هذه القرارات وشكل اتخاذها. مع ذلك فإن هناك شركاء آخرين لهذه الإخفاقات وخصوصا لظروف خلفيتها".

وتابع أن "القرار بشأن ردّ عسكري وشديد لم يستند إلى خطة مفصلة كاملة ومصادق عليها يكون في أساسها فحص دقيق لمميزات الحلبة اللبنانية المعقدة، حيث كان يمكن الإدراك من هذه المميزات أن القدرة على تحقيق إنجازات عسكرية ذات تأثير سياسي كانت محدودة لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى إطلاق نار كثيف على الجبهة الداخلية التي لم يتم تجهيزها لذلك كالمطلوب، كما لم يكن ثمة رد عسكري على إطلاق النار هذا، ومن دون عملية عسكرية برية واسعة ومتواصلة كان سيكون ثمنها كبيرا والتأييد لها كان ضئيلا.

"إن هذه الصعوبات لم تُطرح أمام الحكومة، كما أن القرارات المتعلقة بشن الحرب لم تتم دراسة مجمل احتمالاتها، بما في ذلك السؤال حول ما إذا كان من الصواب استمرار انتهاج سياسة ضبط النفس عند الحدود الشمالية أو دمج خطوات سياسية مع خطوات عسكرية أو الاستعداد عسكريا من دون تنفيذ خطوات عسكرية فورية من أجل أن تحتفظ إسرائيل بكامل إمكانيات الرد لحدث الاختطاف. وبهذا كان هناك ضعف في التفكير الإستراتيجي".

وأضاف التقرير أن "التأييد للحكومة تم تحقيقه من خلال استعراض مبهم للأهداف وأشكال الرد العسكري، وهذان الأمران جعلا الوزراء يؤيدون العملية حيث صوت وزراء الحكومة مؤيدين قرارًا لم يعرفوا ولم يدركوا أهميته وإلى أين يقود، فقد قرروا الدخول في حرب من دون التفكير أيضا كيف سيتم الخروج منها.

"ولم يتم إيضاح جزء من أهداف الحرب المعلنة ولم تكن قابلة للتحقيق وبعضها ما كان بالإمكان تحقيقها بالخطط العسكرية التي تمت المصادقة عليها".

وشدد التقرير على أن "الجيش لم يبد أفكارا خلاقة في طرح بدائل ولم يحذر من عدم وجود تناسق بين سيناريوهات تطور المعارك والخطط العسكرية التي تمت المصادقة عليها ولم يطلب تعبئة قوات احتياط تسمح بتزويدها بالعتاد وتدريبها لعملية برية في حال اقتضت الحاجة، وحتى بعد اتضاح هذه الأمور للقيادة السياسية فإنها لم تناسب العملية العسكرية وأهدافها لمميزات الجبهة بل على العكس فالأهداف التي تم طرحها كانت طموحة بشكل مبالغ فيه وقيل إن القتال سيستمر حتى تحقيقها لكن الخطط العسكرية التي تمت المصادقة عليها وتنفيذها لم تتناسب مع تحقيقها".

وقال التقرير إن "المسؤولية الأساسية عن هذه الإخفاقات ملقاة على عاتق رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان المستقيل ولو كان كل واحد منهم قد عمل بشكل أفضل لكانت القرارات ونتائج الحرب مختلفة وأفضل".

إيهود أولمرت:

فيما يتعلق بأولمرت قال التقرير إن "رئيس الحكومة يتحمل المسؤولية الشخصية والرسمية، العليا والشاملة عن قرارات حكومته وعمليات الجيش، ومسؤوليته عن فشل القرارات والخروج للحرب نابعة من أدائه إذ أنه هو الذي بادر وقاد القرارات التي اتخذت.

"لقد بلور رئيس الحكومة موقفه من دون التفكير مليا ومن دون أن يتم عرض خطة عسكرية مفصلة عليه ومن دون أن يطلب عرض خطة عسكرية عليه ومن دون التطرق بشكل كاف للظروف المعقدة للجبهة اللبنانية والبدائل العسكرية والسياسية التي كانت ماثلة أمام إسرائيل وعمل من دون إجراء مشاورات منظمة مع آخرين وخصوصا من خارج الجيش على الرغم من افتقاره للخبرة في الشؤون العسكرية والسياسية ومن دون فحص شكوك عسكرية وسياسية تم طرحها قبل القرار الأول في 12 تموز.

