ثلث الناجين من الهولوكوست يعيشون في إسرائيل تحت خط الفقر

أحيت إسرائيل، مؤخرًا، ذكرى المحرقة اليهودية (الهولوكوست)، "الكارثة والبطولة"، وعادة ما تقع الذكرى بموجب التقويم العبري قبل أسبوع واحد من يوم إحياء إسرائيل لذكرى جنودها القتلى، الذي يسبق يوم استقلال إسرائيل بيوم واحد.

وتوجهت الأنظار هذا العام بشكل خاص إلى الأوضاع الاجتماعية التي يعيشها الناجون من النازية في إسرائيل، إذ دلت المعطيات على أن ثلثهم يعيشون دون خط الفقر.

وسبق أن دلّ استطلاع أجرته "اللجنة ضد التحريض" بين الفتيان في إسرائيل من عمر 15 عاما وحتى 18 عاما، على أن 33% من بين هؤلاء يعتقدون بشكل أو بآخر أن المحرقة قد تتكرر، في حين أن 6% من هؤلاء يقولون إن المؤشرات كبيرة لاحتمال وقوع المحرقة مجددا، أما 62% من المستطلعين فيستبعدون وقوع المحرقة مجددا.

أوضاع الناجين

بحسب المعطيات الإسرائيلية، فإنه يعيش حاليًا في إسرائيل قرابة 250 ألف شخص من الناجين من جرائم النازية، 73% منهم هم في عمر 76 عاما وما فوق.

وتقول الإحصائيات إن عدد هؤلاء كان حتى العام 2003 قرابة 327 ألف شخص، نجوا من معسكرات نازية في ألمانيا ودول وقعت تحت سيطرتها، إضافة إلى 100 ألف ناج من دول حوض البحر الأبيض المتوسط. وتضيف المعطيات أن معدل الوفيات من بين الناجين في هذه الفترة هو 300 شخص يوميا، وهذا بفعل تقدم السن والأمراض.

وحسب تقرير اجتماعي حول الظروف الاجتماعية لهؤلاء، يتبين أن 30% منهم يعيشون تحت خط الفقر، وأن 25% من الناجين الباقين على قيد الحياة في إسرائيل يضطرون دائما للاختيار ما بين شراء الدواء أو الغذاء، إضافة إلى أن 20% لا يستطيعون السفر إلى أولادهم أو الاتصال بهم نتيجة للتكاليف الباهظة، كما أن هناك 700 ناج يقيمون في مستشفيات للأمراض العقلية بسبب مشاكلهم النفسية.

ويتضح من التقرير أن المئات من الناجين من النازية في ألمانيا يغادرون إسرائيل للسكن مجددا في ألمانيا، حيث بالإمكان أن يكون مستواهم المعيشي أفضل بكثير مما هو عليه في إسرائيل، بفعل القوانين الاجتماعية لصالح المسنين والناجين من النازية.

ويقول رئيس الوكالة الصهيونية، زئيف بييلسكي، تعليقا على هذه المعطيات: "إن هذه وصمة عار حين نرى أنه بعد 60 عاما يعيش عشرات آلاف الناجين من النازية في فقر مدقع، فدولة إسرائيل قامت على معاناة هؤلاء، ولم يبق لهم الكثير من السنوات ليحيوا ويجب تخصيص الميزانيات لدعمهم اجتماعيا".

وتعيش في إسرائيل ثلاث مجموعات من الناجين من النازية.

المجموعة الأولى هم الناجون من ألمانيا، وحسب اتفاق التعويضات فإن كل واحد منهم ولد في ألمانيا أو في دولة كانت تحت سيطرتها يتقاضى ما بين 2500 شيكل إلى 4000 شيكل (من 625 إلى ألف دولار) شهريا، وهذا حسب إمكانياتهم الاقتصادية خلال عهد النازية، وكلما كان الوضع الاجتماعي أفضل ارتفعت تعويضاته، وفي الكثير من الحالات تضاف إلى هذه التعويضات تعويضات أخرى عن الأملاك وغيرها.

