الشارع سيحدّد مصير أولمرت

لم تفعل «التصريحات الرخوة» التي أطلقتها وزيرة الخارجية تسيبي ليفني لم تفعل أي مفعول إذ نجح رئيس الحكومة إيهود اولمرت بعد ساعات من إعلان ليفني في فرملة التمرد داخل حزبه بل انتزع إصدار بيان تأييد له أجمع عليه جميع وزراء الحزب ونوابه.

وإزاء ما حصل، وفي ظل حقيقة ان الحلبة السياسية ليست مهيأة لانتخابات مبكرة يطالب بها أركان المعارضة، اتجهت الأنظار إلى رد فعل الشارع الإسرائيلي والتظاهرة التي نظمتها مساء يوم 3/5/2007 في تل أبيب حركات شعبية طالبت بانصراف «الفاشلين». ويؤكد المراقبون ان حجم المشاركة في هذه التظاهرة هو الذي سيحدد مصير اولمرت تماماً كما تسبب «الشارع» في تظاهرات مماثلة في الماضي في تنحي رئيسة الحكومة غولدا مئير بعد حرب 1973 ثم إطاحة اريئيل شارون من وزارة الدفاع عام 1982 في أعقاب حرب لبنان الأولى ومجزرة صبرا وشاتيلا.

وسعى رئيس الحكومة إلى احتواء العاصفة والأصح القول «الغبار» الذي خلّفته تصريحات ليفني رافضاً مشورة قدمها مستشاروه بإطاحة ليفني وتعيين وزير النقل شاؤول موفاز أو نائبه شمعون بيريس وزيراً للخارجية. ويرى معلقون ان اولمرت السياسي المحنك يفضل الآن تهدئة الوضع داخل حزبه لإدراكه ان المساس بليفني سيثير عددا من وزراء الحزب ضده كما قد يقيم عليه الرأي العام حيث تحظى ليفني بشعبية كبيرة. لكن الأمر الواضح هو أنه في حال نجح اولمرت في تجاوز الأزمة الحالية وفي حال لم يطالب التقرير النهائي للجنة فينوغراد، المتوقع نشره بعد ثلاثة أشهر، بتنحيته وبقي على رأس الحكومة فإنه سيعرف كيف يثأر من ليفني.

إلى ذلك، تلقى اولمرت تطمينات من ثلاثة من شركائه في الائتلاف الحكومي «شاس» و«إسرائيل بيتنا» و «المتقاعدون» إلى أنهم لن يغادروا الحكومة، فيما يبقى موقف الشريك الرابع لكن الأبرز «العمل» غامضاً بانتظار ما ستسفر عنه الانتخابات على زعامة الحزب أواخر هذا الشهر. وسيكون موقف الحزب من مسألة مواصلة الشراكة في الحكومة من عدمها رهناً بهوية الفائز إذ يتوقع المعلقون أنه في حال فاز ايهود باراك بالزعامة فإنه سيتولى فوراً منصب وزير الدفاع بينما فوز النائب عامي أيالون معناه الانسحاب من الحكومة وخلخلة أركانها. أما الزعيم الحالي للحزب وزير الدفاع عمير بيرتس فيبدو أنه لحس تهديده بالانسحاب من الحكومة كما نصحه مقربوه رغم أن أوساطه تؤكد انه ما زال يتخبط في اتخاذ القرار المناسب.

في غضون ذلك عقد البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) اجتماعاً خاصاً تناول تقرير فينوغراد. ورغم الكلام القاسي الذي وجهه أقطاب المعارضة لاولمرت ومطالبتهم باستقالته إلا أن الاجتماع لم يتعد كونه أعطى المنصة للمعارضين للتنفيس والإدلاء بتصريحات لا تؤخر ولا تقدم في شيء.

ودعا زعيم «الليكود» بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة إلى الاستقالة والذهاب إلى انتخابات برلمانية مبكرة. وقال إن حكومة اولمرت فقدت ثقة الشعب ولذلك يجب إجراء انتخابات مبكرة. وأضاف ان المطلوب الآن الاحتكام إلى الشعب «لنكون قادرين على تصحيح العيب الأبرز الذي أشار إليه تقرير فينوغراد وهو غياب قيادة خبيرة وغياب المسؤولية وفقدان القدرة على اتخاذ قرارات صعبة وإخراجها إلى حيز التنفيذ». وهاجم نتنياهو الحكومة على طريقة إدارتها الحرب على لبنان وقال انها فشلت في أمرين، الأول في القدرة على «تنفيذ إزالة الخطر المتمثل بـ «حزب الله» ثم في قراءة الواقع الذي ساد قبل الحرب». وزاد ان الحكومة الحالية أسيرة عقيدة الانسحاب الأحادي التي انهارت في الصيف الماضي. وقد جاء الانسحاب (من لبنان عام 2000) بدولة تحت الوصاية الايرانية، تقع إلى الشمال من إسرائيل (لبنان). وتابع ان هذه السياسة لم تدفع السلام وهذا السلام لن يتحقق إذا لم تكن إسرائيل قوية أمنياً وسياسياً واجتماعياً وأخلاقياً.

ورفض اولمرت الذي حضر جزءاً من الجلسة الرد على النواب وناب عنه نائبه الأول شمعون بيريس فرد على أقوال نتنياهو بأنه «فقط من لا يعمل لا يخطئ» وغمز من قناة نتنياهو بقوله ان «القائد ليس بحاجة إلى طريق فحسب إنما إلى غالبية برلمانية»، في إشارة إلى ان «الليكود» لا يتمثل في الكنيست بأكثر من 12 نائباً. وغاب عن جلسة الكنيست وزير الدفاع عمير بيرتس.