"إن رئيس الحكومة مسؤول عن أن أهداف الحرب لم تحدد بوضوح وبحذر ولم يتم إجراء فحص منظم للعلاقة بين أهداف الحرب والخطط العسكرية التي اتخذت لتحقيقها، وكان له إسهام شخصي في أن تكون الأهداف التي تم إعلانها طموحة وغير قابلة للتطبيق، كما أن رئيس الحكومة لم يعدل خطته بعد أن اتضح أن الفرضيات الأساس للعملية العسكرية الشديدة التي نفذتها إسرائيل ليست عملية وغير قابلة للتحقيق، وكل هذا ينضم إلى فشل خطير متعلق بترجيح الرأي وإبداء المسؤولية والحذر".

عمير بيرتس:

فيما يتعلق ببيرتس قال التقرير إن "وزير الدفاع هو الوزير المسؤول عن الجيش وعضو رفيع في مجموعة القيادة للشؤون السياسية والعسكرية، ولم تكن لوزير الدفاع الخبرة والتجربة في الشؤون السياسية والأمنية والحكومية، كما لم يكن يعرف جيدا المبادئ الأساس للغاية المتعلقة باستخدام قوة عسكرية كأداة لتحقيق غايات سياسية. كذلك لم يعط وزنا كافيا لآراء متحفظة تم قولها في لقاءات شارك فيها، كما أن وزير الدفاع لم يعمل من خلال رؤية إستراتيجية للأجهزة المسؤول عنها ولم يطلب ولم يعاين خطط الجيش ولم يتأكد من استعداد وجهوزية الجيش ولم يفحص التلاؤم بين أهداف الحرب والخطط العسكرية التي تم عرضها والمصادقة عليها، وتأثيره على القرارات كان فقط في مواضيع عينية ولم يطرح ولا طلب من رئيس الحكومة فحص بدائل للتفكير فيها ولتنفيذ عمليات، كما أنه لم يطور رأيا مستقلا بخصوص انعكاسات تعقيد الجبهة.

"إن افتقاره للتجربة وللخبرة منعه من أن يدرك ماذا يعني الجيش الذي كان مسؤولا عنه، وفي كل ذلك فإن وزير الدفاع فشل في أداء مهامه ويمكن القول إن ولايته وأداءه كوزير للدفاع أثناء الحرب أضعفا قدرة الحكومة على مواجهة التحديات".

دان حالوتس:

انتقد التقرير بشدة حالوتس وقال إن "رئيس هيئة الأركان هو القائد الأعلى للجيش والمصدر الأساس للمعلومات عن الجيش وخططه وقدراته وتوصياته أمام القيادة السياسية، وضلوعه الشخصي في اتخاذ القرارات داخل الجيش وبالتنسيق مع القيادة السياسية كان مركزيا، ولم يكن رئيس الأركان السابق مستعدا ولا جاهزا للحدث المتوقع عندما وقع الاختطاف.

"لقد عمل بشكل متهور ولم يطلع القيادة السياسية على تعقيدات الجبهة ولم يستعرض أمامها معلومات وتقديرات وخططا كانت موجودة لدى الجيش في مستويات التخطيط ومصادقة بدرجات متفاوتة وكان من شأنها أن تمكن مواجهة أفضل مع المشاكل، ولم يستعرض رئيس الأركان أمام القيادة السياسية الوضع المتدني لجهوزية واستعداد الجيش لتنفيذ عملية عسكرية برية في حال اقتضى ذلك.

"والحقيقة أن مسؤولية رئيس هيئة الأركان السابق تزداد خطورة على ضوء واقع علمه بأن رئيس الحكومة ووزير الدفاع يفتقران للخبرة والتجربة الكافيتين في المواضيع ذات العلاقة وبسبب حقيقة أنه أثار لديهما انطباعا بأن الجيش مستعد وجاهز وأن لديه خططا لوضع كهذا، كما أنه لم يوفر ردا للشكوك المطروحة حيال الرد المقترح في الأيام الأولى للحرب ولم يستعرض أمام القيادة السياسية الخلافات الداخلية في الجيش فيما يتعلق بملاءمة الأهداف المعلنة مع الخطط العسكرية التي تمت المصادقة عليها.

"في كل هذه الأمور فشل رئيس هيئة الأركان في القيام بمهامه كقائد أعلى للجيش وكعامل مصيري في القيادة السياسية الأمنية وأبدى افتقارا للمهنية والمسؤولية وترجيح الرأي".