العليا: لن يُهجَّر بدو النقب من قراهم إلا إذا تم الاتفاق معهم على بديل مناسب

في أعقاب استئناف باسم 25 عائلة من وادي النعيم مثلتهم المحامية بانة شغري- بدارنة من جمعية حقوق المواطن، قررت محكمة العدل العليا الإسرائيلية تجميد أوامر الإخلاء الصادرة بحقهم لمدة عام ونصف العام، إلى أن يتم الاتفاق على حل مناسب يتلاءم مع احتياجاتهم السكنية. وكانت أذرع الدولة قد نقلت قسراً سكان وادي النعيم من أرضهم دون تعويض مناسب، إلى مكان سكناهم الحالي في سنوات الخمسين، وبدل الاعتراف بقريتهم طالبتهم بإخلائها دون إيجاد بديل سكني يتلاءم واحتياجاتهم.

وجاء في قرار قضاة المحكمة العليا أنه رغم عدم وجود مسوّغ كاف للسماح لهم باستئناف ثان على قرارات محكمة الصلح والمحكمة المركزية التي أقرت أوامر تهجير السكان من القرية، ولكن- وإدراكا من المحكمة للآثار العامة والاجتماعية والإنسانية للقرار- فقد أقرت تجميد الأوامر وأقرت إلزام دائرة أراضي إسرائيل بالامتناع عن إخلاء أي عائلة قبل الاتفاق على مكان سكن بديل، كما قررت تجميد تنفيذ الأوامر مدة سنة ونصف السنة، لاستنفاد المفاوضات بين الطرفين والتوصل إلى حل متفق عليه.

مقدمو الاستئناف يمثلون عائلات كبيرة من عشيرة العزازمة في النقب والذين رحلوا من مناطق سكناهم الأصلية في سنوات الخمسين الى وادي النعيم وبدل الاعتراف بقريتهم وربطها بالخدمات الأساسية وشبكات المياه والكهرباء وتحضير خرائط هيكلية تمكن السكان من تطوير القرية تم تجاهلهم بل وأقيمت قربهم مفاعلات "رمات حوفاف" الضارة بالبيئة وبصحتهم. ما زاد الطين بلة أن دائرة أراضي إسرائيل أمرت في العام 1990، وبعد مرور أربعين عاما على ترحيلهم من أرضهم، بتهجير عشرات السكان دون اقتراح بديل يتلاءم واحتياجاتهم ويتجاوب مع مطلب الاعتراف بهم كقرية زراعية.

في بداية هذا الصراع القضائي طلب السكان الاعتراف بالقرية ولكن الحكومة ممثلة بدائرة النهوض بالبدو اقترحت عليهم الانتقال إلى بلدة "شقيب السلام" وبالذات الى أحياء مزمع إقامتها لتركيزهم جنوب البلدة. وفي العام 2004، استجابت اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء في اللواء الجنوبي لمطلب السكان ممثلين بالمحامية بانة شغري- بدارنة من جمعية حقوق المواطن ورفضت المخطط الحكومي لهذه الأحياء بسبب قربها من المنطقة الصناعية "رمات حوفاف"، والتي تشكل خطرًا صحيًا على السكان. كما أوصت اللجنة بتغيير قرار الحكومة عرب/43، وإيجاد بدائل أخرى لموقع قرية وادي النعيم، بإشراك ممثلي السكان. ولكن وبالرغم عن التوجهات الكثيرة التي وُجّهتها جمعيتا حقوق المواطن و"بمكوم- مخططون من أجل حقوق التخطيط" باسم السكان إلى رئيس الحكومة وعدد من الوزراء المعنيين والى مؤسسات التخطيط، أوضح فيها ممثلو اللجنة المحلية للقرية اعتراضهم على ضمهم لإحدى البلدات القائمة أو تلك المخطط إقامتها، وطالبوا بإيجاد موقع بديل لقريتهم لم يبادَر حتى الآن لأي مفاوضات جدية في الموضوع.

هذا وقد أشارت المحامية شغري- بدارنة أمام المحكمة العليا إلى أن تعامل الحكومة مع سكان وادي النعيم هو تعامل يتسم بسوء النية، وذلك لأنها أصرت على التعامل مع المستأنفين كأفراد يمكن اقتلاعهم من قريتهم واقترحت عليهم بدائل فردية غير فورية وغير عملية متجاهلة واجبها اقتراح بديل مناسب للقرية ككل والتي يبلغ عدد سكانها حوالي 5 آلاف نسمة ومتجاهلة أيضًا البدائل التي اقترحها السكان أنفسهم. وأضافت شغري- بدارنة أن هذه السياسة التي تتبعها الدولة هي مس جائر بحق السكان في السكن، وتعكس تعاملاً جائراً وعنصرياً ضدهم خاصة على ضوء إقامة عشرات المزارع الفردية وتطوير المستوطنات للسكان اليهود في النقب.

ومن الجدير ذكره، أن قرار القضاة بتجميد أوامر الترحيل لمدة عام ونصف العام ينطبق أيضًا على عشرات العائلات من قريتي رخمة وعبدة.