أما المجموعة الثانية فتضم الناجين من النازية من دول أخرى وهاجروا إلى إسرائيل حتى العام 1953، وقيمة التعويضات لهؤلاء هي اقل، إذ تبدأ التعويضات من 1020 شيكل، 255 دولارا، شهريا، وحتى 3500 شيكل، 875 دولار، شهريا في حالة العجز الكامل.

وتشمل المجموعة الثالثة أولئك الناجين من دول أخرى وهاجروا إلى إسرائيل بعد العام 1953، ويبلغ معدل التعويضات 1560 شيكل، 390 دولارا شهريا. ولكن حسب التقارير فإن أقل التعويضات تدفع لأولئك الذين هاجروا من دول الاتحاد السوفييتي السابق في سنوات التسعين من القرن الماضي، وكانوا تضرروا من جرائم النازية، حين توغلت في بعض الجمهوريات السوفييتية.

تقرير يدعو إلى تكثيف النشاط

قبل فترة تطرق التقرير السنوي لما يسمى "معهد تخطيط سياسة الشعب اليهودي"، الذي يرأسه المساعد الأسبق لوزير الخارجية الأميركي، دينيس روس، إلى قضية المحرقة، داعيا إلى تكثيف نشاط اليهود في العالم لإحياء الذكرى، والاهتمام بأن يبقى هذا الموضوع مطروحا على جدول أعمال الدول التي يتواجد فيها اليهود.

وتحت بند بعنوان "الذاكرة" دعا التقرير إسرائيل واليهود في العالم إلى عدم إسقاط مسألة "المحرقة" عن جدول أعمال جميع الدول والمجتمعات التي يعيشون فيها.

ويقول التقرير "إن الذاكرة التاريخية هي مركّب أساس ومميز خاص للهوية اليهودية، على صعيد الفرد، والصعيد العام، "تذكّر" هي وصية أساسية في اليهودية، ولها أهمية مركزية من ناحية التواصل التاريخي والشعور بالمصير المشترك، فالكارثة (المحرقة) هي إضافة مأساوية هامة لمجمل الأحداث في تاريخ الشعب وعلى الشعب أن يذكرها ويشير إليها دائما".

ويشير التقرير إلى ازدياد ظاهرة إقامة النصب التذكارية والتخليدية للمحرقة في العالم، و"لكن ممنوع أن يخفي هذا العدد الغزير من النصب التذكارية ذكر الكارثة بصفتها حدثا مركزيا في الذاكرة البعيدة للمدى لليهود ولغير اليهود معا، فمن أسباب تراجع ذكر الكارثة هو التعب من تذكر المآسي ومحفزات نفسية تميل إلى دفع الذاكرة الرهيبة جانبا".

ويحذر المعهد في تقريره من تراجع مستوى الذاكرة لدى الجيل الصاعد، وخاصة مع تلاشي الجيل الذي عايش المحرقة، ويقول: "من المفضل البحث عن أشكال جديدة للحفاظ على الذاكرة وعرضها بأشكال ملائمة للأجيال الصاعدة التي لم تعايش الكارثة، أشكال ملائمة للفرد وللمجموع". ويدعو التقرير إلى أن تكون الأساليب الجديدة قادرة على أن تعوّض الأجيال الجديدة عن عدم معايشتهم فترة المحرقة، أو معايشة أولئك الذين عايشوا المحرقة.

ويعدد التقرير ما يصفه إنجازات اليهود في أوروبا في كل ما يتعلق بالمحرقة، مثل تحديد يوم عالمي لإحياء ذكرى المحرقة، ويوم ذكرى أوروبي، وتحديد يوم أوروبي للثقافة اليهودية، يقع في يوم الأحد الأول من شهر أيلول/ سبتمبر من كل عام، والاعتراف بالحقوق القضائية لمن وصفهم التقرير بـ "ضحايا الملاحقة والتمييز المعادي لليهود"، واستعادة ممتلكات يهودية في أوروبا صودرت في الماضي، وغيرها.

Terms used:

الصهيونية